المصريون ووسائل الإعلام لا هم لهم فى هذه الأيام الكئيبة سوى الحديث عن الدور المخزى لوزارة الداخلية فى مذبحة بور سعيد، وإعادة هيكلة هذه الوزارة العصية على الترويض، وكانت منذ زمن بعيد أداة قمع وترهيب لمن يجرؤ على مناطحة الدولة بانتقاد الرئيس أو رئيس الوزراء أو أى كبير قابع فى موقع مسئولية ما، وكلنا يعلم أن الداخلية المفترض نظريا سهرها على أمن المواطن والوطن باتت حصينا مدافعا عن الديكتاتورية والفساد فى عهد الرئيس المخلوع حسنى مبارك، والقصد من الترويض ليس احتلال مبنى الوزارة فى لاظوغلى ولا اقتحام أقسام الشرطة وإحراقها وهى أفعال ينفذها مشبهون، وإنما إخضاعها لسلطة القانون الذى كانت تتعالى عليه وتحتقره وترفض حتى التفكير فى الخضوع له، وأن تتغير الفلسفة أو العقيدة الشرطية، فطلاب الشرطة يتعلمون منذ دخولهم الكلية أنهم سادة المجتمع، وأن دور المواطن المصرى يقتصر على خدمته والتجاوب مع مراده، حتى لو كان خطأ، وأنه أعلى من القوانين والقضاء ومن حقه التصرف كيفما شاء، ولم يتورع الكثيرون منهم عن استخدام أساليب البلطجة، وتروى قصة واقعية أن أحد وزراء الداخلية قال حينما اشتكا بعض ضباطه من غلاء المعيشة وأن المرتب لا يكفى: إن المرتب يجب أن يبقى فى جيبهم ويأكلوا على قفا الشعب اللى بره.
نريد ترويضه بحيث يكون للقانون القول الفصل بينا وبينهم، ولو ظننت أن التنفيذ سيكون سهلا فاعذرنى أن أخبرتك بأنك ستكون واهما، فالمشكلة كبيرة وبالذات لدى الرتب العليا فى الداخلية الذين عانوا من بلطجة وعنصرية رؤسائهم، وحلموا بالتدرج الوظيفى، للانتقام مما تعرضوا له، لذلك فإن قيادات الداخلية كانت مستريحة فى التعامل مع الوزير الأسبق حبيب العادلى، الذى جعل من الفساد منهجا للتعامل اليومى، وطالما أنك غير مناوئ للنظام تصرف براحتك، والقاعدة تسرى على معظم هذه القيادات، ولا يجب أن يغيب عنا أن شرفاء كانوا بينهم يعملون بوطنية وأمانة، ومن ثم كان سهلا على القيادات الفاسدة فى الداخلية مناوئة الثورة، وإعلان التمرد عليها بعدم العمل وتسهيل مذابح على غرار بور سعيد على أمل انتهاء كابوس الثورة وعودة أيام العز القديمة.
وأولى خطوات الترويض هى الاستغناء عن قيادات الشرطة الضالعة فى إثارة القلاقل والفتن، وتطبيق قانون الطوارئ عليهم، إن لزم الأمر، يلى ذلك تنقية المناهج التعليمية لطلبة الشرطة من العناصر المساعدة على تضخم الذات على اعتبار أن ضباط الشرطة هم باشاوات زماننا وسادته، وأن تستحدث آليات فاعلة لمحاسبة الأجهزة الأمنية ومراقبتها، للحد من احتمالات انحرافها عن مهامها الرئيسية فى الحفاظ على الأمن القومى واحترام حقوق الإنسان، وأن يتم اجتثاث ميليشيات البلطجية الذين تربوا فى حضن النظام السابق، ومازالوا ذراعه الممتدة بالسوء لشعب مصر، حينئذ لن نحتاج لإقامة جدار عازل يفصل بين المواطنين ووزارة الداخلية التى ستكون فى عين وقلب كل منا، إذا تم ترويضها بالشكل الصحيح.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد هيكل
الشرطة على من تطلق الرصاص
عدد الردود 0
بواسطة:
اسماء الدسوقى
اذا أردت أن تطاع
عدد الردود 0
بواسطة:
وهدان
من يعلق الجرس في رقبة القط؟
عدد الردود 0
بواسطة:
د.محمد
الحل بسيط