قال المستشار هشام جنينة، رئيس محكمة استئناف القاهرة، إن مصر تمر بمخاض عسير بعد نظام سلطوى تغول على السلطة القضائية، مشيرا إلى أن الأحداث المفتعلة التى تواجه الثورة المصرية هى ثورة مضادة حتى لا تنتقل الثورة إلى النظام الديمقراطى، مشددا على أهمية صياغة دستور جديد يضمن الديمقراطية والحرية والفصل بين السلطات والاستقلال الكامل للقضاء، وأكد أنه لا قيمة لدستور لا يحميه الشعب.
وأشار جنينه خلال مؤتمر "دور الدستور فى الانتقال إلى الديمقراطية فى مصر" الذى عقده المركز العربى لاستقلال القضاء صباح اليوم الاثنين بأحد الفنادق الكبرى، إلى أن مصر مرت بدساتير عديدة تغولت عليها السلطة التنفيذية، وأن تجربة القضاء المصرى فى الدفاع عن استقلاله معركة يشعر بها كل مواطن مصرى، لافتا إلى أن نادى القضاة منذ نشأته سنة 1939 مر بفترات عصيبة فى مواجهة أنظمة الحكم المتعاقبة وهى فترات أنبأت عن وجود قضاء مصرى مستقل. وتعرض قضاة مصر للتنكيل والاضطهاد وترضوا لمذبحتين سنة 1936 و1969 عبر محاولات تمت لإقصاء كل صوت يطالب باستقلال وممارسة القضاء لسلطاته.
وأكد جنينه أن السلطة التشريعية فى مصر كانت تأتى عبر انتخابات مزورة بإرادة النظام وليست بإرادة الناخبين. وكانت السلطة التنفيذية ترى القضاء العقبة الوحيدة لهيمنة الحكومة على كل السلطات، مشيرا إلى أن نادى القضاة اتخذ مواقف جادة ورفض الانضمام إلى الاتحاد الاشتراكى أيام فترة حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، فتم حل مجلس إدارة النادى بقرار جمهورى، وفصل عدد كبير من القضاة، مؤكدا قرار المحكمة العليا وقرار المجلس الأعلى للهيئات القضائية كان محاولة انتهاك للسلطة القضائية، وتم إصدار قانون لإعادة تشكيل نادى القضاة بعد استبعاد قضاة الاستقلال، واستمر التنكيل بالقضاء إلى أن تم تعديل قانون السلطة القضائية بعد وقفات احتجاجية ولكنها أثمرت عن تعديلات طفيفة لم تستجب للأمل المنشود.
وأكد جنينه أنه بعد ثورة يناير لابد من إعادة النظر فى وضع السلطة القضائية فى الدستور القادم، مشدداً على ضرورة توحيد جهات السلطة القضائية وإدراج كل الهيئات القضائية فى باب واحد للسلطة القضائية فى الدستور بما يمنح التمييز بين المحاكم ماليا وإداريا، مشيرا إلى أن الجهات القضائية تقف عقبة أمام توحيد جهات القضاء فى الدستور تحت بند السلطة القضائية لتغليب المصلحة الخاصة.
وطالب جنينه أن يحدد القضاء المصرى اختصاصاته فى الدستور أسوة بالمحاكم العسكرية التى تحدد اختصاصاتها، وتغل يد القضاء الطبيعى، مؤكدا أن الولاية الأصلية هى للقضاء الطبيعى، مؤكدا أنه لا يصح بأى حال إذا نشأ نزاع بين مدنى وعسكرى أن يزعم القضاء العسكرى أنه صاحب الاختصاص، ولابد أن تمنح الولاية للقضاء الطبيعى لكافة المنازعات.
وانتقد تسمية القضاء العسكرى بقضاء، مؤكدا أنها تسمية مبتدعة، لأن القاضى يجب أن يكون بمنأى عن إرادة السلطة والتأثير عليه، وما يحدث أمام المحاكم العسكرية هو أن القضاة العسكريين يكون تعيينهم ونقلهم وندبهم من خلال وزير الدفاع، وبالتالى يخضعون لوزير الدفاع.
وأشار جنينة إلى أن الدستور خلا من تنظيم لحق المواطن فى الإضراب والتظاهر، رغم تصديق مصر على المواثيق الدولية التى أعطت المواطنين الحق فى الإضراب، إلا أن المادة 124 من قانون العقوبات تتعارض مع العهود والمواثيق الدولية، وعندما يطبق القاضى القانون المحلى يقع فى حرج التعارض بين القانون المحلى والدولى، مؤكدا أن الحق فى التظاهر مكفول بموجب العهود والقوانين المحلية تجرم الحق فى التظاهر وآن الأوان أن ينص فى الدستور على هذه الحقوق التى تعارفت عليها المواثيق الدولية.
وطالب جنينة بتفعيل مبدأ الفصل بين السلطات فى الدستور وتفعيل دور البرلمان فى الرقابة والتشريع، مشددا على أهمية أن تتمتع السلطة االقضائية باستقلال حقيقى فلا قيمة لقاض يصدر حكم ولا يستطيع تنفيذه.
المستشار هشام جنينة: القضاء المصرى العقبة الوحيدة أمام هيمنة الحكومة على كل سلطات الدولة.. وعلى القضاء المدنى تحديد اختصاصاته فى الدستور أسوة بالمحاكم العسكرية.. والقضاة العسكريون خاضعون لوزير الدفاع
الإثنين، 06 فبراير 2012 04:11 م