إن مصر تتعرض لمؤامرات داخلية بسبب من تضرر من الثورة، كجهاز مباحث أمن الدولة، ورجال الأعمال الفاسدين والحزب الوطنى المنحل، والمنتفعين المتواجدين فى كل هيئات ومؤسسات الدولة، ومؤامرات خارجية من الكيان الصهيونى والولايات المتحدة والدول الغربية، ومؤامرات إقليمية من بعض الدول العربية التى تريد فشل الثورة المصرية والربيع العربى، حتى لا تتكرر هذه السيناريوهات فى بلدانهم، فكل هؤلاء يريدون الزج بمصر إلى سيناريو الفوضى الشاملة فى ظل إخفاق القيادة السياسية وعدم وجود خطط سريعة لإعادة بناء المؤسسة الأمنية.
إن المؤسسة الأمنية (جهاز الشرطة) مازالت محتفظة بهيكلها التنظيمى، ولم يطرأ عليها أى تغيير عدا ما قام به المجلس العسكرى من تغير رأس المنظومة والتى تتمثل فى وزير الداخلية ومديرى الأمن دون المساس بالمستويات الدنيا فى المنظومة كصغار الضباط وأمناء ومندوبى الشرطة والمخبرين والجنود، وكل هؤلاء متقاعسون فى العمل على إعادة الأمن إلى الشارع أو تأمين أماكن التجمعات البشرية، ومن جانب آخر قوات الأمن المركزى ما زالت تستخدم العنف ضد المتظاهرين وتحاول فض الاعتصامات والمظاهرات بالقوة وتستخدم الرصاص المطاطى والحى والقنابل المسيلة للدموع، ومازال رجال القناصة يستهدفوا المتظاهرين سواء بالقتل، أو بإصابتهم فى بصرهم كما حدث فى أزمة شارع محمد محمود ومجلس الوزراء.
إن جهاز مباحث أمن الدولة لم يطرأ عليه أى تغير أو إصلاح سوى ما قام به العسكرى بتغيير اسمه إلى جهاز الأمن الوطنى، ومازال محتفظ بهيكله التنظيمى وبنفس قوته، وهم أكثر المتضررون من الثورة والأكثر الناقمون عليها وما زالوا يعبثون بأقدار البلد ويعرفون خباياها، وللأسف هم يعملون فى الخفاء وعلى إفساد ما تصلحه الثورة وعلى تدمير مصر لأنهم ببساطة ليس عندهم ولاء لها، وهم قلقون من صعود التيارات الإسلامية إلى السلطة إذا ما أرادت تصفية الحسابات القديمة بينهم، لأن العداء مستحكم، ولأن هذا الجهاز انتهك حقوق الإنسان فى التعامل مع كل المعارضين لمبارك، وبذلك يمثل خطورة واضحة على الاستقرار والسلم الداخلى.
إن الآلاف من البلطجية والخارجين عن القانون والذين خرجوا علينا من السجون مازالوا يعملون بمنهجية منظمة لتنفيذ مخططاتهم وما زلوا يسعون فى الأرض فسادا وبتوجيه من جهاز الأمن المنحل أو الفساد الوطنى، وتمويل من رجال الوطنى، وما زلوا يندسون وسط التجمعات البشرية سواء فى مباريات كما فى أحداث بورسعيد فبراير 2012 أو يندسون وسط المتظاهرين ويقومون باستخدام قنابل المولوتوف والغاز، ويضرمون النار فى المنشآت الحكومية كمجلس الشعب والمجمع العلمى المصرى لغرض نشر الفوضى وزعزعة استقرار الوطن.
والخلاصة، إن المنظومة الأمنية يجب إعادة هيكلة قطاعتها ومديرياتها وإدراتها حتى نفكك خلايا الجهاز التقليدية ومراكز السيطرة الداخلية فى كل قطاع وإدارة ومديرية وتشرذمهم بين فروع الجهاز المختلفة، لمنع تواطؤهم على الإضرار بالوطن والتنسيق فيما بينهم، بمعنى أننى لست من دعاة إحالتهم إلى التقاعد أو فصلهم لأنهم سيشكلون خطرا أكبر من وجودهم فى الخدمة داخل المنظومة، ولكن على سبيل المثال فالقطاع الاجتماعى بالوزارة والذى يتكون من الإدارة العامة لمكافحة المخدرات والإدارة العامة لحماية الآداب، والإدارة العامة لراعية الأحداث يجب نقلهم وتوزيعهم على القطاعات الأخرى، كقطاع أمن المنافذ والذى يتكون من إدارة الجوازات وإدارة أمن الموانئ، وفى المقابل توزيع قطاع أمن المنافذ على بقية القطاعات وبالمثل لجهاز مباحث أمن الدولة المنحل والإدارات الأخرى الجهاز.
إن الوضع الأمنى مازال متردى وحالة الانفلات الأمنى لم تنته بعد، والمجلس العسكرى لم يتخذ خطوات حقيقية لإصلاح جهاز الشرطة بشكل عام وجهاز أمن الدولة بشكل خاص، سوى أنه يبرر قصوره وإخفاقه لوجود طرف ثالث خفى يعبث بأمن الوطن والمواطن، والذى اتضح للقارئ بعد تحليل الموقف من له مصلحة فى استمرار الحالة الأمنية المتدهورة، والتى لا تحتمل الانتظار حتى نهاية الفترة الانتقالية وتسليم السلطة لرئيس ونظام منتخب.
وفى النهاية، إن النشاط الرياضى لا يجب أن يتوقف أو يجمد وإلغاء الدورى العام ليس هو الحل الأمثل، لأن هناك الكثيرين من المصريين يعملون فى الأندية وتعتبر الرياضة هى المصدر الأساسى لدخولهم، ولكن يجب أن نوقف التجمعات البشرية الضخمة من حضور المباريات لأن الشرطة المصرية غير قادرة على حماية نفسها ووزارتها فكيف تستطيع حماية الآلاف من المشجعين؟ وأوضح أن شباب الألتراس لهم حق مساندة فرقهم، ولكن عليهم أن يوقفوا أنشطتهم على الأقل خلال هذا الموسم لمنع إراقة الدماء، وأوضح أن المواطنين لهم حق التظاهر السلمى، ولكن دون منع مجلس الوزراء أو مؤسسات الدولة عن تأدية دورهم الدستورى، وأوجه رسالة إلى شباب الثورة، أنتم صمدتم ضد النظام السابق أثناء الثورة وأديتم دوركم على أكمل وجه ومثلتم الشعب المصرى، ولكنكم الآن وصلتم إلى حد اللا معقول فى استخدام أدوات الاحتجاج والتظاهر حتى فقدت قيمتها وتأثيرها سواء أمام الشعب أو صناع القرار، واتجهت إلى الفوضوية فى الفترة الأخيرة ولم نعد نفرق بين متظاهر وبلطجى ولم نعد نعرف الصالح من الطالح، فيجب عليكم أن تنسحبوا من الميدان ولتكن هدنة لوقف هذه المهازل وحتى لا ندخل فى مخاطر ومتاهات ازدواجية الشرعية، لأن بانعقاد مجلس الشعب سحب كثيرا من شرعية العسكرى، والشرعية الثورية للميدان والتى لا يريد الثوار أن يتنازلوا عنها، ولنرى ما الإجراءات التى ستتخذها القيادة السياسية والقيادات الأمنية والبرلمان لحماية الوطن والمواطنين.
وآخر ما أريد قوله:
مَتى يَبلُغ البُنيانُ يَوماً تَمامَه ** إذا كُنت تَبنيهِ وَغَيرك يَهدِم
