بالصور..معرض "نسيج المشهد" يعيد تقديم تشكيلى مخضرم من الستينيات

الجمعة، 16 مارس 2012 09:07 م
بالصور..معرض "نسيج المشهد" يعيد تقديم تشكيلى مخضرم من الستينيات جانب من المعرض
كتب عبد الله محمود

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يفتتح مركز رؤى 32 معرضاً فنياً لأعمال التشكيلى هانى الحورانى، تحت عنوان "نسيج المشهد"، وذلك فى السادسة من مساء الاثنين، التاسع عشر من مارس الجارى، ويستمر لمدة شهر.

ويضم المعرض نحو ستين عملاً أنجزها خلال العقد الأخير، مقدماً فيه نماذج من اختباراته ومقارباته التشكيلية، والتى حاول من خلالها قول "أشياء غير متداولة" أو قول "الأشياء ذاتها بلغة أخرى" حسب تعبيره، حيث يرى الحورانى، أن المبرر الوحيد لعودته لساحة التشكيل هو أن يكون صوتاً مختلفاً وأن يقدم إضافة ما. فالأعمال التى يقدمها هنا، عدا عن كونها محاولة ذاتية لامتلاك حيز ما "من الحرية للخروج من جو القتامة المحيط بنا" أو "للبحث عن نافذة ضوء وهواء جديد".

وأضاف الحورانى، هى أيضاً خطوة نحو العودة إلى جذوره الأولى، كأحد رسامى الستينات، واستئناف مساهمته فى الحراك التشكيلى الأردنى والعربى من خلال تقديم نماذج لاختباراته ومقارباته مع "المشهد" أو "المنظر العام" Landscapes حيث يعيد نسجه من جديد ليخلق منه عالماً حلمياً يتوزع ما بين الواقع والخيال.

ويُذكر أن هانى الحورانى (مواليد الزرقاء، 1945) تناوب على اهتمامات عدة، فقد مارس الرسم فى شبابه المبكر، وكان أحد مؤسسى "ندوة الرسم والنحت الأردنية"، وأقام خلال الستينيات ثلاثة معارض شخصية، قبل أن تجرفه حرب 1967 إلى الانغماس فى الاحتراف السياسى الذى استمر حتى مطلع التسعينيات من القرن الماضى. لكنه حتى فى هذه المرحلة الطويلة وزع اهتماماته ما بين النشاط السياسى المباشر وبين العمل البحثى الرصين، الذى نجم عنه عدة كتب مؤلفة وعشرات الأبحاث، لعل أبرزها كتابه المرجعى "التركيب الاقتصادى والاجتماعى لشرقى الأردن (1921/ 1950)"، كما أطلق مجلة "الأردن الجديد" من نيقوسيا، قبرص بين عامى 1984 و 1990، كذلك زاول العمل الإعلامى وكتابة المقالة فى الصحف اليومية العربية والأردنية.

ومع عودته للأردن عام 1989، أسس مركز الأردن الجديد للدراسات، وفى الوقت نفسه أقام معرضاً شخصياً لرسومه المائية عام 1993، ولم يلبث عشقه للتصوير الفوتوغرافى، الذى كان قد تلقى دورات تدريبية عليه فى بيروت وموسكو، أن تجلى فى سلسلة من المعارض الشخصية منذ عام 1996، حيث بلغت 14 معرضاً، كما عُرضت أعماله الفوتوغرافية فى عواصم ومدن عربية (عمان، القاهرة، الدوحة، المنامة وحلب) وعواصم غربية (جوتنبيرج- السويد والعاصمة الأمريكية واشنطون).

ويذكر أن "حورانى" لا يضع حدوداً ما بين كونه فناناً تشكيلياً ومصوراً فوتوغرافياً، وفى الواقع فإنه يلتقط صوره الفوتوغرافية بعين الرسام، وفى الوقت نفسه فإنه يرسم فى كثير من الأحيان معتمداً على نتاج أعماله الفوتوغرافية. فقد لجأ مبكراً إلى بناء لوحاته من خلال "كولاج" من صوره الفوتوغرافية والرسم بمواد مختلفة، وقام أحياناً كثيرة بطلاء صوره الفوتوغرافية، أو أضاف إليها مسحات لونية من فرشاته، وكان بذلك من أوائل الفنانين الأردنيين والعرب الذين أزالوا الحواجز بين الفوتوغراف واللوحة.

كما أنه يولى أهمية كبرى للملمس والتفاصيل وأثر الزمن على الأشياء المحيطة بنا، مثل جدران الشوارع والأبواب والنوافذ، ويحتفى بما يتركه الناس، ولاسيما الأطفال والشباب، من كتابات ورسوم على الجدران، كما يقيم اعتباراً كبيراً للمواد العادية والمتقادمة، مثل أخشاب الصناديق والأبواب والقوارب، وإلى الصدأ الذى يعلو الأجسام المعدنية، مثل أجسام السفن والسيارات القديمة والبراميل وغيرها من مخلفات المدينة.

ويشار إلى أن أعمال "حورانى" التشكيلية تقف على مسافة قريبة من عدة مدارس حديثة دون أن يندرج فى إطارها، فهو يتحرك ما بين الفن الحضرى وفنون الشارع وفنون البيئة. ويُظهر شغفاً خاصاً باللوحة المتقشفة التى تستمد جماليتها من بساطة الموضوع وغنى السطوح بالدرجات اللونية الباهتة أو الأقل سطوعاً.


وفى معرضه الأخير "نسيج المشهد" نجد قراءة تشريحية لمقاطع صخرية تمتد على السفوح الجبلية فى طريق البحر الميت باتجاه الأغوار الجنوبية، حيث تتضمن العروق الصخرية بانوراما لا نهائية من التشكيلات اللونية والتكوينات التى تتحدى خيال الفنان وحتى تسخر منه.

ومن التكوينات الصخرية التى نسج منها لوحاته انتقل حورانى فى آخر أعماله إلى أجواء جديدة، تعتمد على تحويل المشهد إلى نسيج بصرى يضم أعداداً لا نهائية من الوحدات التى تتشكل تارة على صورة عمائر وأبراج شاهقة، أو ستائر قماشية أو مشهد طبيعى. إن ما يجمعها هو أنها تنسج من الواقع والخيال، ما يبدو وكأنه عالم عضوى، حميم وغنى بالألوان.

بالإضافة إلى أن أعمال هانى حورانى الأخيرة تأتى من عدة مصادر واعية، وربما غير واعية، فهى تنحو لرسم خيالات مدينة معاصرة ذات أبراج باسقة الطول، أو أنها "أبراج" أقرب إلى عالم الأشجار التى تنمو دونما نظام مسبق وتنحنى كانحناءات الخط العربى، وهى أشكال مكونة من وحدات لا حصر لها من البقع اللونية التى تذكرنا بالنقط غير المرئية لشاشة التلفزيون، أو وحدات الصورة الرقمية التى لا عد لها، وهى كذلك تحيلنا إلى مصدر تراثى هو الفسيفساء أو الموزاييك، حيث ضربات الفرشاة، والكثافة اللونية لهذه الضربات تحل محل قطع الأحجار أو الزجاج الملونة فى اللوحة الفسيفسائية التقليدية. وكأن الأعمال تسبح ما بين مرجعيتين بصريتين، واحدة تنتمى للماضى السحيق، والأخرى تستحضر الثورة الرقمية.

إن معرض "نسيج المشهد" يهجس بخيالات ترنو إلى عمائر ومدائن لينة وقريبة إلى النفس مثل الشجر والماء والهواء، عمائر ومدائن تحاور الغابة وتنحو نحوها.

















مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة