لم أجد كلاما أصف به المشهد المأساوى الذى شاهده ملايين المصريين بالداخل والخارج عقب مباراة كرة قدم بين الأهلى والمصرى فى استاد بور سعيد، والتى أسفرت عن فوز المصرى 3-1 وهجوم من ما يطلق عليهم مشجعون على جمهور الأهلى المهزوم بالضرب والرشق بالحجارة والسيوف والشماريخ داخل الملعب، والجرى وراء اللاعبين والتحرش بهم وضربهم ومحاصرة جمهور الأهلى فى المدرجات، وإحداث معارك معهم أسفرت عن مقتل أكثر من 75 شابا نقيا لا ذنب له سوى أنه يريد الاستمتاع بمشاهدة مباراة لكرة القدم .
وكان المشهد مخيفا ومرعبا، خاصة مع تراكم أحداث مثل مشاجرات بين جماعة الإخوان المسلمين والمعتصمين بالتحرير أمام البرلمان وماسبيرو، وعمليات السطو المسلح على أموال البنوك والبريد وقطع طرق وتحطيم سيارات واحتجاز المعتصمين كرهائن وكوسيلة للضغط للاستجابة لمطالبهم، كما فى احتجاز 25 خبيرا صينيا يعملون بأحد مصانع الأسمنت ومقتل سائق ميكروباص على يد محاسب إثر مشاجرة على أسبقية المرور فى منطقة المهندسين وغلق شارع جامعة الدول العربية لساعات طويلة من قبل سائقى الميكروباص، تضامنا مع مقتل زميلهم ووصولا إلى المشهد المفزع فى مباراة الأهلى والمصرى فى بورسعيد وحريق استاد القاهرة خلال مباراة الزمالك والإسماعيلى.
كل هذه الأحداث وغيرها جعلت هناك تساؤلات عديدة مطروحة الآن، من أهمها مسألة الأمن فى مصر ودخول البلاد فى حالة الفوضى واللا رجعة بسبب عدم القدرة على السيطرة على الأمن .. وتصريح وزير الداخلية الحالى من قبل عن وجود أكثر من 4500 سجين هارب منذ قيام الثورة فى يناير 2011 حتى الآن لم يتم ضبطهم من قبل الآمن !! وهذه فى حد ذاتها كارثة كبرى تنذر بحدوث ما لا يحمد عقباه من فوضى وثورة أخرى للجياع بسبب مرور عام على هذه الثورة ولم يحدث أى تغيير أو محاكمة لأحد من المتهمين، سواء فى موقعة الجمل التى يحل ذكراها الأولى اليوم 2 فبراير ومرورا بقتلة الشهداء فى الأيام الأولى للثورة وأحداث مجلس الوزراء ومحمد محمود وماسبيرو وغيرها من الاحداث التى ننسبها دائما إلى مجهول أو طرف ثالث، لا أحد يعرفه، على طريقة فيلم الرجل الثانى الذى يريد الخراب لمصر.
أو ننسبها إلى القوة المضادة للثورة التى لا تريد إنجاح الثورة وفشلها، حتى يترحم الناس على أيام مبارك وحبيب العادلى، ولكن فى تقديرى أن الشعب عندما قام بالثورة دون رأس لها تم خطفها منه من قبل المجلس العسكرى الذى عينه مبارك، وأوكل إليه هذا المهمة دون أن يعرف مصيره مع المجلس العسكرى الذى توحد مع مطالب الثوار منذ البداية، ولكنه ابتعد تماما عن أهداف الثورة ومطالبها.
فلم يتم المحاسبة أو المحاكمة الثورية لمبارك وأعوانه ولم يتم تحقيق العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية والعيش من مطالب الثورة، فلاتزال بقايا النظام البائد تتحكم فى مصير البلاد وتتقاضى رواتبها بالملايين فى مقابل رواتب بالملاليم ! ولا تزال أموال التأمينات والمعاشات منهوبة من قبل الحكومة التى استولت عليها وقامت بضخها فى مشروعات لا تأتى بأرباح للدولة باعتراف رئيس الوزراء نفسه ..
ولم يتم إعادة هيكلة الوضع المهترئ فى وزارة الداخلية، ولم تتغير أوضاع الضباط الموالين للنظام السابق الذين استفادوا منه كثيرا، وتوقفت الرشاوى التى كان بعض الضباط يتحصلون عليها من المواطنين قبل الثورة ..
وأعتقد أن القوى المضادة للثورة من رجال الأعمال المنتمين للحزب الوطنى المنحل ولم يتم محاسبتهم حتى الآن لهم يد فيما يحدث وبعض منظمات المجتمع المدنى الممولة من دول لا تريد الخير لمصر، والتى تريد الانتقام من العسكرى جراء ما أحدثه بهم وبصورتهم، وأن رموز الحزب الموجودة فى سجن طرة لم تترك الأمور تمر مرور الكرام دون السعى لإفشال الثورة وتدمير البلاد من منطلق على وعلى أعدائى أو أنا ومن بعدى الطوفان!
فما حدث فى مباراة الأهلى والمصرى وسقوط الشهداء من الشباب - الذين ندعو لهم بالرحمة ولذويهم بالصبر والسلوان- لم يكن يحدث فى أى مكان فى العالم ، وما شاهدنا من انحطاط فى السلوك وتدنى فى الأخلاق لم نكن نراه إلا فى بلدنا التى شوهت صورتنا بالخارج بعد أن كان العالم كله يتحدث عن ثورتنا المجيدة ومدى سموها ورقيها، ولكن قبل أن يستولى عليها العسكر والإخوان.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
الأسيوطي
ح تروح من ربك فين