مصريو السجون الإسرائيلية بين الحبس ونار العمالة..«سليم» المحبوس حالياً يناشد الحكومة: أنقذونى من التعذيب.. والقضاء العبرى عاقبنى بـ 6 سنوات لرفضى العمل جاسوساً

الخميس، 01 مارس 2012 12:42 م
مصريو السجون الإسرائيلية بين الحبس ونار العمالة..«سليم» المحبوس حالياً يناشد الحكومة: أنقذونى من التعذيب.. والقضاء العبرى عاقبنى بـ 6 سنوات لرفضى العمل جاسوساً الجنود الإسرائيليون ينصبون كمائن لاصطياد البدو المخاطرين بحياتهم من أجل بيع علبة «معسل»
كتبت آية نبيل - تصوير: محمد نبيل

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ساعات من الترقب قضاها وحيدًا خلف باب الغرفة المغلق، دقائق وتنتهى المهلة التى أعطاه إياها ضابط التحقيقات الإسرائيلى ليقرر ما إذا كان سيعمل لصالح الجيش الإسرائيلى مقابل أن يعود إلى أهله، أو أن يبقى أسيرًا فى السجن عدة سنوات يذوق فيها مرارة الحبس على أيدى عدو يكرهه.

«س»، الذى طلب عدم ذكر اسمه كاملاً خوفًا من تعرضه للبطش على يد الأمن، خرج مؤخرًا من سجن بئر السبع بعد أن قضى فيه ثلاث سنوات من عمره فشلت فيها المحاولات الإسرائيلية لاجتذابه إلى العمل معهم ضد مصر، الذكريات المؤلمة لا تزال تعصف بذهنه دون توقف.. كغيره من مئات المصريين الذين يعانون نفس المأساة فى السجون الإسرائيلية.

«اليوم السابع» ترصد فى السطور القادمة شهادات عدد من السجناء المصريين فى سجون العدو الصهيونى، باعتبارها من أهم المشكلات التى يعانى منها أهالى سيناء دون غيرهم من سكان باقى المحافظات، والتى دامت لسنوات طويلة ولا تزال قائمة حتى هذه اللحظة دون حل حاسم، الأمر الذى يثير العديد من علامات الاستفهام حول الأداء الحكومى الذى ترك هؤلاء المواطنين على الحدود فريسة لآلة الأمن الإسرائيلية.

فى أحد المقاعد بقرية القديرات التابعة لمدينة الحسنة بوسط شمال سيناء، جلس «س»، ذو الأربعة والثلاثين عامًا، مرتديًا العباءة البيضاء وعلى رأسه شال فلسطينى، كان الصمت يملأ المكان حتى بدأ برواية قصته بإلقاء مسؤولية ما حدث له على حكومات النظام السابق التى لم تهتم بأهالى سيناء كمواطنين لهم نفس الحقوق التى يتمتع بها أى مواطن آخر فى الدولة، وتركتهم دون فرص عمل مناسبة، أجبرته كغيره من السيناوية على المخاطرة بحياته فى السعى للحصول على 150 جنيهًا لبيع علبة دخان المعسل يوميّا على الحدود، فتحاصرهم آلة الأمن الإسرائيلية محاولة أن تجتذبهم للعمل معها، ونتيجة لرفضهم التجسس لصالحها تُلقيهم داخل سجونها.. وسط إغفال حكومى يتكاسل حتى فى حصر أعدادهم التى تصل حاليًا إلى 75 مسجونًا جنائيّا وسياسيّا، وفقًا للإحصائية التى قام بها عدد من النشطاء السياسيين فى سيناء.

«كنت أبيع علبة المعسل لأحد الجنود الإسرائيليين، وفجأة دون أن أدرى وجدت عددًا منهم يحيطون بى ويقتادوننى إلى أقرب مقر للجيش الإسرائيلى على الحدود» هذه هى بداية القبض على «س» الذى قضى 3 أيام ما بين غرفة التحقيقات الإسرائيلية وعنبر الاحتجاز وجهاز كشف الكذب، لا يرى سوى ضابط التحقيقات الإسرائيلى الذى كان يتحدث المصرية بطلاقة، يتوسطهم ساعات من الضغط بالتعذيب للاعتراف بجرائم لم يرتكبها حينًا، والرفق ونعومة الكلمات لاجتذابه بالعودة إلى بيته بشرط العمالة لإسرائيل حينًا آخر.

«س» أوضح أن الجيش الإسرائيلى لا يبلغ عن المصريين الذين يقوم باحتجازهم، وهو ما يعد مخالفة صريحة للقانون الدولى الذى يقضى بأن يقوم الجيش الإسرائيلى بتسليمه إلى السلطات المصرية فى ظل معاهدات السلام بين الدولتين.

«تختلف المدة من ساعات إلى أيام حسبما يقرر ضابط الجيش لاستمالة المصرى للعمل معه»، هكذا قال إبراهيم، مصرى آخر قضى داخل السجن الإسرائيلى 3 سنوات، مضيفًا: «ما أن يجد الإسرائيلى أن التجسس لصالحهم أمر مرفوض حتى يقوم بتلفيق أى تهمة لنا بداية من التجسس أو أعمال إرهابية أو بيع ممنوعات على الحدود قبل أن يحولنا إلى المحكمة».
مدة المحاكمة للمصريين المسجونين فى إسرائيل لا تحددها قاعدة معينة كما يقول، سليم. م، المحبوس حاليًا داخل إسرائيل، لم يصدر القاضى ضده الحكم إلا بعد عام ونصف العام، سليم تحدث إلى «اليوم السابع» عبر هاتف محمول من داخل السجن قائلاً: «لم أتخطَّ الحدود المصرية، وحينما قبضوا على لم يكن معى أى شىء، لذلك قضيت أيامًا طويلة فى التحقيقات لكى يجعلونى أوافق على التهمة التى لفقوها لى، وكلما سألنى القاضى أقول له: «أنا معملتش كده، ومفيش أى دليل على اتهامى»، لكنهم فى النهاية حكموا علىَّ بـ 6 سنوات».

سليم، من أبناء قرية وادى العمر، وهى إحدى قرى الحدود فى وسط سيناء، أكد أنه تحدث مرارًا إلى السفارة لكى تأتى إليه أو ترسل أى مبعوث منها يشرح له الإجراءات التى ستحدث معه، لم يجد أى رد، موضحًا أن إدارة السجن تتعمد وضعه وسط جنسيات مختلفة لا يوجد من ضمنها مصرى واحد.

سليم يعتبر رسالته التى يوجهها عبر صفحات «اليوم السابع» هى الأمل الوحيد لوصول صوته إلى المسؤولين خارج السجن قائلاً: «أنا مش مستغرب من أن الحكومة متسألش فينا، طالما اتعودت على إهمالها لنا وإحنا على أرض مصرية، لكن ما أطلبه هو على الأقل ينقلونى إلى سجن مصرى لكى أرى أهلى».

نترك شهادة سليم، وننتقل إلى «ع»، فى قرية القديرات بوسط سيناء، الذى يقول: «بعدما رفضت أن أعمل معهم حولونى للمحكمة التى أصدرت حكمًا بالسجن 3 سنوات، فمال على أحد المصريين المحبوسين معى فى القفص وقال لى: «لما يسألوك وافق لأنك لو رفضت هيأجلوا المحكمة ثم يضاعفوا مدة الحكم».

النصيحة التى سمعها «ع» لم يعلمها «س. م» الذى قضى 7 سنوات داخل السجن، والذى أوضح أن حياة المصريين داخل السجن الإسرائيلى تعتمد على العمل فى خدمة باقى المساجين أو التنظيف بمقابل مادى يشترى به احتياجاته من طعام وشراب من الكانتين، فهو على عكس المساجين الإسرائيليين الذين يحصلون على الأموال من أهاليهم.

«س. م» حُرم شهرًا من الكانتين لأنه رد على الضابط الإسرائيلى حينما سأله عن أفقر دولة فى العالم فكان رد «س» إنها أثيوبيا، وحينما سأله عن السبب قال «س»: «لأنها لو كانت لاقية تاكل مكنش ولادها حاولوا ييجو يشتغلوا عندكم».

الغريب أن «س» خرج مع صفقة التبادل الأخيرة بين مصر وإسرائيل رغم أنه كان قد أنهى مدته قبلها بحوالى 40 يومًا، الأمر الذى انتقده مصطفى الأطرش، الناشط السياسى، قائلاً: «كل من خرجوا فى الصفقة الأخيرة كانوا من الجنائيين الذين انتهت مُدَدُهم أو قاربت على الانتهاء بينما يبقى بالداخل كل من له أحكام كبيرة إلى جانب ما يقارب 19 من السياسيين الذين تحاكمهم إسرائيل لدعمهم القضية الفلسطينية».

«أ. ح» عاد بعد 3 سنوات ونصف السنة قضاها فى سجن إسرائيل كانت تهمته، بيع علبة دخان «معسل» بعدما أغلقت الدنيا أبوابها أمامه، فلا عمل لديه للإنفاق على أسرته، ولا أمان داخل منزله، وتطارده الحملات الأمنية كلما وقع أى حادث داخل أو خارج سيناء، يقول «إحنا فى إسرائيل بنتعامل أسوأ معاملة وبأدنى درجات المساجين، مفيش أى مسؤول بيرد علينا لدرجة أننا لجأنا إلى الصليب الأحمر للاستغاثة، ورغم ذلك بعد خروجنا من السجن وتسليمنا إلى السلطات المصرية، لا نعود إلى بيوتنا، بل كان يتم تحويلنا إلى محكمة عسكرية، تصدر ضدنا حكمًا بسنوات أخرى بين سنة و3 سنوات، وإذا برأتنا المحكمة كان جواب الاعتقال من أمن الدولة ينتظرنا فى سجن بورسعيد وبرج العرب».

«أ» أوضح أن المصريين بعد عودتهم من السجون الإسرائيلية يعانون من ملاحقة أمن الدولة والمنع من السفر، والأكثر أنه يعود إلى بطالته من جديد، يقول: «الأمن بيتعامل معانا سواء دخلنا سجن إسرائيل أو لم ندخله على أننا عملاء، رغم أننا نرفض العمل مع الصهاينة، قصص آبائنا مع الجيش اللى كنا بنسمعها واحنا صغار بتتبخر مع كل صفعة أو شتيمة نأخذها من الأمن المصرى، حتى الجيش الذى يعطى الإحساس بالوطنية للشباب محرومون من دخوله أو منفيون فى محافظات الصعيد».






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة