محمد الداودى يكتب: البلد محتاجة أشرف!

الثلاثاء، 07 فبراير 2012 09:12 م
محمد الداودى يكتب: البلد محتاجة أشرف! صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لحظة صمت عمت المكان، الكل ينظر إليه وينتظر منه المزيد من الكلام، إنه "سيد" ذلك السائق المصرى الذى أعطانا فى ذلك اليوم أهم درس من دروس الأخلاق والسياسة، أعد بكل بساطة لنفسه هذه الندوة فالمكان سيارته التى تقلنا إلى الزقازيق والزمان ساعتان من الحديث المتواصل حول أمور البلاد والعباد وجمهور الحاضرين هم من فى السيارة من أفراد الشعب الحقيقيين الذين تفتقدهم كل الندوات الأخرى وتقتصر على نخبة فشلت فى معالجة الخطاب السياسى فى البلاد وفى التواصل مع الشعب بفاعلية.

"الضمير مبقاش موجود والذمة ضاع منها كتير "هذه هى العبارة التى أكد عليها "سيد" فكلما تطرقنا إلى الضحايا الذين سقطوا فى الأيام الأخيرة تحدث هو فى المقابل عن الضمير وكيف أنه هو الحكم الذى يحدد تصرفات وأفعال الإنسان ولكن هل أضاف "سيد" جديدا؟

فكلنا يعلم أن الضمير يحكم أفعالنا ويوجه تصرفاتنا ولكن أضاف "سيد" شيئا هاما هو السبب وراء ضياع الضمير فاستغرابه لتصرفات من يمتلكون السلطة والمليارات يجعله يجزم بأن السلطة والمال وراء موت الضمير، حيث أن الشخص عندما يسعى للسلطة والمال فإنه يصبح أمام معادلة تغير مجرى سلوكه وهى "سلطة ومال فى مقابل موت الضمير" وحين تتحقق المعادلة يتأثر الشعب بسلوك هذا الشخص.

"لو كنت مكانه كنت هتعمل زيه" إنه استنتاج سيد الذى جعلنى أفكر بعمق فى من تحدث بأن مبارك كان رجلاً حكيماً وصاحب ضمير فى بداية حكمه، وسرعان ما تحول، فماذا لو كنت أنا فى مكان مبارك هل كنت سأتحول؟ وماذا لو كنت أنت مكان مبارك؟ هل كنت ستصل لنفس نهايته لأنك تصرفت بنفس أسلوبه؟ أى أن المعادلة السابقة ستطرح أمامك فكيف ستتصرف؟ ومن هنا فإن "سيد" وصل إلى استنتاج غاية فى الخطورة أحسبه راسخ فى ذهن العديد من الناس فى مصر وهو أن الرئيس القادم لن يكون "بلسم" على حد قول "سيد" لأنه سيضعف بشدة أمام المعادلة السابقة وربما يخاف بعض الوقت من الحماس الثورى الذى يوجد فى الشارع ولكنه سيضعف بمجرد هدوء هذا الحماس ومن هنا فإن الحل فى الضمير وفى بناء مؤسسات حقيقية وليس الاعتماد على الأشخاص فى حد ذاتهم، لذا فإن سيد انتهى إلى أن الثورة رائعة لكنها ضيعت الكثير من الأمور التى كان سيتحمل هو فساد النظام السابق وظلمه فى مقابل عدم ضياع هذه الأمورالتى من أهمها الأمن فما بعد 11 فبراير2011 يراه "سيد" سوء سلوك وغياب ضمير من جانب كل الأطراف.

"أنت كده مش فاهم الثورة صح والناس هتقول عليك فلول"، هذا هو رد جمهور الندوة على "سيد"، رد جعلنى أستنشق عبير الثورة بهذا الحس الثورى المتواجد بين الناس وهذا التقبل الذى بدأت ألمسه فى العديد من الحوارات بين فئات الشعب الحقيقية وليس النخبة، فالنخبة منقسمة ولا تتقبل آراء بعضها البعض أى تفتقد لأول معانى الديمقراطية ومظاهرها فى الوقت الذى تنادى فيه الشعب بأن يتمسك باحترام آراء الآخر وتقبلها، هنا رد "سيد" ليقول "يا جماعة البلد دى محتاجة أشرف" فرد الجميع باستغراب "أشرف مين؟".. فقال "دا موظف التأمينات فى بلدنا بس والله مفيش يوم أخد فيه رشوة لأنه راجل بيحكم ضميره، شوفوا كل زمايله أكتر منه فى الفلوس والترقيات بس هو لسه متغيرش"، هنا فقط أدركت أن الشارع يمتلك النموذج ويستشعره فمن يتحدث عن أن الشعب لا يرى النموذج، ولم ينتجه أو أنه يحتاج لنموذج أجنبى، أقول له إن مصر بها الكثير من الشرفاء وبها شباب مستعد لتقديم كل التضحيات من أجلها فمصر فعلاً "محتاجة أشرف".





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة