ممثلو دولة الكونغو فوجئوا بأزمة حقيقة يعيشها الفلاح المصرى بسبب عدم وصول المياه لنهايات الترع وهو ما نتج عنه بوار آلاف الأفدنة تأثر الحالة الاقتصادية للمزارعين الذين يعتمدون على ما يزرعونه من محاصيل.
الفلاحون قاموا بدعوة وفد الكونغو للجلوس والتحاور معهم بمقر رابطة مستخدمى المياه بالفيوم، وهو ما لقى ترحيباً شديداً من قبل الوفد واستمعوا للمشاكل التى تواجههم، حيث أكد الفلاحون أن المياه لا تصلهم طول العام ويعتمدون على مياه الأمطار، فيما أكد البعض الآخر أن المياه تصلهم شهراً واحداً فى العام، وهو ما أثر عليهم تأثيراً شديداً لكونهم يعتمدون على الزراعة والتى تعد مصدر الدخل الوحيد لهم.
ما قاله المزارعون كان بمثابة صدمة للوفد الكونغولى، فهذا ما لا يعرفونه عن مصر وليست كما يشاهدونها عبر شاشات التليفزيون فهى الحضارة والتاريخ والمبانى الفاخرة التى تطل على النيل.. أما عن الفلاح وحياته فلم يعرفوها بهذا الشكل، إنما كما شاهدوها عبر شاشات التليفزيون فى إعلانات الحزب الوطنى والتى كانت تذاع إبان عهد النظام السابق، حيث يقوم بالزراعة والرى وتوفير احتياجاته دون ادنى مشكلة قد تواجهه.
وفور انتهاء اللقاء قام الفلاحين بالتصفيق الشديد للوفد الكونغولى الذى أعرب عن سعادته بالترحيب لهم، حيث قام أحد المزارعين بدعوة الوفد الكونغولى للغذاء داخل احد البيوت الريفية والتى تعبر عن بساطة الحياة لديهم، وقدموا لهم انواع عديد من الطعام المصرى "لحم ماعز وأنواع عديدة من المحاشى وكذلك الفتة والأرز إضافة إلى أنواع أخرى وهو ما لقى إعجابهم، فهى المرة الاولى التى يتناولوا فيها مثل هذه الأطعمة.
وبعد الانتهاء من طعامهم تناولوا الحلو وهو اكلة مصرية شهير "الكسكسى"، بالإضافة إلى فاكهة اليوسفى والبرتقال وكانت أيضاً هى المرة الأولى التى يتناولوا فيها تلك الفاكهة فهى لا تزرع فى بلادهم وقام أصحاب المنزل بإهدائهم كمية من هذه الفاكهة، كما تنالوا الشاى المصرى، وأبدوا شكرهم الشديد على حسن الضيافة، قائلين "هذا هو المعهود من الشعب المصرى"، مضيفين أن حياة الريف المصرى تشبه حياة الريف الكونغولى، وهذا هو لكونهم مشتركين فى نيل واحد تربوا على عادات تكاد تكون متشابهة إلى حد ما وأكدوا فى نهاية زيارتهم على إصرارهم الشديد بموقفهم من دول حوض النيل، حيث إنهم لن يقوموا بالتوقيع على الاتفاقية الإطارية المعروفة باتفاقية عنتيبى إلا بعد التوافق بين دول المنابع والمصب.
كما شاهد الوفد نموذج آخر للقدرات الخاصة للفلاح المصرى فى التعامل مع نقطة المياه لتحقيق أعلى إنتاجية للأرض الزراعية _ ممثلو دولة الكونغو أكدوا أن بلادهم حريصة على دعم المقترحات المصرية – السودانية، بشأن ضرورة استمرار التعاون من خلال مبادرة حوض النيل، وفى نفس الوقت استمرار المفاوضات حول النقاط الخلافية فى الاتفاقية الإطارية لمياه النيل، وعدم توقيع بلادهم على الاتفاقية إنما يعكس مبدأ التزمت به حكومة بلاده، وتنفيذاً لمبدأ التوافق كشرط أساسى للتوصل إلى اتفاق شامل بين دول حوض النيل، وهو المبدأ الذى قامت على أساسه مبادرة حوض النيل.
كما أكدوا أن عدم توقيع بلادهم يمثل نوعاً من الضغط السياسى على الدول الموقعة على الاتفاقية، لأنهم يعلمون أن الكونغو دولة كبيرة ولديها العديد من العلاقات المميزة مع دول المنابع فى إشارة إلى تعدد مصادرها المائية ومواردها الطبيعية وعمق علاقاتها.
وأكد الوفد عن استعداد بلاده لكى يقوم بدورها فى التوفيق بين دول المنابع ودولتى المصب لوجود علاقات جيدة بين كينشاسا ودول البحيرة الاستوائية، لأنهم يؤمنون بأن التوافق هو الاسلوب الأمثل لحل الخلافات القائمة بينهم حاليا، وأن بلادهم تؤكد دعمها للجهود المصرية السودانية، لاستمرار التعاون بين دول الحوض بغض النظرعن وجود خلافات، وذلك من خلال استمرار أنشطة مبادرة حوض النيل والعمل من خلالها على تقريب وجهات النظر فى نقاط الخلاف القائمة حالياً.











