إذا كانت بورسعيد محتقنة وغاضبة وترفع راية عصيان فى وجه أى عقوبات تنال النادى المصرى، فهى ليست حالة فردية وإنما هى تجسيد لحالة عامة فى مصر بعد ثورة 25 يناير، حالة من رفض القانون والنظام والميل إلى الانطلاق خارج الأطر المجتمعية والنظام العام.
ويبدو أننا فهمنا الثورة «غلط»، كما لو أنها لم تكن هبة شعب لإسقاط نظام فاسد ومهترئ لم يكن قادرًا على إدارة شؤون حياتهم بكفاءة وعدالة، وتأسيس نظام بديل يشق لهم طريقًا إلى عصرهم بالعلم والعمل والمعرفة والقانون والتفكير العلمى المنظم، وتصور المصريون أن إسقاط النظام القديم يعنى التحرر من أى نظام وأى قانون، وكل فرد أو جماعة أو فئة أو تيار يعمل أو يطالب بما يريد ويصر على التنفيذ فورًا، وإلاَّ يقطع طريقًا عامّا أو يعطل سككًا حديدية أو يغلق شارعًا رئيسيّا أو يعلن الاستقلال عن مصر كما فعل أهل بورسعيد الذين رفع بعضهم أيضًا علم النادى بديلاً عن العلم القومى!
وما صنعته بورسعيد مع أزمة النادى المصرى فى «قتل» 74 شابّا مصريّا وإصابة المئات غيرهم، تصنعه طوائف مصرية كثيرة، لكن لو أخذنا بورسعيد والنادى المصرى نموذجًا تحليليّا فسوف نعرف حجم الكارثة التى تحيط بنا، بورسعيد بالغضب والاستقلال المزعوم تتنكر لجريمة مجزرة إنسانية رهيبة سالت فيها الدماء أنهارًا، كما لو أن هذه الدماء كانت ماء مالحًا.. لماذا حتى لا يعاقب النادى المصرى منظم مباراته مع الأهلى والمسؤول الأول عن حماية جماهير النادى الضيف مسؤولية كاملة لا تقل عن مسؤولية الأمن، ولو شكت إدارة النادى فى توفير هذه الحماية كان عليها أن تعلن ذلك على الرأى العام، وتحمل الأمن منفردًا المسؤولية.
ولكن العكس هو الذى حدث، وتصريحات مسؤولى النادى ملأت الجرائد قبل المباراة عن «الأمان» والالتزام والمسؤولية، ثم وقعت المذبحة النكراء فى ملعب بورسعيد، وهى أكبر جريمة فى تاريخ الألعاب جميعها.. جرائم قتل «عمد» مع سبق الإصرار والترصد لجماهير النادى الأهلى، وليس مجرد قتل خطأ من جراء التدافع والتكدس والتزاحم وحالة الفزع التى تنتاب جماهير غفيرة فتهرب عشوائيّا ويسقط البعض منها تحت الأقدام!
والمدهش ما حدث بعد الجريمة، وهو حالة النفاق التى اشتعلت فى ألسنة الجميع، بأن الجناة بلطجية قدموا من خارج بورسعيد، وبالرغم من غباء هذا المنطق واستحالته، فبورسعيد من المدن الصغيرة التى يكاد الناس يعرفون بعضهم بعضًا، والغريب يظهر فيها مثل عين الشمس، فما بالك فى استاد بورسعيد وبين جماهير النادى المصرى، ولمن لا يعرف نقول إن جماهير الكرة المعتادة على متابعة المباريات فى الملاعب معروفون لبعضهم البعض، ويجلسون جماعات جنب بعضهم البعض فى المدرجات، وأى غريب لا يمكن أن يندس بينهم دون أن يستجوبوه ويعرفوا أصله وفصله الكروى.. باختصار كانت كلها محاولات لتبرئة جمهور المصرى من ارتكاب الجريمة، لكن التحقيقات وكاميرات الفضائيات واعترافات بعض المتهمين كشفت النقاب عن الجناة، وقطعًا ليسوا هم كل جمهور المصرى، فالتعميم خطأ فادح!
لكن كل جمهور المصرى ضد فرض أى عقوبات على النادى المصرى.. وهو مطلب لا نظير له فى العالم.. فكيف يمكن تبرئة الملعب الذى وقعت فيه الجريمة وجمهور النادى الذى ارتكبها والنادى الذى نظم المباراة من العقاب؟ فى أى قانون أو عرف هذا؟ وما الدرس الذى نعطيه؟ وهل ننتظر إشعال حرب كروية عظمى بين الجماهير؟.. والأكثر غرابة التصريحات التى وردت على ألسنة بعض الشخصيات العامة البورسعيدية مثل البدرى فرغلى وأكرم الشاعر، فهى تصريحات ضد سلامة الوطن وسيادة القانون ومنطق العدالة، وتشبه تصريحات وتصرفات كثيرة فى مصر الآن، وهى أخطر ما يهدد مصر ويُعيق عودة الأمان إليها، ويحث على مزيد من الفوضى فيها!
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد دسوق
معهم كل الحق
عدد الردود 0
بواسطة:
gamal
تاخير العقوبة سبب البجاحة
عدد الردود 0
بواسطة:
ســعيد متولـى
الكثير فهـم الحـرية غلط
عدد الردود 0
بواسطة:
هشام
منتهى الحياد والموضوعية
عدد الردود 0
بواسطة:
عاطف
ما بعد الثورة
عدد الردود 0
بواسطة:
fayez
العقاب
عدد الردود 0
بواسطة:
wahid
الى الكاتب الاستاذ \ نبيل عمر
عدد الردود 0
بواسطة:
الفاهم
الاستهبال
عدد الردود 0
بواسطة:
wahid
ردا على استاذ \ نبيل عمر
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
إلى التعليق رقم ( 7 )