أيمن نور

«خصومة الكبار»

الأحد، 11 مارس 2012 08:03 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أحب «المصطفيين».. مصطفى النحاس، ومصطفى أمين، رغم أننى لم أعايشهما، لكنى عشت معهما من خلال ما قرأته عن الأول، وما قرأته للأخير، وما لمسته منه فى عدد قليل من اللقائات، وربما من المفارقات الغريبة أن هذا الحب الجارف الذى أحمله للمصطفيين، لا يتفق مع طبيعة العلاقة الظاهرة بينهما، فقد دأب مصطفى أمين على الهجوم والتجريح بلدد فى شخص مصطفى النحاس طوال سنوات ما قبل الثورة، وربما بعدها بسنوات قليلة.. عندما ألقى القبض على مصطفى أمين، وتعرض للتلفيق والتنكيل قال البعض إن هذا ذنب مصطفى النحاس، لما كان معرفا عن النحاس من أن أحدا لا ينال من الرجل أو يظلمه إلا ويذوق من ذات الكأس وأكثر.

مصطفى الثالث الذى يحتل مكانة كبيرة فى قلبى، هو مصطفى شردى، أستاذى الذى رحل عام 1987، وكان هو الآخر يعانى من هذه المزاوجة فى حب النحاس الذى سمى على اسمه، ولمصطفى أمين الذى تتلمذ على يده فى «آخر ساعة»، و«الجيل»، و«أخبار اليوم» بل إن مصطفى أمين هو الذى قدمه لفؤاد سراج الدين كأول رئيس تحرير للوفد.

وربما سمحت المرات القليلة التى التقيت فيها مصطفى أمين، أن أستشعر أسفه على ما قاله أو كتبه فى حق النحاس من خلال حديثه الذى لم يخل أبدا من ذكر سماحة ونقاء قلب النحاس، وهو يقارن ويعرض لمواقف مختلفه!!

أذكر أننى كنت فى لقاء بالأستاذ العملاق بمكتبه بالأخبار وبلغنى وأنا عنده خبر سيئ ومحزن، وهو رفع الحصانة البرلمانية عن مصطفى شردى على خلفية إحدى القضايا المرفوعة من فوزى معاذ – محافظ الاسكندرية الأسبق - وكنت أتحسب أن تسفر هذه القضية عن سجن شردى، وهو المريض الذى لا يحتمل ساعة فى السجن!

استشعر الأستاذ قدر توترى من الخبر الذى حمله له فى حضورى أحد كبار المحررين البرلمانيين بالأخبار، فقرر أن يخفف وطأة الخبر بسرد قصة ذات معنى ودلالة.

قال إن الأمير محمد على صادف يوما حافظ رمضان، رئيس الحزب الوطنى آنذاك، فقال له أهلا شعبان باشا وكان هذا بفعل تقدم الأمير فى السن وضعف ذاكرته، فخرجت آخر ساعة وقتها باقتراح أن يتم تعيين رائد لولى العهد على غرار أحمد حسنين رائد الملك!!
واعتبر الأمير العبارة سبا فى حقه وعيباً فى شخصه، وصدر حكم بالسجن 6 أشهر فى حق رئيس التحرير مصطفى أمين مع وقف التنفيذ لخمس سنوات.

ويضيف الأستاذ إن هذا الحكم ظل سيفا مصلتا على رقبته حتى جاءت حكومة النحاس عام 1942 التى كان يهاجمها بعنف، فأمر النحاس بالعفو عن مصطفى أمين من تلك العقوبة، فاتصل مصطفى أمين بصبرى أبوعلم وزير العدل وسأله لماذا صدر العفو؟ وهل يعلم النحاس به؟ فقال صبرى أبوعلم: النحاس باشا وضع اسمك فى القرار رغم خلافك معه، وعندما اعترض البعض قال النحاس عار علىّ أن أحرمه من حقه حتى ولوكان يعتدى على حقى!!
.. هكذا تكون خصومة الكبار.. عندما طلب أمين أن يبلغ أبوعلم النحاس شكره، رفض أبوعلم وقال له هذا أكثر ما يمكن أن يغضب النحاس.. فأداء الواجب لا يستحق الشكر عليه إلا أفسده!!

حقاً.. ليس مهماً أن تكون كبيرا فى صداقتك.. فالأهم أن تكون كبيرا فى خصومتك.
درس عابر تعلمته من رجل يعبر فى ذاكرتى كل يوم ويكبر مع كل عام، يمر على غيابه, واشعر كل لحظة أكثر وأكثر اننى كنت بحاجه لوجوده الآن فمن ذاق مرارة الظلم يوماً هو الأقدر ان يدافع كل يوم عن المظلومين.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة