نقلا عن اليومى
رفض عدد كبير من المثقفين تمثيل أعضاء البرلمان ضمن الجمعية التأسيسية للدستور، وذلك عملا بكل الخطوات التى تمت بها صياغة الدساتير السابقة، مقترحين إلغاء المادة 60 من الإعلان الدستورى حول اختيار نواب البرلمان المنتخبين لأعضاء الجمعية التأسيسية، استنادا إلى أن الدستور يجب أن يكون توافقيا، ويشارك فى وضعه جميع التيارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والنقابات والأحزاب، ولا تضعه الأغلبية، فى إيماءة إلى رفض هيمنة التيار الدينى الغالب فى البرلمان على الجمعية التأسيسية للدستور، وإن لزم تمثيلهم فلا تتعدى نسبتهم الـ%20.
وأعرب الدكتور عاصم الدسوقى، أستاذ التاريخ الحديث، عن رفضه التام لمشاركة أعضاء من البرلمان فى وضع الدستور، لافتا إلى أن المشكلة الحقيقية تكمن فى أن البداية كانت خاطئة، وذلك عندما أقر المجلس العسكرى إجراء الانتخابات البرلمانية أولاً، مؤكدا أن كل الدساتير المصرية السابقة، بداية من دستور 23، كان يتم وضعها أولا، ثم يتم انتخاب مجلس الأمة، كما أن دستور 56 تم الإعلان عنه فى يناير، وجرت انتخابات مجلس الأمة فى يوليو.
وأكد الدسوقى ضرورة تمثيل جميع الأطياف الأخرى من نقابات المجتمع المدنى، مشددا على ضرورة الاستفادة من الدساتير السابقة من خلال الأركان الرئيسية، كالحريات والحقوق، على اعتبار أن الدستور هو انعكاس للأعراف والعلاقات الاجتماعية الخاصة بكل دولة.
مشددا على ضرورة أن يراعى واضعو الدستور إبعاد الرئيس عن السلطة التنفيذية، لأن كل الدساتير السابقة، بداية من عهد الخديو توفيق، هى التى أسست لفكرة الاستبداد، بمنح السلطة التنفيذية للحاكم، مؤكدا أن رئيس الدولة حكم بين السلطات، وليس حاكماً.
واتفق الدكتور عماد أبوغازى، وزير الثقافة السابق، مع رأى الدكتور عاصم الدسوقى فى رفض تمثيل البرلمان فى الجمعية التأسيسية، مشيرا إلى أن هناك حلّين للخروج من هذه الأزمة، الأول أن يتم إلغاء ما جاء فى الإعلان الدستورى وخصوصا المادة 60 التى اقرت بمشاركة البرلمان فى وضع الدستور، أو يتم تمثيله بنسبة %20 فقط، على أن تقترح كل جهة ومؤسسة ونقابة أسماء معينة لعضوية الجمعية التأسيسية، يتم التصويت عليها، مؤكدا ضرورة مراعاة مبدأ المواطنة واحترام الحريات والمواثيق الدولية التى وقّعت عليها مصر.
وفى سياق متصل، يقول الدكتور أحمد مجاهد، رئيس مجلس إدارة الهيئة المصرية العامة للكتاب، «يجب أن نخرج من دائرة الصراع حول نسبة تمثيل أعضاء البرلمان، ومن خارجه، وأن ننتقل للنزاع حول نسبة فقهاء الدستور والمفكرين، حتى نخرج بلجنة توجد بها كفاءات تستطيع وضع دستور توافقى» وأيضا العمل على ضرورة الفصل بين السلطات مستقبلا.
من جانبها طالبت الكاتبة الصحفية فتحية العسال بأن يراعى فى اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية للدستور، قالت «فتحية» إن اختيار الأعضاء يجب أن يكون على تاريخهم النضالى، ومواقفهم فى ظل النظام السابق.
وأكد الدكتور على مبروك، أستاذ الفلسفة الإسلامية وعلم الكلام، بكلية الآداب جامعة القاهرة، لابد أن يقر بالحريات العامة، واحترامه لها، والتأكيد عليها، والفصل بين السلطات، والتأكيد على قواعد العيش المشترك، مع إعادة التفكير فى المادة الثانية من الدستور، معتبرا أن صيغتها الحالية تمثل خطرا على قواعد العيش المشترك.
واعتبر المؤرخ قاسم عبده قاسم، أستاذ التاريخ بجامعة الزقازيق، أنه من غير المنطقى تشكيل الجمعية التأسيسية من داخل البرلمان، وطالب «قاسم» أعضاء الجمعية بتعديل سلطات الرئيس، والحد منها، وتعديل قانون السلطة القضائية، بحيث يضمن استقلالية القضاء، وأن يراعى الدستور وضع الجيش، بحيث يضمن استقلاليته فى شؤونه الداخلية، وأن يخضع لقانون الدولة، فيما يتعلق بعلاقته بالدولة، وأن يتضمن الدستور الجديد حرية الرأى، وحرية التملك، وحق التعليم المجانى، وحرية الإبداع.
من ناحية أخرى، طالب الكاتب الصحفى حلمى النمنم، رئيس مؤسسة دار الهلال، بعدم تمثيل أعضاء البرلمان فى الجمعية التأسيسية لعدة أسباب، منها احتمالية ظهور حكم بعدم دستورية مجلس الشعب، وظهور مطالب بإلغاء مجلس الشورى، مضيفا أنه من الأفضل فى كل الأحوال وجود أعضاء من خارج الكتلة البرلمانية ممن يمتلكون الكفاءة المطلوبة والخاصة، قانونيا وسياسيا، حتى يستطيعوا التعبير عن تطلعات الشعب المصرى بكل طوائفه وتياراته وفى نفس السياق، رفض الإعلامى جمال الشاعر أى استحواذ سياسى داخل الجمعية التأسيسية للدستور، أو إعادة إنتاج لاحتكار الحزب الوطنى حياتنا السياسية والتشريعية، وأضاف: الدستور عقد زواج سياسى بين كل القوى الوطنية، ولذلك لابد أن تعكس أعضاء الجمعية التأسيسية للدستور جميع تيارات المجتمع، سواء كانت ليبرالية أو سلفية، يمينا أو يسارا أو وسطا، أقباطا أو مسلمين، فلاحين أو نوبيين أو بدوا، بالإضافة إلى أهل العلم والثقافة ورجال الأعمال والصناعة.
وطالب «الشاعر» بأن يراعى الدستور الجديد الإعلام كسلطة رابعة، مضيفا: الإعلام يمثل حصانة وطنية ضد أى ديكتاتورية محتملة، وسيكون عائقا لأى عوار سياسى أو اقتصادى أو اجتماعى محتمل، ورشح «الشاعر» عددا من الأسماء داخل القطاع الإعلامى لعضوية الجمعية التأسيسية، منهم حمدى قنديل، ويسرى فودة، وحافظ الميرازى.
وخلافا لموقف أغلبية المثقفين، استنكر الناقد الأدبى الدكتور صلاح فضل، عضو المجلس الاستشارى، أن يكون اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية من خارج مجلسى الشعب والشورى، مؤكدا أن البرلمان هو المؤسسة الشرعية الوحيدة المنوط بها تشكيل لجنة الدستور.
وعن مطالبة التيار الإسلامى بأن تتراوح نسبة تمثيل النواب فى اللجنة بين 40 و %60، قال فضل إن هذا يعود إلى الارتباك فى الموقف السياسى الذى يعانيه مجلسا الشعب والشورى، وحرص جماعة الإخوان المسلمين على الانفراد بوضع معايير اللجنة التأسيسة للدستور.
ودعا «فضل» إلى الأخذ فى الاعتبار المحاولات المستمرة لوضع معايير اللجنة التأسيسية التى بذلها المثقفون والأحزاب ومرشحو الرئاسة، وقدموها للمجلس العسكرى، ليصدر بها توضيحا فى الإعلان الدستورى، لكى يأخذ بها البرلمان بدوره عند اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية، كما دعا إلى الأخذ بالوثائق والمبادئ التى أطلقها نشطاء ومؤسسات، مثل وثيقة الأزهر، ومبادئ البرادعى، وغيرهما، عند صياغة الدستور.
وأكد «فضل» موافقته على اقتراح المجلس الاستشارى بخصوص معايير اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية، بألا تزيد نسبة نواب البرلمان فى اللجنة على %25، مع تمثيل عادل لنسبة أعضاء كل حزب فى البرلمان، كما تقوم الهيئات والنقابات المنتخبة باختيار مندوبيها، وتقوم الجامعات بترشيح أساتذة للقانون الدستورى، والعلوم السياسية، بالإضافة إلى قيام منظمات المجتمع المدنى بعدد من الشخصيات العامة.
من جانبه اقترح الدكتور محمد صابر عرب، رئيس الهيئة العامة لدار الكتب السابق، أن يتم تشكل الجمعية التأسيسية من %50 من مجلس الشعب والشورى، والـ%50 الأخرى يتم تشكيلها من داخل المجتمع، شريطة عدم انتماء تلك النسبة لأى حزب ممثل داخل البرلمان.
واتفق الدكتور شاكر عبدالحميد، وزير الثقافة، مع ما ذهب إليه الدكتور صابر عرب من تحديد نسبة %50 فى تشكيل الجمعية التأسيسية لأعضاء البرلمان، موزعا النسبة الباقية بين أطياف المجتمع، بحيث يكون للمثقفين والمفكرين %20، وشباب الثورة %10، وأيضا رموز الثورة الذين قاموا بالتمهيد لها بنسبة %10، مثل علاء الأسوانى، وعبدالحليم قنديل، وجورج إسحاق، وإبراهيم عيسى، وغيرهم، و%10 للصحافة المعارضة التى مهدت أيضا للثورة كـ«اليوم السابع»، و«المصرى اليوم»، وباقى الصحف التى تمثل الرأى العام.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة