إذا كنت موظفاً صغيراً فأنت تتقاضى راتبك مقابل أداء عملك.. أما إذا كنت مسئولاً فأنت تتقاضى أجرك مقابل اتخاذ القرارات اللازمة لتسيير العمل.. وفى كل الأحوال هناك احتمال للخطأ، سواء كنت موظفاً صغيراً أم مسئولاً كبيراً وهذا يعنى تحمل نسبة مخاطرة أيا كانت درجتها.. فهل يعنى هذا أن من الأفضل التقاعس عن أداء العمل لتجنب تحمل المخاطرة أو المسئولية؟
فى الحقيقة إن هذا ما يحدث منذ شهور، وبالتحديد منذ الخامس والعشرين من يناير من العام الماضى.. فمنذ ذلك التاريخ تبين الخبيث من الطيب، وترسخ فى وجدان الناس أن الجزاء آت، وأن المخطئ سيحاسب، وهذا ما أرعش الذين هم فى الموقع الخطأ، والذين لا يستطيعون تحمل المسئولية.
سبب رئيسى لهذا الارتعاش والتخبط، هو أن من يملك القرار يشعر بأنه لا يملك شرعية إصداره، فضلاً عن ضعف شخصية وقلة كفاءة العديد من القيادات الحالية.
كان من المنطقى أن نصبر حين لم تكن هناك سلطة شرعية غير المجلس العسكرى الذى أكن له كل الاحترام.. لكنه ليس معقولاً الآن أن نستمر فى هذا الهزل بلا أدنى داع، ولو يوما واحداً.
أقول لمن يتساءل الآن ولِمَ العجلة؟ إن عجلة الاستثمار والإنتاج متوقفة بلا أدنى شك، لعدم وجود سلطة تنفيذية حقيقية، ولا تنخدع بالتصريحات والبيانات، فلا شىء على الأرض يتحرك، ويعرف ذلك من له احتكاك مباشر بدوائر صنع القرار.
أؤكد أن طابور البطالة يتزايد طولاً، ونزيف الاحتياطى يتآكل لسبب رئيسى هو تخاذل وتواكل مسئولين ومحافظين ووزراء يشعرون بأنه ليس لديهم سلطات، فلماذا الإبقاء عليهم تحت تلك المظلة الواهية التى لا تقى ولا تنفع ولا تسمن من جوع؟
أنا لست داعية لأحد، ولا متحدث باسم أحد، لكننى أرى أنه طالما كان هناك برلمان منتخب من الشعب الذى هو مصدر السلطة والشرعية، يجب أن يُكلَف بتشكيل الحكومة، ويدخل غمار معركته، ويظهر معدنه، ولا معنى لتأجيل ذلك مطلقاً.. وأنا متأكد أن من يملك الشرعية يملك الثقة، وهو أقدر على قيادة البلاد.. فإن أفلح فمرحبا.. وإن أخفق فله أجرين، وشكراً له، وسنختار من هو أصلح فى المرات القادمة.
حتى الأمن الذى هو قاعدة راسخة من قواعد أى وطن، وأى نهضة، سيعود طوعاً، إذا ما استلم زمام الأمور ممثلوا الشعب المنتخبون، الذين هم أقدر على التعامل مع الواقع بثقة لا تهتز.
مصر تحتاج إلى تفعيل نتائج تجربتها الديمقراطية الوليدة الآن، وليس غداً لتظهر وتنضج الثمرات.. ونحن أحوج ما نكون إلى الكف عن الكلام، وبدء العمل، ليتوقف النزيف، وننهض بمصر إلى موقعها المستحق، وهذا لن يتأتى إلا برؤية سياسية واضحة ومتكاملة، تستند إلى جدار صلب يصمد فى وجه أعاصير تلفح آفاق الوطن. هذه الرؤية يفترض أن يملكها من اختاره الشعب واصطفاه.
أناشد المجلس العسكرى أن يحتكم إلى ضرورات الواقع، وحكم المنطق والعقل، ويسند السلطة التنفيذية إلى من يستحقها، حتى يسلم المجلس العسكرى راية الوطن إلى رئيس قادم يشارك فى قيادة البلاد إلى بر الأمان.
خالد عبيد حسين يكتب: لماذا يجب أن يتنحى الجنزورى فوراً؟
الثلاثاء، 13 مارس 2012 10:03 م