أعربت عدد المنظمات الحقوقية فى بيان أصدرته اليوم، السبت، عن استنكارها الشديد، لمحاولات القائمين على إدارة شئون البلاد التنصل من مسئولياتهم، فى توريط القضاء فى قضايا مفتعلة تحركها دوافع سياسية، دونما اعتبار لما يرتبه ذلك من تلطيخ سمعة القضاء لدى المواطنين، وتلويث صورة المجتمع المدنى، وعلى وجه الخصوص منظماته الحقوقية، على النحو الذى ظهر بصورة خطيرة فى قضية المنظمات الأجنبية غير المسجلة. معربة عن تقديرها العميق لمبادرة المجلس الأعلى للقضاء بإجرائه تحقيق مستقل فى كافة الملابسات والإجراءات التى أحاطت بتلك القضية، وأوصت بأن تعلن نتائج هذه التحقيقات للرأى العام.
وشددت المنظمات الموقعة على البيان وهم 14 منظمة حقوقية على ضرروة أن تشمل التحقيقات كل مراحل هذه القضية، بدءا من كيفية اختيار أسماء بعينها كقضاة للتحقيق فى القضية، والتسريب العمدى للإعلام لمعلومات مغلوطة، أو صحيحة، أو منتزعة من سياقها، من ملف التحقيقات التى يفترض سريتها، والتى جرى توظيفها فى تسويق حملات التشهير بالمتهمين وبالمنظمات الحقوقية، ومحاصرتها باتهامات – نسبت إلى قضاة التحقيق أو مصادر قضائية - تصل إلى حد التآمر على استقرار البلاد، وتوظيف العاطفة الوطنية لتأجيج حملة شعواء على منظمات حقوق الإنسان، لمعاقبتها على دورها فى فضح جرائم حقوق الإنسان.
وأشار البيان إلى أن هذه الحملة بلغت ذروتها عندما قام قضاة التحقيق - فى سابقة قضائية الأولى من نوعها- بعقد مؤتمر صحفى لبث اتهامات ذات طابع دعائى ملتهب، قبل أن يكتشف المصريون لاحقا أن الاتهامات الرسمية فى هذه القضية لا تتضمن اتهاما بالتجسس أو تهديد وحدة البلاد، على النحو الذى أثاره قضاة التحقيق فى مؤتمرهم الصحفى، بل إنها لا تعدو كونها مخالفة إدارية، لا تستوجب حبسا احتياطيا للمتهمين، أو منعا من السفر، يحول بموجبه المتهمون غير المصريين إلى رهائن فى عملية للابتزاز والإثارة السياسية.
وأكدت المنظمات على أن أدوات الرقابة البرلمانية يتعين أن تتناول مسئوليات أطراف فى السلطة التنفيذية عن توظيف القضاء، والزج به فى قضية كان يتعين معالجتها سياسيا أو إداريا، واستباقهم نتائج التحقيقات والمحاكمة، بتوزيع الاتهامات على أوسع نطاق بحق المتهمين ومنظمات حقوق الإنسان، الذين شملتهم أو لم تشملهم التحقيقات، وفى التأثير على القضاة ممن اتصلوا بهذه القضية منذ البداية، ودفع بعضهم فى النهاية، لاتخاذ قرارات بعينها.
وطالبت بحفظ القضية، التى ليست فى جوهرها سوى غطاء لحملة سياسية أمنية شعواء ضد المنظمات الحقوقية، انطلاقا من مخالفات إدارية محتملة، كان يجب أن تحل بعيدا عن القضاء وعن الحملات الإعلامية الموجهة أمنيا. على أن تقوم السلطات المعنية إما بتسجيل المنظمات المخالفة، أو إبلاغها بشكل رسمى بأن طلب تسجيلها مرفوض. إن الاستمرار فى نظر هذه القضية يعنى أن المتهمين المصريين هم وحدهم الذين من المحتمل أن يجرى عقابهم. وتعليق جلسات محاكمة المتهمين، إلى أن ينهى المجلس الأعلى للقضاء تحقيقاته، ويعلن كافة الملابسات التى أحاطت بإجراءات التحقيق فى القضية، وما اقترن من تدخلات تلقى بظلال الشك العميق حول دوافع ونزاهة هذه التحقيقات منذ بدايتها، وسلامة الإجراءات المتخذة بحق المتهمين والمنظمات التى ينتسبوا إليها.
كما طالبت بتحرك البرلمان على نحو عاجل لاعتماد مشروع القانون الجديد للسلطة القضائية، الذى تقدم به رئيس المجلس الأعلى للقضاء، والذى يشكل إقراره خطوة أساسية لسد الطريق أمام مختلف ضغوط وتدخلات السلطة التنفيذية فى تسيير دولاب العدالة.
والتحقيق فى أداء السلطة التنفيذية فيما يتصل بهذه القضية، والدوافع السياسية للتدخل فى شئون السلطة القضائية، والسعى للتأثير على الرأى العام لتبنى موقف سياسى بعينه إزاء قضية رهن التحقيق، وعلى الأخص وزيرة التعاون الدولى ووزيرى العدل السابق والحالى.
وأكدت المنظمات على ضرورة توقف الحملات بحق منظمات حقوق الإنسان بشكل فورى عبر حملات التشهير والتضليل العمدى الذى تمارسه بعض أطراف السلطة التنفيذية والأجهزة الأمنية، مثلما يتعين أن تتوقف محاولات التنكيل بهذه المنظمات من خلال أدوات قانونية وإجراءات قضائية، تستند إلى القانون الاستبدادى 84 لسنة 2002 بشأن الجمعيات والمؤسسات الأهلية.
واختتم البيان نعتقد أن طى هذه الصفحة من المواجهات والتحرشات بمنظمات حقوق الإنسان ومؤسسات المجتمع المدنى، تقتضى من السلطة التنفيذية والبرلمان أن يدرسا بموضوعية مشروع القانون، الذى تقدمت به المنظمات الحقوقية من أجل تحرير العمل الأهلى، وضمان استقلالية المنظمات غير الحكومية، فى إطار يضمن إعمال المعايير الدولية المعمول بها فى البلدان الديمقراطية، والتى تشكل التزاما على عاتق السلطات المصرية بموجب انضمامها للمواثيق الدولية الأساسية لحقوق الإنسان، وتوفر قواعد أساسية تضمن إعمال قواعد الشفافية والمحاسبة والمساءلة تجاه أية مخالفات تنسب للمنظمات التى تعمل فى إطار هذا القانون.
14 منظمة حقوقية تطالب بحفظ قضية المنظمات الأجنبية والتحقيق مع المسئولين
السبت، 10 مارس 2012 04:48 م