د. مصطفى النجار يكتب: سباق الرئاسة.. من سيحكم مصر؟

الخميس، 15 مارس 2012 06:38 م
د. مصطفى النجار يكتب:  سباق الرئاسة.. من سيحكم مصر؟ د. مصطفى النجار

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بإعلان الدكتور محمد البرادعى انسحابه من سباق الرئاسة أصبح كثير من الثوار فى مأزق كبير بعد خروج مرشحهم وأحد ملهمى ثورتهم من المشهد، وتحولت الأنظار إلى المرشحين الآخرين، بحثا عن وجه آخر يكون مرشحا للثورة، وأصبحت كلمة مرشح الثورة أيقونة يبحث عنها أغلب المرشحين طمعا فى أصوات الشباب التى أصبحت تمثل رقما جديدا يستطيع تغيير المعادلة الانتخابية تماما إذا استطاع مرشح ما حشد هذه القوة التصويتية لصالحه. حتى الأيام الأخيرة الماضية كانت أغلب استطلاعات الرأى ترجح كفة السيد عمرو موسى الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية ووزير الخارجية المصرى السابق، فهو الوجه المعروف شعبيا لدى غالبية المصريين ورغم تحفظات قطاعات ثورية عليه كمرشح يرونه جزءا من النظام القديم فإنه يتمتع بشعبية كبيرة خاصة فى المحافظات وعند البسطاء الذين استطاع أن يصل إليهم فى حركة دائبة لم تنقطع، وماكينة علاقات عامة، وتسويق سياسى، انطلقت مسيرتها عقب التنحى مباشرة.

اعتمدت حملة عمرو موسى على معرفة الناس السابقة به وكانت استراتيجيتها هى تعزيز صورته كرجل دولة سابق يستطيع أن يدير شؤون البلاد، ويتمتع بعلاقات جيدة مع أغلب رؤساء وملوك الدول العربية، وكذلك إزالة الشبهات حول علاقته وولائه للرئيس السابق، وكذلك بعض القضايا التى أثيرت حوله حول علاقته بعقود تصدير الغاز لإسرائيل، وتبسيط شخصيته للمواطنين البسطاء فى المناطق الشعبية والعشوائيات بفعاليات نوعية مثل الإفطار مع سكان المقابر، وحضور فرح شعبى، والجلوس على مقهى شعبى مع الجمهور.

بدا للجميع أن عمرو موسى هو الرئيس القادم سواء خاض جولة إعادة مع مرشح آخر أو نجح فى الحسم من الجولة الأولى، ولكن مع إعلان السيد منصور حسن ترشحه للرئاسة تغير المشهد بالكامل وازدادت التوقعات غموضا حول شخص الرئيس القادم.

المشكلة التى صنعها ترشح منصور حسن للسيد عمرو موسى هى أنه سيأخذ من نفس شريحته التصويتية التى قد تفضل منصور حسن لسبب بعده عن نظام مبارك منذ خروجه من المشهد السياسى عقب اغتيال السادات، كما أنه قد يكون مرشحا مفضلا للأقباط وقطاعات ليبرالية لا تفضل عبدالمنعم أبوالفتوح بسبب خلفيته الإخوانية، ولا تفضل عمرو موسى بسبب عمله لفترة فى نظام مبارك. لكن فى نفس الوقت كان إعلان منصور حسن عن ترشحه للرئاسة متأخرا للغاية، وفتح الباب لاتهامه بأنه المرشح التوافقى بين المجلس العسكرى والإخوان، وكان ظهور اسم اللواء سامح سيف اليزل بجواره عاملا سلبيا لدى القطاعات الثورية التى ترى فى سيف اليزل رجلا مقربا من المؤسسة العسكرية بحكم تاريخه وطبيعة عمله. على الجانب الآخر وبخروج البرادعى من سباق الرئاسة بدأ نجم عبدالمنعم أبوالفتوح فى السطوع، وأخذت دوائر حملته الانتخابية تزداد بانضمام كثير من أنصار البرادعى إلى حملته، وكذلك إعلان بعض الحركات الشبابية مثل «مصرنا» ومجموعات أخرى عن دعمها له كرئيس للجمهورية، وبدأت حملته فى ترسيخ صورته الذهنية كمرشح وسطى معتدل يجمع بين كونه ذا مرجعية إسلامية تطمئن الإسلاميين، وبين آرائه المنفتحة نسبيا التى تطمئن الليبراليين والمتخوفين من مرشحين إسلاميين تقليديين مثل العوا وأبوإسماعيل.

ولكن يقف الإخوان بالمرصاد فى وجه عبدالمنعم أبوالفتوح الذين يرون أنه أبعد إليهم من مرشحين آخرين، بل وتوعدوا كل من ينضم إلى حملته من أفراد جماعة الإخوان بالفصل، ليلحق بمن تم فصلهم من شباب الإخوان الذين انضموا لحملته منذ بدايتها، وسيستمر موقف الإخوان الرافض لأبوالفتوح للنهاية، لأن نجاحه سيكون صفعة قاسية على وجه قيادة الجماعة، وسيؤدى إلى تداعيات ضخمة داخلية قد تؤثر على تماسك الإخوان مستقبلا.

كذلك لن يحظى أبوالفتوح بأصوات الأقباط الذين يعانون من حساسية بالغة لكل من ينتمى إلى الإخوان، حتى لو انشق عن الإخوان، وسيفضلون مرشحا آخر يثقون فى علمانيته وإيمانه بالدولة المدنية.

أما المشكلة الأكبر التى تواجه أبوالفتوح أنه لا يتمتع بالمعرفة الكافية فى المحافظات من الناس باستثناء بعض المحافظات بعكس عمرو موسى، مما سيفرض على حملته مضاعفة جهدها خلال الفترة القصيرة المتبقية للتعريف به خارج القاهرة، بالإضافة لمشكلة التمويل التى ستكون عاملا مهما لحسم المعركة من خلال توظيف التمويل لعملية الدعاية الانتخابية، واستخدام أكبر عدد من وسائل الدعاية المتاحة للوصول للناخبين.

يمكننا تقسيم مرشحى الرئاسة الأساسيين إلى ثلاث فئات، الأولى: المرشحون الذين شغلوا مناصب سابقة بالدولة، وهم: منصور حسن، وعمرو موسى، وأحمد شفيق، وآخرون، والثانية: مرشحون إسلاميون، مثل: العوا، وأبوالفتوح، وأبوإسماعيل، والثالثة: مرشحون محسوبون على اليسار وفرصهم فى المنافسة أضعف، ومنهم: المستشار البسطويسى، وحمدين صباحى، وأبوالعز الحريرى، وخالد على، وآخرون.

بحسابات الانتخابات نسبة الوصول لمرحلة الإعادة مرتفعة جدا بسبب التفتيت الرهيب الذى سيحدث فى الأصوات فى الجولة الأولى، وبقراءة المشهد الانتخابى الحالى -قبل إعلان الإخوان والسلفيين عن مرشحهم- ثمة مؤشرات تشير إلى أن المرشح الذى سيحجز المكان الأول فى الإعادة هو عمرو موسى، وقد يلحق به واحد من اثنين الأول حازم صلاح أبوإسماعيل، والثانى عبدالمنعم أبوالفتوح، وهذا فى حالة عدم تكتل الإخوان والسلفيين مع مرشح بعينه.

المرشح الذى يمثل مفاجأة لكل استطلاعات الرأى التى أجريت الشهور الماضية هو حازم صلاح أبوإسماعيل الذى أخذ نجمه فى الصعود بسبب مواقفه الثورية الراديكالية التى كان يعلن عنها فى جمع المليونيات، وبسبب تصريحاته النارية ضد المجلس العسكرى، كما أنه يعتمد على شعبيته التليفزونية كداعية ورجل دين كان يظهر بعدد من القنوات الدينية قبل الثورة، ولكن يبقى فى دائرة تأثير مغلقة غير قابلة للازدياد، وهى أنصاره من السلفيين والبسطاء الذين يولعون بأحاديثه الدينية ومظهره الملتزم.

أما الفريق شفيق فيبحث عن كتلته التصويتية من محبى الاستقرار وأنصار الرئيس المخلوع وبعض القطاعات التى ترى أنه رجل جيد، ولكنه ظلم بسبب صعوبة الفترة التى تولى فيها رئاسة الوزراء أيام الثورة، ولكن لن تستطيع هذه الكتل أن توصله لانتخابات الإعادة بأى حال من الأحوال.

وفى فئة المرشحين الإسلاميين يأتى الأقل نصيبا الدكتور سليم العوا الذى لم يستطع حتى الآن الحصول على دعم الإخوان ولا السلفيين، كما أن مواقفه وبعض تصريحاته خلال الشهور الماضية جاءت بالسلب على شعبيته حتى بين مؤيديه ولا يتوقع له الوصول لمرحلة الإعادة، إلا إذا حدثت مفاجأة، وأصبح هو مرشح الإخوان والسلفيين.

هناك أيضا بعض القناعات الخاطئة لدى البعض حول مدى تأثير الإخوان والسلفيين فى إنجاح مرشح بعينه، والحقيقة تؤكد أن الإخوان والسلفيين مجتمعين لا يستطيعون ضمان الفوز لمرشح بعينه مهما حشدوا له، من واقع عدد الأصوات التى حصلوا عليها بانتخابات البرلمان بغرفتيه، حيث إن تأثيرهم وحجمهم التصويتى مجتمعين لا يتجاوز %35 من الكتلة التصويتية المسجلة فى انتخابات الرئاسة، كما أن انتخابات الرئاسة وفلسفتها مختلفة كثيرا عن الانتخابات البرلمانية.

يتبقى فى النهاية إيجاز المحددات الحاسمة لحسم المعركة الانتخابية الرئاسية وهى أولا: بناء التحالفات بين مرشحين لهم فرصة وكتل تصويتية من خلال تفعيل فكرة رئيس ونواب له أو بناء فريق رئاسى متنوع لمرشح ما.

ثانيا: الحصول على تأييد مجموعات لها سلوك تصويتى موحد نسبيا، وهم الإخوان والسلفيون والأقباط والصوفيون.

ثالثا: القدرة على ضخ تمويل كبير لاستخدام كل وسائل الدعاية للترويج للمرشح خلال الوقت الضيق المتاح للدعاية.

رابعا: القدرة على حرق المنافسين سياسيا وإعلاميا من خلال الحملات السلبية التى ستشتد وتيرتها خلال الشهر الأخير من الانتخابات.

سيكون من الصعب على الناس حسم اختيارهم من الاستكشاف الأول لمرشحى الرئاسة بسبب تعددهم وتداخل الأفكار والبرامج والشعارات، ولكن ما تحتاجه مصر بكل تأكيد هو رئيس له موقف واضح من الثورة، ويعمل على استكمال تحقيق أهدافها، كذلك رئيس يمتلك سمات رجال الدولة الذين لا يأخذون الوطن إلى مغامرات، ويقودون سفينته بحكمة وحنكة ورؤية واضحة، كما تحتاج الفترة الراهنة إلى رئيس يجيد صناعة التوافق بين الأطراف المختلفة، حتى تستطيع مصر استكمال خطوات التحول الديمقراطى، وبناء النظام السياسى الجديد، وعمل توازن بين البرلمان ذى الأغلبية الإسلامية، وبين مؤسسات الدولة المختلفة.





مشاركة




التعليقات 10

عدد الردود 0

بواسطة:

احمد جابر

مقال غير موفق

عدد الردود 0

بواسطة:

أمال

اللهم ولي علينا خيارنا

عدد الردود 0

بواسطة:

رامى

انتخبناك غلط

عدد الردود 0

بواسطة:

احمد النويهى

المعركة الاخيرة

عدد الردود 0

بواسطة:

احمد

سنحيــــــــــــــــــــــــــــــــا كراما

عدد الردود 0

بواسطة:

مهندس وسام

تقييم واقعي

عدد الردود 0

بواسطة:

elbest

انت مين ؟؟؟

عدد الردود 0

بواسطة:

عادل عمر

مقال فوق الممتاز وحيادي جدا

تسلم يادكتور مصطفي

عدد الردود 0

بواسطة:

مصري

ياليت البرادعي يعود يوما !!! فأخبره بما فعلت المجالس !!!!

فوق

عدد الردود 0

بواسطة:

reda

اعجب ما في المقال

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة