أيمن نور

«ما قبل أزمة مارس (2)»

السبت، 04 فبراير 2012 07:55 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
دفعت القوى غير الليبرالية الثمن باهظا يوم أن أعطت المشروعية لقرار الضباط بحل الأحزاب وضرب الليبرالية، واعتقال القادة، بدعوى حماية الثورة، وما سمى بالمرحلة الانتقالية لمدة ثلاث سنوات، فما أن شعر الضباط بشىء من الأمان بعد إزالة أول تزجيل الخطر والتهديد من أكبر التحديدات «القوى الليبرالية» حتى التفتوا إلى جبهات أخرى، ضاربين عرض الحائط بتحالفات كانت قائمة لتحديدهم أثناء المعركة مع القوى الأساسية وهى الليبرالية.. ففى 15 يناير 1954 اتخذ مجلس قيادة الثورة قراره بإنهاء شهر العسل وحل جماعة الإخوان المسلمين، كما كان عبدالناصر ومجموعته قد نجحوا فى التخلص من العناصر المؤيدة للقوى لليبرالية من جانبه من أمثال خالد محيى الدين ويوسف صديق وغيرهما.. وبقيت مشكلة التخلص من اللواء محمد نجيب والتى برزت منذ منتصف عام 1953، عندما أعلن هو وبعض أنصاره من داخل مجلس قيادة الثورة خوفهم من قيام ديكتاتورية عسكرية، واعتقادهم أن التغير الاجتماعى المنشود، وإعادة البناء، لن يحدثا إلا فى ظل الليبرالية.. ومع عودة القوى السياسية الشعبية بدأ نجيب يقف بوضوح وصراحة بجانب من يساندون الليبرالية فى وجه النزاعات الديكتاتورية التى سيطرت على معظم أعضاء مجلس الثورة بفعل المصالح الجديدة والأطماع الشخصية فى الحكم والثروة والسلطة.. ووصل الأمر بنجيب أن وضع الضباط بين خيارين: إما الليبرالية وعودة الحياة الحزبية أو الاستقالة!! فقبلت الاستقالة فى 23 فبراير 1954!! وكانت استقالة نجيب إشارة البدء للقوى الليبرالية لتعاود وتواصل كفاحها، رغم إلغاء الأحزاب، وتعطيل الدستور، والاعتقالات، والسجون والمحاكمات العسكرية.. فتحركت جموع شعبية تطالب بالليبرالية وعودة نجيب، كما تحرك سلاح الفرسان للإطاحة بعبدالناصر، لكنه سرعان ما تراجع وأعلن أمام سلاح الفرسان عودة نجيب، وتولى محيى الدين رئاسة الوزارة، وعودة الحياة النيابية، وفى 27 فبراير أعلن عبدالناصر بيان قيام «الجمهورية البرلمانية المصرية» وأعلن نجيب فى خطاب فى ميدان عابدين حشدت له القوى الليبرالية قبوله الرئاسة، وشروطه التى تبلورت بعد اجتماع 4 مارس، وأثمرت مكاسب مؤقتة مثل إلغاء الرقابة على الصحف، وانتخاب جمعية تأسيسية، وإلغاء الأحكام العرفية.. حتى أن مقالا نشر فى جريدة الأخبار عدد 23 مارس 1954 قال فيه أحمد الألفى عن فرحة مصر وتأييدها العميق لو عاد الوفد بزعامة روحية للرئيس الجليل مصطفى النحاس وبين أعضائه تلمع أسماء جمال عبدالناصر، وصلاح سالم، ونجيب!!

فاستشعر عبدالناصر الخطر، وأعلنت الأهرام فى 20 مارس أن الأحزاب ستعود فى إطار حزبين: الأول «الحزب الجمهورى» والثانى «الحزب الاشتراكى الجمهورى»، إلا أن نجيب رفض الفكرة التى كان خلفها عبدالناصر والدكتور السنهورى والدكتور السيد صبرى، وقال فى مؤتمر عقد بنادى القوات المسلحة: «أدعوكم يا ضباط الجيش إلى ترك السياسة لإخوانكم، فهم يسعون لعزة البلاد وحريتها». بل إن يوسف صديق عضو مجلس قيادة الثورة اقترح حكومة ائتلافية مدنية برئاسة الدكتور وحيد رأفت تمثل كل التيارات وفى مقدمتها الوفد، وتبنت الجامعات المصرية الفكرة وروجت لها نقابة الصحفيين واعتبرتها مطلباً وطنياً، وكذلك فعلت نقابة المحامين وغيرها من المؤسسات.. بل إن القائمقام أحمد شوقى - أكبر الضباط سنا بعد نجيب - اتهم الثورة بالانحراف عن مسارها، وتواكب هذا مع البيان الخطير الذى ألقاه على الشمسى رئيس مجلس إدارة البنك الأهلى عن انعكاسات الثورة وغياب الليبرالية بصورة شبه مدمرة على اقتصاد مصر منذ قيام حركة 1952.. مما اضطر عبدالناصر إلى أن يعلن فى 25 مارس أن مجلس قيادة الثورة سيحل فى 24 يوليو 1954، وتعتبر الثورة فى هذا التاريخ قد انتهت، وتسلم البلاد لممثلى الأمة الذين سينتخبون انتخابا حرا مباشرا، وسيسمح بقيام الأحزاب، وأن الثورة لن تؤلف حزباً، ولن تحرم أحداً من الحقوق السياسية، حتى لا يؤثر هذا على حرية الانتخابات.. هذا هو إعلان 25 مارس.

إلا أن السؤال: هل صدقت نوايا أنصار الديكتاتورية العسكرية؟ أم أن إعلان 25 مارس لم يكن سوى مناورة لثورة مضادة؟ هذا ما سنتناوله غدا.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 5

عدد الردود 0

بواسطة:

شريف مصري

توعية أم تدبيس

عدد الردود 0

بواسطة:

شاهد عيان

سبحان الله

عدد الردود 0

بواسطة:

أحمد زايد دسوق

رحم الله الزعيم

عدد الردود 0

بواسطة:

احمد

الرحمة

عدد الردود 0

بواسطة:

اسامه عوف الحواله

منك لله

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة