أيمن نور

أزمة مارس «3»

الأحد، 05 فبراير 2012 07:39 ص


الجناح الموالى للحكم العسكرى الذى قال: «إما الثورة وإما الديمقراطية».. اضطر مرغما إلى أن يعلن فى 25 مارس 1954 الخضوع لإرادة الشعب ومعظم الجيش، معلنا نهاية الثورة بمجرد تسليم ممثلى الأمة السلطة فى 24 يوليو 1954.. إلا أن هذا الموقف لم يكن سوى مناورة لتطويق الانتصار ضد حكم العسكر، الذى بدأ القيام بأعمال ومهاترات خطيرة لإبراز خطورة العودة لليبرالية، كان أبرزها وقوع ستة انفجارات دفعة واحدة فى القاهرة، منهما انفجاران فى الجامعة، وثالث فى جروبى، وآخر فى مخزن الصحافة بالسكة الحديد فى محاولة لتأكيد خطورة انفلات الأوضاع وغياب القبضة الحازمة، «الانفلات الأمنى بلغة 2012» وحوادث اقتحام البنوك.

وقد روى بغدادى فى مذكراته أن عبدالناصر أبلغهم أنه هو شخصيا الذى دبر هذه الانفجارات لإثارة مخاوف الناس من طريق الديمقراطية، والإيماء بأنها ستؤدى لخلل فى الأمن وفوضى.. وأكد خالد محيى الدين هذه الرواية فى مذكراته «الآن أتكلم»، كما كشف فى هذه المذكرات عن أن عبدالناصر اعترف له صراحة بأنه أنفق مبلغ 4 آلاف جنيه مصرى لترتيب وحشد مظاهرات 27، 28، 29 مارس التى هتفت ضد عودة الحزبية وطالبت باستمرار الثورة!! فى نفس الوقت كانت هناك مظاهرات شعبية تلقائية خرجت دفاعا عن الليبرالية من الجامعات والنقابات المهنية «المحامين والصحفيين» كما خرجت مظاهرات فى الإسكندرية.

إلا أن مجموعة أنصار بقاء الحكم العسكرى كانت تعد كل شىء وفقا لمخططها للاستيلاء على السلطة، ويقول محيى الدين فى مذكراته صفحة 320 إن الصحافة الليبرالية لعبت دوراً خطيراً فى إرباك الضباط وشحنهم.

وفى 28 مارس بدأت كل الخيوط تتضح، فبدلاً من أن تضرب النقابات العمالية وتتظاهر مع بقية أفراد الشعب المصرى دفاعاً عن الليبرالية والديمقراطية.. وكما كان متفقاً بين القائمقام يوسف صديق، والصاوى أحمد الصاوى «رئيس اتحاد نقابات عمال النقل» فى اللقاء الأول الذى تم بينهم يوم 26 مارس فى اللواء السابع مشاة بالعباسية واللقاء الثانى فى منزل يوسف صديق بالزيتون، فإن المخطط والأموال التى اعترف بها عبدالناصر «4 آلاف جنيه»!! استطاعت أن تقلب الموقف فى اللحظات الأخيرة، لتخرج المظاهرات والإضرابات العمالية منادية بسقوط الليبرالية وبحياة الديكتاتورية وبقاء العسكر على قمة السلطة وبصورة مطلقة!.

 وبالطبع كان عبدالناصر ورفاقه يعلنون فى الإذاعة هذه الأخبار عن الإضرابات والمظاهرات والمطالبة بدماء الثورة تمهيداً للانقلاب الجديد.. بل أنه من الطريف أن بعض هذه الأخبار كان يعلن عن أحداث ومظاهرات قبل حدوثها فعلاً «راجع مذكرات أحمد أبوالفتح»، وراجع ما حدث فى حريق المجمع العلمى يوم 16-12-2011.

كما كان عبدالناصر قد مهد للخطوة القادمة من خلال استنفار بعض القوى غير الليبرالية لإعلان موقفها المساند لاستمرار الثورة «مثلاً حافظ رمضان والمرشد العام للإخوان» فى نفس الوقت كانت القوى الليبرالية وصحفها - خاصة المصرى - تتصدى بكل قوة لحركة 26 مارس بوصفها موجهة من العسكر، وتولى محمود مراد قيادة الحملة بعد أن سافر أحمد أبوالفتح إلى بيروت، وكتب مراد عن اندساس بعض المأجورين فى مقاله بالمصرى 28 مارس.. إلا أن الضباط سارعوا فى اليوم التالى بإلغاء قرارات مارس استجابة للمطالب «الشعبية»!! وتوالت القرارات بالإبعاد السياسى والاعتقال، والتصفية داخل الجيش نفسه، وإغلاق الصحف وإصدار قوانين حماية الثورة وحرمان قيادات الليبرالية المصرية من تولى جميع الوظائف العامة، ومن جميع الحقوق السياسية، وحل مجلس نقابة الصحفيين، بل أن الديكتاتورية افترست حتى هؤلاء الذين وقفوا معها أمثال السنهورى والإخوان وغيرهم.

ومنذ ذلك التاريخ - أبريل 1954 - دخلت مصر أسود عهود الديكتاتورية العسكرية.. حقاً ما أشبه اليوم بالبارحة فهل نتعلم الدرس؟!


أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة