أطفال مدارس «المرج» فى أحضان الموت بسبب أبراج الضغط العالى... مدرسة تقع على مسافة 3 أمتار فقط من الأبراج.. والأخرى تتدلى على سورها أسلاك الكهرباء

الأحد، 11 مارس 2012 09:04 ص
أطفال مدارس «المرج» فى أحضان الموت بسبب أبراج الضغط العالى... مدرسة تقع على مسافة 3 أمتار فقط من الأبراج.. والأخرى تتدلى على سورها أسلاك الكهرباء زبالة وكهرباء وأمراض تحاصر تلاميذ مدارس المرج
تحقيق هدى زكريا _ تصوير دينا رومية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الأطباء يؤكدون: المسافة غير كافية وتسبب للأطفال الصرع وسرطان الدم.. والأهالى: أودلانا نوعان: إما مشوهون.. أو بلهاء

جلس وحيدا داخل العربة المكشوفة، يضرب كفا على كف ويتمتم بكلمات غير مفهومة، تتبدل ملامح وجهه بين الحين والآخر، فتارة يغضب، وتارة يبتسم عندما يرى الناس تهرول تجاه العربة التى يستقلها، فيعلم وقتها فقط أنها ستنطلق به إلى منزله فى الموعد المحدد له حتى لا تقلق عليه والدته التى تضبط ساعة المنزل على توقيت عودته من المدرسة فى الثانية ظهرا.

«محى مختار» طفل لم يتعد عمره عشرة أعوام، يمسك بطرف «الجاكيت» الذى يرتديه ويضمه إلى صدره مرددا بصوت عالٍ: «أنا ما بخافش فى حياتى غير من الكهرباء والموتوسيكلات». فى طريقه إلى المنزل، حاول مختار أن يلقى النكات على ركاب العربة، لينسى بذلك الحادثة التى وقعت أمام بيته فى شارع محمد نجيب بمنطقة المرج - أحد أحياء محافظة القاهرة - عندما تشاجر عدد من الشباب وقام أحدهم بإطلاق النار فى الهواء مصيبا أحد أسلاك التيار الكهربائى، فسقط على جسد شاب لقى مصرعه فى الحال.

الطفل مختار يعتبر أن الموت صعقا بالكهرباء شىء طبيعى يطول كل من يسكن فى منطقته آجلا أم عاجلا، فعلى الرغم من حداثة سنه، فإنه على وعى تام بأضرار أبراج الضغط العالى التى تحيط بمنزله ومدرسته الابتدائية، كحال باقى منازل ومدارس المنطقة، قائلا عنها بوعى شديد: «أنا عارف أن الكهربا دى بتأثر على مخنا مش بس كده دى كمان ممكن تجيبلنا شلل لكن هنعمل إيه إن شاء الله هيشيلوها من هنا قبل ما نموت».

يكفى أن تطأ قدماك منطقة المرج، لتتعرف على القاسم المشترك الذى يجمع بين شوارع ومساكن المنطقة، وهو أسلاك الكهرباء التى تتدلى من «البلاكونات»، هناك فور أن تسأل عن المدارس التى تقع بالقرب من أبراج الضغط العالى ترى الأهالى يسارعون لإجابتك، أحدهم يشير إلى إحدى المدارس الخاصة الموجودة فى شارع عبدالله الرفاعى، والآخر يتجه بك نحو مدرسة أخرى خاصة أيضا تقع فى شارع محمد نجيب.

المدرسة الأولى مخصصة لمرحلة رياض الأطفال والتعليم الأساسى، لم يكتمل بناء أدوارها بعد على الرغم من أنه تم إنشاؤها منذ عشر سنوات، كما يقول أحد العاملين فيها طلب عدم ذكر اسمه، فى الوقت الذى منحتها مديرية القاهرة التعليمية، الترخيص المبدئى لبدء الدراسة فيها لحين استكمال بنائها، دون التأكد من أن هذه المدرسة تتبع الإرشادات الوقائية اللازمة لحماية الأطفال والعاملين فيها من أضرار أسلاك الضغط العالى، واستمر الوضع على هذا النحو حتى جاءت هيئة الأبنية التعليمية بدلا من مديريات التربية والتعليم فى تولى مسؤولية الإشراف على عملية إنشاء المدارس، واشترطت على تلك المدرسة حتى تقوم بمنحها الترخيص الكلى أن تبنى عازلا علويا لحماية الأطفال من مخاطر الموجات الكهرومغناطيسية المنبعثة من ابراج الضغط العالى، وحددت مسافة 25 مترا ونصف المتر عرضا كبعد مبدئى بين المدرسة وأسلاك الضغط العالى بهدف حماية الأطفال الذين هم الأكثر تأثرا بأضرارها حسبما أكد أحد المعلمين فى المدرسة، ولكن هذا الشرط جاء متأخرا للغاية لأن المدرسة قامت بوضع أساسها بالفعل وأصبحت الجهة الخلفية منها تبعد فقط مسافة 3 أمتار من أسلاك الضغط العالى ولا سبيل لهدمها مرة أخرى.

أما المدرسة الثانية الواقعة بشارع محمد نجيب، فكما يقول أحمد عبدالهادى، أحد أهالى المنطقة، إنها اتبعت شرط هيئة الأبنية التعليمية، وبالفعل صممت مبانيها على بعد المسافة المحددة، ولكن فناءها يقع بالقرب من الأسلاك بمسافة أقل وهذا سيؤثر بلا شك على صحة الأطفال الذين يلعبون فيه.

ويضيف: شدة تيار تلك الأبراج والطاقة المنبعثة منه كافية لتحويل جسد أى إنسان إلى «طفية السجائر»، إذا لمسها بشكل مباشر، وإذا لم يلمسها فبالتأكيد ستؤثر على صحته على المدى الطويل وتحديدا المرأة الحامل، لذلك لا نتعجب إذا وجدنا أى طفل يولد مشوه لأننا نكون على دراية تامة بالسبب.

ومن جانبه قال سعيد عمارة، مدير مديرية القاهرة التعليمية، إن المديرية تقوم بمنح التراخيص للمنشآت التعليمية بعد اطلاع هيئة الأبنية على المواصفات الهندسية واتباع المبنى للإرشادات الوقائية فى المناطق التى تقع بالقرب من أبراج الضغط العالى، وإذا تبين أن المدرسة دخلت فى نطاق وحيز التأثر بموجات أسلاك الضغط العالى تقوم المديرية بمخاطبة وزارة الكهرباء لنقل أبراجها من المكان.

وفيما يتعلق بالمدرستين الواقعتين بالقرب من الأسلاك قال عمارة، إن المديرية ستحقق فى الأمر لتتوصل لمتسببين فى تلك المخالفة لمعرفة كيف حصلت تلك الأبنية على التراخيص اللازمة لإنشائها.

ما تعانى منه مدارس المرج، هو صورة مصغرة مما تعانى منها المنطقة بأكملها بما فيها من منازل تضم آلآف من الاسر.. «أنا كل ما المطر بينزل بسمع صوت جامد اوى بجرى بسرعة أحضن أمى وأبويا علشان بخاف الكهربا تلسعنى».. هكذا جاءت كلمات الطفل محمود عبود عندما تذكر صوت الذبذبات المنبعثة من أسلاك الضغط العالى التى يقع منزله أسفل برجها وقت هطول الأمطار، «عبود» الذى لم يتعد الثالثة عشرة من عمره، يقول عنه والده إنه فقد القدرة على التركيز وأصبح معلموه دائمى الشكوى منه: «العيال عندنا نوعان إما انهم يتولدوا مشوهين أو لما يكبروا شوية تصيبهم حالة من البلاهة نقول للعيل فيهم اسكت ميسكتش ويصيح فى البيت وأخواته كأنه عنده صرع».

حال محيى وعبود وخوفهما من الكهرباء لم يختلف كثيرا عن «زياد محمد»، وإن كان الأخير يدرس فى الصف الخامس الابتدائى بإحدى المدارس الحكومية التى نجت من الوقوع داخل مربع أبراج الضغط العالى، واكتفت بالأسلاك الممتدة منه لتوصيل الكهرباء بداخلها والتى تتدلى من أعلى سورها، يتذكر «على» عندما رأى سلك كهرباء أمامه على الأرض واقترب ليلمسه فحذره أقرانه من أنه سيصعقه، ودللوا له على ذلك بما حدث مع صديقتهم: «انت نسيت لما نسرين كانت هتتكهرب فى الحمام لولا أن الدادة أم إبراهيم لحقتها».

الجميع فى منطقة المرج يأبى الحديث عن الماضى ووعود المسؤولين السابقة فقط، لأنهم ببساطة يريدون معرفة مصيرهم ونصيبهم من مصر الجديدة بعد ثورة 25 يناير، هل سيتركهم شبح الموت الذى يداهم منازلهم يوميا أم سيعيشون فى أحضانه يألفهم ويألفونه؟
الدكتور حسام ابراهيم، أستاذ جراحة المخ والأعصاب بكلية الطب جامعة بنها، شدد فى حديثه لـ«اليوم السابع» على خطورة بناء أبراج الضغط العالى بالقرب من التجمعات السكنية، قائلا: «إن الحد المسموح به لمنع تأثير الموجات الكهرومغناطيسية المنبعثة من تلك الأبراج وأسلاك الضغط العالى هو من 50 وحتى 500 متر طبقا لشدة التيار وليس أقل من ذلك على عكس المسافة التى حددتها هيئة الأبنية التعليمة والمقدرة بـ25 مترا فقط».

وتحدث إبراهيم عن تلك الموجات قائلا: إن تأثيرها بالغ الخطورة على أى إنسان كبيرا أو صغيرا، حيث إنها تسبب للنوع الثانى تأخرا فى النمو العقلى، وتصيب بالصرع وعدم القدرة على التركيز والاستيعاب، إضافة إلى تسببها فى جملة من الأمراض الأخرى مثل سرطان الدم عند الأطفال الذين تقع منازلهم بالقرب من أبراج وخطوط الضغط العالى، وبعض الأورام وسرطانات الدم والدماغ، وكذلك أمراض القلب، وتشوّه الأجنة، وسرطان الثدى، إضافة إلى تدمير البناء الكيميائى لخلايا الجسم، وتعطيل وظائف الخلايا، واضطراب إفراز الإنزيمات فى الجسم، واضطراب الدماغ، والخمول والكسل وعدم الرغبة فى العمل، واضطراب معدلات الكالسيوم، والشرود، والهذيان.

ومن جانبه قال المهندس فتح الله شلبى، رئيس الشركة المصرية لنقل الكهرباء، إنه يتم تحديد مسافة بناء الوحدات السكنية والمبانى من أبراج الضغط العالى وفقا لشدة التيار وقوته وذلك وفقا للقانون رقم 63 لسنة 1974.

وأضاف شلبى أنه فى حالة حدوث أى تعديات يتم إبلاغ الجهات الأمنية التابع لها المنطقة لاتخاذ الإجراءات اللازمة مع من قام بعملية التعدى وإجراء الإزالة، وإن تقاعست الجهات الأمنية فى تنفيذ قرارات الإزالة، فالمواطن هو من يتحمل مسؤولية ونتيجة ذلك لأنه من قام بالتعدى من الأساس.





مشاركة




التعليقات 7

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد مروان

يجب

عدد الردود 0

بواسطة:

RONY

مين جاء الاول

عدد الردود 0

بواسطة:

الزينى

دى الاعمده دى المفروض تدخل (الاثريات)

عدد الردود 0

بواسطة:

حيران

من السؤول

عدد الردود 0

بواسطة:

د / محمد احمد على

استغاثه عاجلة لمحافظ الاسكندرية - ورئيس حى وسط

عدد الردود 0

بواسطة:

basam

مين جة الاول

عدد الردود 0

بواسطة:

mlo

انت صح

تحية للتعليق 1 و 2

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة