نبيل عمر

عالم من الفوضى!

السبت، 04 فبراير 2012 03:54 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ثلاثة أيام من الرغى والثرثرة واللت والعجن مثل ماكينة طحين عملاقة تدور على الفاضى، فلا دقيق ينتج ولا خبز يخرج من الأفران.. وتظل الناس جوعى يقرصها جوع المعرفة ولا تجد ما يسد به الرمق غير «الجانك فود»، وهى الوجبات السريعة التى ضررها مائة ضعف فوائدها فى خداع بطن الجائع وذوقه!

هذا ما يحدث منذ انتهاء موقعة المصرى والأهلى فى ملعب بورسعيد بمذبحة سقط فيها أكثر من 70 قتيلاً وما يقرب من 300 مصاب.. فعلاً نحن مجتمع معطوب العقل أو معطل الذهن أو مشتت التفكير أو غائب عن الوعى.. مجتمع يعيش على هامش الحضارة الحديثة بكل ما تبتكره، بالرغم من وجود قدرات مصرية فائقة الذكاء والحداثة، لكنها حالات فردية وليست عقلاً مجتمعياً، المدهش أن الكل يتكلم دون أن يراجع ما يقول أو يختبر ما يردده أو يعطى نفسه فرصة لفحص العبارات التى أطلقها على الناس من لسان آلى سريع الطلقات.. ودعونى أختبر معكم ما قيل سواء من الرسميين أو من نواب الشعب أو من ضيوف فى الفضائيات.
> محافظ بورسعيد: شغب ملاعب انقلب إلى مأساة، ولكننى لم أغادر المكان، إلا بعد أن تأكدت من مغادرة لاعبى الأهلى والمصابين بالطائرات عائدين إلى القاهرة! أى نوع من المسؤولين هذا الرجل؟!، هل يتصور أن الاطمئنان على لاعبى الأهلى أهم من 3 آلاف متفرج تعرضوا لاعتداءات وحشية دون أى تدخل من قوات الأمن الموجودة فى الاستاد.

> عضو فى مجلس الشعب: حكومة طرة طالما ظلت على وضعها الحالى لن تتوقف الثورة المضادة عن الانقضاض على الثورة المصرية، وإذا أردنا أن نوقف هذه الفوضى فلابد من محاكمات سريعة وفعالة ورادعة.. كلام معقول.. لكن ما هو الفرق بين أن يظل هؤلاء الفاسدين من رموز حكم الرئيس السابق حسنى مبارك فى سجن طرة أو يرحلوا إلى سجن أبو زعبل محكوما عليهم بالحبس؟

وكيف وهم خلف أسوار سجن طرة أقوى كثيراً مما كانوا عليه فى سدة الحكم؟.. ومن أين أتت هذه القوة وهم الذين تفتتوا وتفككوا وانهاروا فى 18 يوماً فقط ولم يتمكنوا من صد زحف الثورة أو حتى تعطيلها لا بالأمن المركزى ولا بالبلطجية فى موقعة الجمل؟ ويا ترى هل قضايا قتل المتظاهرين فى ملفاتها مكتملة الأركان وأدلتها قاطعة تتيح إعدام الرئيس وابنيه ووزير الداخلية ومساعديه أو حتى حبسهم سنوات طويلة؟

> مذيع مشهور وضيف لامع: إنها جزء من مؤامرة نشر الفوضى فى مصر، لا دول جمهور بورسعيد الجدعان ولا شعب بورسعيد الحر، دول مأجورين، هدفهم واضح نشر الفزع والرعب وأن تعود مصر إلى نقطة الصفر، كلها أعمال متشابهة من قطع الطرق فى كل المحافظات تقريبا، والاشتتباكات فى شارع محمد محمود وأمام مجلس الوزراء وماسبيرو.. معقول مصريون يقبضون ليقتلوا مصريين آخرين!. كلام يبدو معقولاً، خاصة أن عدداً كبيراً من الجماهير كان يحمل عصى بيضاء متشابهة كما لو أنها «مصروفة» لهم من مخزن معدات واحد، وسبق أن قال عضو مجلس شعب بورسعيدى إن سيارات نقلت بلطجية إلى بورسعيد قبل المباراة بساعات.

طيب.. هل كل من ملأ الملعب بلطجية ونزلوا جميعاً من المدرجات مع صفارة الحكم يطاردون لاعبى الأهلى ثم يتوجهون جحافل صعوداً إلى مدرجات الجماهير الأهلاوية ضربا وتقطيعا ورميا من فوق المدرجات إلى الأرض؟!

طبعاً.. مستحيل أن نصدق وجود 13 ألف بلطجى بالملعب، والتحريض نفسه من 40 أو 50 بلطجياً مدربين يحيل بقية الجمهور إلى قتلة؟! وهل هؤلاء البلطجية هم من كانوا وراء أعمال عنف خلال ثلاث مباريات سابقة دون قتل؟ هذا جزء بسيط من كل سخيف: مثل، إنها مؤامرة من المجلس العسكرى لفرض الأحكام العرفية؟

قطعا فيه بعض الصحة فى كلمة هنا أو نصف جملة هناك، لأن ما حدث هو نتاج العقل القديم، ومعالجته تتم أيضا بالعقل القديم.. والعقل القديم معطوب، بالتالى أى مؤامرة تنجح وأى علاج يفشل، ولن نحل ولا نربط إلا بالشفافية والوضوح، وهما غائبان تماما عن الساحة المصرية، فيظل الجميع يتخبط فى تحليلات ما أنزل الله بها من سلطان ويظل الشحن فى الميدان!








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة