محمد إبراهيم الدسوقى

لا تنتخبوا جدو

الإثنين، 12 مارس 2012 10:15 م


من أوائل المفاهيم المغلوطة الواجب والمحتم تغييرها فى ثقافتنا وتفكيرنا العقيم، إن أردنا التقدم، أن الكبار هم أصلح وأفضل من يتولى المناصب العليا، مثل الرئاسة ورئاسة الوزراء، فهذه الفلسفة المعوجة كانت سببا وراء الوجه العجوز لمصر فى عصر حسنى مبارك. فالقيادات العليا كان يتحكم فيها أشخاص بلغوا من العمر أرذله، وكانوا يعانون من أمراض الشيخوخة وما يصاحبها من وهن بدنى وعقلى ونفسى، ومن المزعج أنه ما زال بينا من يعمل لاستمرار هذا النمط، وكأن مصر لم تشهد ثورة قادها شباب فى مقتبل العمر يشكلون الشريحة الكبرى من شعب هذا البلد، وضجوا من تهمشيهم وسد منافذ الأمل أمامهم، ويتطلعون لمستقبل يبشرهم بأن اجتهادهم وعملهم الدءوب هما البوابة الملكية للترقى والصعود لاعلى المراتب.

فحينما تتأمل الشخصيات المتقدمة لخوض الانتخابات الرئاسية ـ وما أكثرهم - ستجد أن معظمهم فوق الستين والسبعين عاما، ومنهم من شغل مواقع قيادية فى النظام السابق، وبدا لى من المشهد فى مجمله أننا فى زيارة لمتحف مقتنيات أثرية من أزمنة سحيقة، ومطلوب منا تلميعها ووضعها فى بروز جديد ثم تقديمها للجمهور، فهى بضاعة راكدة أتلفها الهوا وسوء التخزين، وأحسست أيضا بأننى فى بيت من بيوت رعاية كبار السن. بخلاف أن البعض الآخر تعامل مع المقام الرئاسى باستخفاف وعبث، نعم يمكننى تفهم أن كثيرا من المصريين فتحت شهيتهم للجلوس فى قصر العروبة الذى كان حلم المرور بجواره بسلام من رابع المستحيلات، فما بالك بدخوله، غير أن هذا لا يجيز الحط من قيمة الرئاسة بتقدم مرشحين لا يملكون لا القدرة المالية ولا السياسية، وليس لديهم برامج يعتد بها للنهوض بالبلاد، ويفتقر للثقافة العامة.
إن مصر تستحق معاملتها باحترام وبطريقة تتماشى مع متغيرات أحدثتها ثورة شعبية كاسحة خلصتنا من نظام مريض لم يقو فى لحظاته الأخيرة على الوقوف على قدميه، ويلزمها رئيس قادر على تجديد شبابها وتفجير طاقات شعبها، ولن يستطع القيام بذلك سوى اليافع اليقظ موفور الصحة.

إن المصريين ينتظرون بفارغ الصبر استرداد بلادهم لوجهها النابض بالعافية، وأن يتمكن المجتمع من بلوغ المستوى الذى يستطيع فيه عدم الخوف من المغامرة بانتخاب رئيس شاب، مثلما تفعل البلدان المتقدمة، فإن أجاد ونفذ وعوده وسياساته على أكمل وجه فأهلا وسهلا به، وإن فشل نهرع لآليات الديمقراطية لاستبداله فورا، أرجوكم واستحثكم فى الرجاء أعيدوا إلى مصر نضارتها وشبابها، وأنصحكم بعدم انتخاب جدو رئيسا للبلاد.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة