بشير العدل

البرلمان يستعد لتقليم أظافر الصحافة

السبت، 17 مارس 2012 09:54 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من الخطأ أن يتصور البعض أن الحياة السياسية فى بلادى مصر، تم اختزالها فى البرلمان بغرفتيه الشعب والشورى، ومن الخطأ أيضا أن يتصور فيصل سياسى، أيا كانت مرجعيته، أنه أصبح يملك أدوات وآليات إدارة الدولة لمجرد أنه حصل على ما تسمى بأغلبية المقاعد فى المجلس النيابى.

فالحياة السياسية فى مصر أعمق من ذلك بكثير، وأقوى من أن يتحكم فيها فصيل سياسى ، أو حتى قوة ثورية ، تظن فى نفسها أنها صاحبة اليد الطولى فى تغيير قواعد الحياة السياسية ، أو أنها صاحبة الأمر والنهى فى الشارع السياسى.

ولا أظن أنه من حق أى سلطة كانت، أن تتغول فى شئون سلطة أخرى، وذلك على اعتبار أننا ننظر إلى مصر جديدة تقوم على أساس الديمقراطية واحترام الآخر، وترعى مبدأ الفصل بين السلطات، ولكن الواقع الذى تعيشه بلادى مصر كشف عن أى مدى أصبحت القوى اللاعبة على الساحة أبعد ما تكون عن الديمقراطية وأنها تمارس نفس أساليب نظام مبارك الساقط.
فظنت كثير من القوى – ظن السوء – أنها تملك الحق فى فرض إرادتها ليس فقط على السلطة التنفيذية، وإنما أيضا على غيرها من السلطات خاصة السلطة القضائية ، التى أرى أنها هى التى تتحمل دفع فاتورة أخطاء حكومة الدكتور الجنزورى بل وأخطاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة.

فمن قبل تعرضت إلى هجوم من جانب السلطة التشريعية التى بدأت فى تلميحات لا تخلو من همز ولمز عن ضرورة تعديل قانون السلطة القضائية ونسيت السلطة التشريعية إنها هى التى خرجت من رحم السلطة القضائية التى كانت تمثل الحارس القانونى الذى ضمن خروج السلطة التشريعية لتمارس رقابتها على السلطة التنفيذية الجديدة وتحول الأمر فى النهاية إلى حرب خفية ما بين السلطة التشريعية والسلطة القضائية والتى بدت جولتها واضحة للعيان فى قضية التمويل الأجنبى وكيف أنها التى تدفع الضريبة.

واستمرارا فى مسلسل الفهم الخاطئ من جانب السلطة التشريعية بدأت هجوما على الصحافة والتى تمثل السلطة الرابعة فى الدولة وبدأت الهجوم بتلميحات تمثلت فى تصريحات قيادات إما بمكتب الإرشاد التابع لجماعة الإخوان المسلمين أو على لسان قياديين بحزب الحرية والعدالة والذى يمثل الجناح السياسى لجماعة الإخوان المسلمين حتى انتهى الأمر بالخروج من مرحلة التلميحات إلى التصريحات التى كان آخرها ما صدر على لسان رئيس مجلس الشورى أحمد فهمى الذى أعلن فى غير مرة أن هناك اتجاها لتغيير 48 من القيادات الصحفية مما اعتبره تدخلا سافرا فى شئون الصحافة وإن كان مجلس الشورى يرى فى نفسه الأب الشرعى للصحافة والوصى عليها فإن الصحافة، كما هو معلوم للجميع لا تخضع لأى إملاءات وسوف تظل هكذا، ولن يسمح أعضاء الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين بأن تفرض عليهم إملاءات من البرلمان بدعوى الإصلاح.

وإذا كانت جماعة الإخوان التى ترى فى نفسها أنها صاحبة الأغلبية فى البرلمان وأنها أصبحت السلطة التشريعية فى الدولة والتى يحق لها أن تعدل ما تراه معوجا فإن ما يحدث من هجوم واستهداف واضح للصحافة إنما يعبر عن اتجاه إما لتصفية حسابات قديمة مع الصحافة وإما لاحتوائها لتنفيذ أهداف سياسية بعينها وفى كلتا الحالتين نكون أمام صورة نقابة الصحفيين
محاولة مكشوفة للنيل من الصحافة واستقلالها.

موقف البرلمان ، ولا أقول جماعة الإخوان حتى لا أختزل الحياة السياسية فى فصيلها ، لا يعبر بحال من الأحوال عن اتجاه لتصحيح أوضاع وإنما يتجه نحو تصعيد مخطط مع سلطات الدولة حتى تكون السلطات كلها خاضة لفصيل سياسى معين وهو أمر إن دل على شئ فإنما يدل على أن البرلمان مازال بعيدا عن الديمقراطية ولم يفهم أعضاؤه بعد حقيقة الدور الذى يقوم به.

فمحاولة البرلمان تقليم أظافر الصحافة لن تكون ناجحة بأى مقياس يراه أعضاؤه وإنما هى محاولة وضعت نقطا على الحروف بأن هناك حالة من التربص بالصحافة باعتبارها المنارة التى تضىء الطريق أمام المواطنين وتبصرهم بحقيقة ما يدور فى الفلك السياسى ومن ثم فإن هناك اتجاها للنيل منها والحد من قدرتها وهو أمر إن دل على شئ فإنما يدل على أننا مازلنا فى حاجة إلى فهم حقيقى لما يدور على الساحة السياسية، وأن الذين صدعوا رءوسنا بالديمقراطية هم أشد أعدائها.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 4

عدد الردود 0

بواسطة:

قاهر الاوباش

راجع القانون يا افا

عدد الردود 0

بواسطة:

د.محمد

السلطة الرابعة

ده كان زمان انتم واخدين اكبر من حجمكم

عدد الردود 0

بواسطة:

هانى

تعليق

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد توفيق

برلمان فاقد الشرعية

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة