"افتح قلبك مع د.هبة يس".. ضاعت أحلامى!

الخميس، 15 مارس 2012 07:03 م
"افتح قلبك مع د.هبة يس".. ضاعت أحلامى! هبة يس

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كتب (م.ش) إلى افتح قلبك يقول:
أنا شاب فى الثامنة عشرة من عمرى، أعيش فى غزة، حلم عمرى كان فى شيئين، السفر إلى الخارج، ودراسة تكنولوجيا المعلومات، كثير من أصدقائى ومعارفى استطاعوا الحصول على منح دراسية بجامعات بالخارج، وهم يتعلمون ويعملون الآن هناك، لكنى حاولت كثيرا الحصول على مثل هذه المنح ولكنى لم أوفق إلا إلى منحة إلى جامعة الجزائر، وشاء القدر أن يلغى السفر إلى الجزائر ذلك العام، كما أن قدراتنا المادية لا تسمح بتحمل تكاليف السفر والدراسة، لهذا تقبلت الأمر الواقع وبدأت فى دراسة تكنولوجيا المعلومات هنا بغزة، وبعد أن كنت طالبا مجتهدا جدا وملتزما جدا بالمرحلة الثانوية، صدمت بالدراسة فى الجامعة هنا، فلا الدراسة كما أحب، ولا المعلومات حديثة، ولا أى شىء كما كان فى خيالى، فأصبحت غير منتظم فى الدراسة، وفى الحياة عموما، فقد أصبحت أنام طوال النهار، وأسهر طوال الليل، لا أتكلم مع أحد حتى أهلى، ليس لى أى نشاط أو حياة إلا على النت، حتى أنى أجلس عليه بالتسع ساعات متواصل، وما زاد الطين بلة هو سفر صديقى الصدوق الأخير إلى الخارج للتعليم، ودعته يومها وكلى يأس فى الحياة، فها هم كل من حولى يذهبون ويتركوننى وحيدا ضائعا لا أعرف من أنا، لم أحرز تقدما فى دراستى بالطبع، ورسبت فى معظم المواد، لكنه بعد فترة أرسل لى صديقى وطمأننى أن الحياة عنده جيدة وغير مكلفة كثيرا، ولاح إلى الأمل من جديد وبدأت أرتب إلى السفر أنا وأمى دون علم أبى، لكنه رفض بتاتا عندما علم، ورجعت إلى نقطة الصفر مرة أخرى، ولكنى حولت دراستى بالجامعة إلى التجارة على أنجزها وأنجح سريعا، ولكنى وجدت نفسى حتى لا أطيق الذهاب إلى الجامعة، وازدادت عزلتى مع الوقت، ولا أرى حولى من أصادقه فالناس كلهم أصحاب مصالح الآن ولا يوجد بينهم مخلص حقيقى.

أشعر أن كل أحلامى تهدمت، وعمرى يضيع من بين يدى، لا شىء يجعلنى سعيد، أشعر بأن كل شىء ضدى، ولا أعرف ماذا أفعل؟.

وإليك أقول:
اسمح لى أن أناديك بأخى، فإن كان لى أخ أصغر فربما كان سيكون فى مثل عمرك، أتلمس لك العذر فى حالة الإحباط التى تعيشها، فكلنا نعلم كيف هو الحال فى غزة، وإن كنت لا أخفيك سرا بأن الإحباط كان سمة عامة تسود الوطن كله إلى فترة قريبة، لكنى أعتب عليك فى بعض الأشياء، وتقبل هذه الكلمات من أختك...
طالما نحن أحياء ليس أمامنا دائما سوى أحد خيارين لا ثالث لهما، إما أن نستسلم للحزن والفشل والإحباط، ونخرج من كبوة لندخل فى أختها، وهكذا سيمر بنا العمر دون أى إنجازات، إضافة إلى حالة اليأس القاتلة التى ستصبح سلوكا مزمنا لدينا، وهذا الخيار هو اختيار الشخص السلبى الذى يجيد أداء دور الضحية على الدوام وبجدارة.

أو أن نثابر ونحاول ونكافح، قد ننجح مرة وقد نفشل مرة، قد نتعب وقد نشقى، لكننا حتما وفى النهاية سنصل إلى شىء، لن تمر أعمارنا عبثا حينها، فكن على يقين (إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا)، و(إن الله مع الصابرين) والصابر هنا هو من صبر على الظروف السيئة وعلى مقاومة العالم له، وعلى الاجتهاد والكد بما فيهما من عمل مستمر، وعلى الإخفاق والفشل وتكرار المحاولة بما فيهم من اختبار لمدى تحملك وإصرارك.

من المؤكد أنك تعرف (شارلى شابلن) الممثل الكوميدى القديم، هل تعرف أنه كان يتيما؟، كبر ليجد نفسه فى ملجأ للأيتام الفقراء، وقضى جزءا كبيرا من حياته ينام على الأرصفة ولا يجد ما يشترى به رغيفا يسد به جوعه، سأله أحد الصحفيين بعدما حقق نجاحا كبيرا وذاع صيته، كيف وصلت إلى هذه المكانة بالرغم من كل ما واجته من صعاب، رد عليه قائلا (كنت دائما وفى أحلك الظروف أثق فى أنى ممثل ممتاز، وأنى حتما سأصل، لكنى لم أكن أعرف كيف وقتها، ولولا اعتقادى هذا لكنت ضعت وذهبت مع من ذهبوا إلى بالوعة النفايات).

والأمثلة غيره لا حصر لها، (هيلين كيلر) العمياء الصماء البكماء التى تعلمت القراءة والكتابة إلى أن حصلت على أرقى الدرجات العلمية فى الفيزياء والكيمياء، (طه حسين) ذلك الصبى الهزيل الكفيف ابن الأسرة الريفية الفقيرة، والذى شق طريقه بكفاحه إلى أن يصبح عميد الأدب العربى، (أوبرا وينفرى) أشهر وأغنى المذيعات فى العالم الآن، كانت تحكى أن أمها كانت تحيك لهم (أشولة) أو (جوالات) الخضروات كملابس ينامون فيها، لأنه لم يكن لديهم ما يكفى من النقود سوى لإطعامهم، انظر إليها الآن وقد أصبحت مؤسسة إعلامية مستقلة بذاتها رغم أنف كل شىء.

أين أنت من هؤلاء؟، بل أين أنت من أبناء جيلك أنفسهم الذين يعيشون معك فى نفس البلد؟، فمن المؤكد أنك تعرف من فقد أبوه أو أمه أو ربما أسرته كلها، وربما تعرف من فقد بصره أو ذراعه أو قدمه، ومن المؤكد أنك تعرف من فقد بيته وعمله وأصبح بلا مورد أو مأوى، أنا لا ألومك أو استخف بمعاناتك، ولكنى فقط أريدك أن تعرف أن الناجح ليس من لم يواجه العقبات والصعوبات قط، ولكنه هو من نجح فى مواجهتها ورغما عنها، ألم يقل ربنا فى كتابه الكريم (لقد خلقنا الإنسان فى كبد)؟، فهذا إقرار من الله بأن الانسان خلق فى هذه الدنيا ليعانى ويتعب، ثم سيأتى اليوم الذى سيجازى فيه ويرتاح من كل هذا، ولكن ليس فى الدنيا، ليس الآن.

كما أن هناك قاعدة مهمة جدا يجب أن تعرفها يا أخى، هذه القاعدة تقول: (حب ما تفعل حتى تفعل ماتحب)، شاء القدر أن تدرس فى غير المكان الذى تحب، لكن لم يكن هناك أى مانع من أن تدرس فى بلدك حتى تتغير الظروف وتتمكن من فعل ما تريد، فربما تتحسن الأحوال المادية، وربما يغير والدك رأيه لاحقا، وربما تستطيع الحصول على منحة لدراسة الماجستير أو الدكتوراه بعد تخرجك، أو ربما يحدث أى شىء، المهم أن تكون جاهزا وقتها، افعل كل ما فى وسعك حتى تكون أهلا للفرصة عندما تأتى، قلة هم من بدأوا حياتهم وأعمالهم كما يحبون، أغلبهم بدأوا بالممكن حتى أمكنهم الحصول على ما يريدون.

أما بخصوص عزلتك ووحدتك، فلا شك أن الحصول على صديق وفى أمر صعب، لكن ليكن لديك معارف، زملاء، جيران، إلى أن تتوطد علاقتك بأحدهم فتصبحوا أصدقاء يوما ما، وإلا من أين ستعرف الناس إذا لم تخالطهم من الأساس؟، وإن كنت أرى أنك تهدر على نفسك فرصة عظيمة وهى أن تصادق إخوتك، فأنت من صنعت العازل بينك وبينهم، فى حين أنه قد يكون بينهم من هو أفضل صديق لك على الإطلاق.

حب الحياة أكثر يا أخى، افتح عقلك وقلبك للنور، أنت مازلت فى صدر شبابك، والحياة لا تستمر أبدا على وتيرة واحدة، أحسن الظن بالله، اعمل كل ما فى يدك وما فى وسعك الآن، وأخيرا (تفاءلوا بالخير تجدوه).

للتواصل مع د. هبة وافتح قلبك:
h.yasien@youm7.com





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة