رغم محاولات المنتج محمد حفظى عقد لقاءات مع مسئولى وزارة الأوقاف لوضع حل لأزمة فيلمه السينمائى "فرش وغطا" بطولة أسر ياسين إلا أن الأزمة لم تنفرج حتى الآن، بعد إصدار مكتب الأوقاف قرارا بمنع تصوير بعض مشاهد الفيلم داخل مسجد السيدة نفيسة بحجة أن التصوير داخل المساجد حرام، وهو ما اضطر محمد حفظى إلى اللجوء إلى أسلوب الحوار حتى يتم حل الأزمة أو يلجأ للقضاء حسبما أكد لـ "اليوم السابع".
وأكد حفظى أن منع التصوير لا يستند إلى أى أساس قانونى ولا يوجد نص قانونى أو تشريع يحرم التصوير داخل المساجد لافتا إلى أنها المرة الأولى التى يتعرض فيها لهذا الموقف.
وقال حفظى: يرفض مسئولو الأوقاف توضيح حقيقة موقفهم ويرفضون إعطائى ورقة مكتوبة بأسباب الرفض، ولا أعرف من الذى منع تصوير مشاهد الفيلم بالمسجد، وفى حالة استمرار التعنت والرفض لا أستبعد رفع دعوى قضائية ضد المسئولين، لأنى حصلت على موافقة الرقابة ووزارة الداخلية والجهات المعنية، لكننى فوجئت عندما ذهبت لإدارة الأوقاف برفضهم إعطائى الترخيص.
وانتقد المنتج ذلك التصرف، وقال إنه يهدد حرية الإبداع، وهو الأمر الذى يرفضه جميع المبدعين والفنانين، ولن يقفوا موقف المتفرجين، كما انتقد موقف بعض التيارات الدينية المتشددة من الفن.
واضطر المخرج أحمد عبد الله إلى تأجيل تصوير مشاهد مسجد السيدة نفيسة، والاكتفاء حاليا بتصوير بعض المشاهد الخارجية فى منطقة السيدة زينب، فى محاولة لانتهاء من العمل مبديا استياءه من الموقف الذى تعرض له الفيلم، خصوصا أنه لا يضم أى مشاهد خادشة للحياء وتخالف الدين الإسلامى أو تنتهك قدسية المسجد، حيث تدور أحداثه عن قصة هروب سجين ويتتبع حياته خلال الليالى الثلاث التاليين لهروبة من السجن، وأشار عبد الله إلى أن التصوير لن يعطل الصلاة والشعائر داخل المسجد حيث سيتم التصوير ما بين صلاتى العشاء والفجر.
وتضامنت العديد من الهيئات والمؤسسات السينمائية مع أسرة الفيلم حيث أصدر المركز القومى للسينما برئاسة المخرج مجدى أحمد على، بيانا أكد فيه رفضه واستياءه من قرار وزير الأوقاف بمنع تصوير بعض مشاهد الفيلم داخل المسجد، دون وجود سند قانونى، ووجود روح معادية للفن من داخل بعض المؤسسات الحكومية والثقافية.
وأعرب المركز عن رفضه قرار وزير الأوقاف، وانزعاجه من تزايد العداء الضمنى والصريح من المؤسسات الحكومية والخاصة لحرية الإبداع وممارسة الحق فى التعبير، محملا المؤسسات مسئولية تفاقم هذه الروح المعادية للفن والثقافة بتخاذلها عن اتخاذ خطوات حاسمة للتصدى لهذه الظواهر ومعالجتها.
ودعا المركز جميع النقابات الفنية والمؤسسات الثقافية ومنظمات المجتمع المدنى إلى إبداء القدر الأكبر من الصلابة للتصدى لهذه الهجمة الشرسة على الإبداع التى بدأت فى الانتشار مع صعود تيارات ظلامية ترى فى الإبداع خصما يجب هزيمته بكل الطرق والأساليب.
من جانبها نددت جبهة الإبداع المصرى بموقف وزارة الأوقاف، وأصدرت بيانا حصلت "اليوم السابع" على نسخة منه، أبدت فيه انزعاجها من قرار منع تصوير مشاهد من الفيلم رغم حصول فريق العمل على كافة التصاريح الرقابية والأمنية وتصاريح وزارة الثقافة.
ولفتت الجبهة إلى أن الأزهر أصدر منذ شهور وثيقة تاريخية فى دفاعها عن حرية الفنون وحرية الإبداع ودعت وزارة الأوقاف إلى مراجعة موقفها والتسهيل لأسرة الفيلم ولصناع الأفلام الأخرى للتصوير فى المساجد طالما أنهم استوفوا الأوراق الرسمية اللازمة من الرقابة التى لها سلطة منع أو السماح بتصوير عمل إبداعى طالما أن تلك الجهات ضامنة أن العمل لا يتعارض مع قيمنا الدينية.
رفض صناع الفيلم ما أسموه بالنظرة المريضة والمغرضة تجاه الفن المصرى، حيث قال الفنان عزت العلايلى لـ"اليوم السابع": يبدو أننا لم نتقدم بعد الثورة لأن تلك الأفعال "السيئة" تدفعنا للتأخر، وللأسف جاء الوقت الذى أصبح فيه كل شخص يفرض تشريعات على هوى نفسه دون الرجوع للمفاهيم الصحيحة" ويحلل ويحرم على مزاجه.
ووجه العلايلى العتاب واللوم الشديد إلى الذين منعوا تصوير الفيلم رافضا فكرة تحجيم الفن والحكر على ممارسة الإبداع، متسائلا لمصلحة من يتم تحجيم دور الفنون فى مصر؟
فيما وصف السيناريست الكبير بشير الديك، منع تصوير الفيلم داخل المسجد بالتخلف، مؤكدا أن هناك من يعتبر الفن رجسا من عمل الشيطان، رغم أننا نعيش فى القرن الـ21، لافتا إلى أن جميع صناع الفن فى العالم يصورن مشاهد من أفلامهم فى الأماكن المقدسة حسبما يتطلب السياق الدرامى للأعمال ولم نرى اعتراضا من قبل أى جهة دينية، وطالب السيناريست جموع المبدعين والشعب المصرى التصدى لهذه الهوجة الغبية التى يتعرض لها الفن على حد قوله.
وأضاف بشير: لم نتعرض من قبل لهذه الممارسات التى تبخس من قيمة الفن الآن حيث كان المخرجون يصورون أفلامهم فى مسجد الحسين والسيدة زينب وغيرهما من مقامات الأولياء الصالحين، ومن يعارض هذا حاليا ليس أكثر تديناً من سابقيهم، منتقدهم بقوله "هل لديهم توكيلا من ربنا بمنع التصوير فى المساجد".
واتفق مع الديك فى الرأى المخرج محمد ياسين الذى رأى أنه فى حالة إصدار قرار رسمى من الوزارة بمنع تصوير الفيلم يعتبر توجها عاما من قبل الدولة لإعادة مصر إلى عصر الظلمات، لافتا إلى أن تلك الحادثة تشير إلى أن الدولة لا ترغب فى استمرار صناعة الفن بالفترة المقبلة مطالبهم بتحديد موقفهم على الفور تجاه كافة الفنون حتى لا تؤدى تلك الأزمات المتتالية لتوقف الصناعة وتهجير صناعها خارج البلاد.
وانتقد الناقد السينمائى رفيق الصبان الموانع التى تقف حائلا بين حرية الإبداع فى مجالات الفن بصفة خاصة، ورأى أن تصوير مشاهد الفيلم فى مكان مقدس ليس جديدا على الفن أو دخيلا عليه مدللا على كلامه بروايات الأديب العالمى نجيب محفوظ التى كانت تصور معظمها فى أحياء الحسين.
من جانبها استنكرت نقابة المهن السينمائية منع وزارة الأوقاف تصوير بعض مشاهد الفيلم داخل مسجد السيدة نفيسة، واعتبر مجلس النقابة ذلك المنع بمثابة عداء صريح وواضح لعدم إعطاء الحرية الكاملة للإبداع ولتحجيم ممارسة الفن، حيث أكد مسعد فودة نقيب السينمائيين أن مجلس النقابة سيجتمع مطلع الأسبوع المقبل لبحث تلك الأزمات التى تواجه أعضاء النقابة فى الفترة الأخيرة خاصة فيما يتعلق بمنع تصوير أعمالهم فى الأماكن العامة التى تعتبر ملكا للشعب.
وشدد نقيب السينمائيين على تصدى النقابة للهجمات التى وصفها بالمضادة والتى تعمل على الحد من قيمة الفن، لافتا إلى أن المبدعين هم من يحملون لواء الثقافة والعلم والتنوير للمجتمع وليس العكس.
اشتعال أزمة منع التصوير فى المساجد..
حفظى يهدد باللجوء للقضاء بعد منع الأوقاف تصوير "فرش وغطا" بالسيدة نفيسة.. ونقيب السينمائيين: المنع بمثابة عداء صريح للإبداع.. وصناع الفيلم: الأزمة محاولة لإعادة مصر لعصور الظلمات
السبت، 17 مارس 2012 09:58 م
محمد حفظى