هناك أشياء تحدث فى حياتنا لا نجد لها تفسيرا منطقيا، وهنا يأتى العقل بتفسيرها على إن هذه الأشياء التى تحدث رسالة أو إشارة من الله وقد تتكرر المواقف المشابة لذلك، لدرجة أن الشخص يقول هذه إشارة من ربنا تخبرنى أن هذا الموضوع يجب أن ابتعد عنه، وهنا تتغلب العاطفة على العقل وتقود صاحبها إلى حلول أخرى قد تهواها نفسه دون علم منه بذلك، وسوف أوضح بعض الأمثلة لذلك.
قديما كان الحكام والملوك يقولون إن ما يقومون به من أفعال هى بأوامر من الله، واتخذوا من ذلك سبيلا لتأكيد سلطتهم الدنيوية على البشر، فهناك الحاكم بأمر الله المنصور الفاطمى ولقب والده هو العزيز بالله الفاطمى، وهنا نلاحظ أنه سبق اسمه بالحاكم بأمر الله، فهو ما يقوم به يكون موجها من الله ومن يخالفه فهو يخالف أمر الله، وهكذا فعل الكثيرون من الحكام العرب ومن الحكام الغربيين الذين استعانوا برجال الدين لتثبيت حكمهم بأن ما يقومون به هو مبارك من الله وبأمره، ويستمدون بذلك القوة فى الاستبداد بالحكم، ومنهم من استخدم ذلك فى شن الحروب التى أطلقوا عليها الحرب المقدسة.
وأيضا هناك شخص تقدم للزواج من فتاه يحبها، وعندما يحدد موعد للزفاف، يحدث شىء يؤجل الفرح مثل وفاة قريب له أو قريب للعروس، ثم يحدد وقت آخر للزفاف، فيحدث حادث سيارة للعريس أو لأحد من أقاربه هنا تجد العريس يقول لنفسه هذه إشارة من الله بأن لا أتم هذا الزواج وفى مجتمعنا الشرقى تجد الزوجة، غالبا فى وضع محرج للغاية، فإذا حدثت المشكلة للعريس أو لأحد من أهل العريس، أو عندما يحدث انقطاع للكهرباء أو غير ذلك من الأمور الخارجة عن إرادتهم يقولون "وشها نحس هذه إشارة من ربنا أبعد عن الجوازة دى"، وهنا يكون العريس فى حالة من التخبط العقلى الشديد، فما يحدث يقول أن يبتعد عن هذه الزيجة، لكن هل تتنصر الإشارات والرسائل أم ينتصر الحب ويتوكل على الله؟ نلاحظ هنا العروس مظلومة فى هذا الوضع، لأن من عادتنا السيئة أن نلوم النساء على أشياء ليست لهم يد فى حدوثها.
شخص ذهب ليتقدم لوظيفة ومطلوب منه بعض الأوراق المطلوبة، وذهب كى ينجزها، إذا به وهو فى الطريق تتعطل به السيارة ويضيع اليوم فى إصلاحها، ويذهب مرة ثانية فى يوم آخر، فيجد أن هذا اليوم عطلة رسمية للمحافظة فيعاود الكرة فى يوم آخر، فيحدث أن يطلب منه أن ينتظر إلى الغد لأن المسئول عن طلبه مريض ولم يحضر اليوم، وهنا يقول لنفسه هذه إشارة من الله أن هذا الموضوع غير ميسر لى فيه، فهل يقرر أن يصرف نظر عن هذه الوظيفة أم يتوكل على الله ويكمل إلى النهاية؟
هناك من يتخيلون أن أى شىء يحدث من حولهم هو إشارة لهم ورسالة تخبرهم بشىء ما، وعلى هذا الأساس منهم حقا من يتخذ رد فعل على هذا التخيل، وقد يكونوا على حق وقد يكونوا على خطأ، ولكن المواقف المختلفة التى تحدث لنا وتقف فى طريقنا، قد تكون اختبارا لنا من الله، ليمتحن صبرنا ومدى تحملنا لمشاكلنا وهناك دعاء التيسير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، اللهم يا مُسَهِّل الشديد، ويا مُلَين الحديد، ويا مُنْجِزَ الوعيد، ويا مَنْ هو كُلَّ يوم فى أمر جديد، أخرجنى من حِلَقْ الضيق إلى أوسع الطريق، بِكَ أدفع ما لا أطيق، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "من قالهنّ وعلمهنّ الناس اذهب الله كربه، وأطال فرحه".
هل ترى ما حدث إشارة من الله أم مجرد حدث عادى قد يحدث لآخرين؟
