إذا أردنا الصدق فإن النائب زياد العليمى قد أخطأ بسبه المشير طنطاوى.. وهذا السب قد أخرجه من النقد المباح إلى السب والقذف، الذى لا نرتضيه لأى إنسان مهما كان اختلافنا معه، وهذا ما يعاقب عليه القانون.. كما لا ينكر أحد أن مقياس نجاح الثورات لا يخرج عن سلميتها وأخلاقيتها، والتى قامت من أجل غرسها فى المجتمع.. لكن الذى أدهشنى فى موضوع المشير والنائب كم الهجوم الذى شن على النائب زياد العليمى من جانب العديد من الأجهزة بدءا من مجلس الشعب والإعلام الحكومى المرئى والمقروء ناهيك عن برامج وضعت فى خدمة الهجوم على النائب من خلال مقدميها كانوا إلى وقت قريب يسبحون بحمد مبارك ويخدمون على مسألة توريث ابنه جمال للحكم.. أحد مقدمى تلك البرامج دائما ما يتظاهر بثوريته وقوميته وكأن المشاهدين لا يعرفون حقيقته الدامغة فى فن النفاق والتطبيل للسلطة أيام مبارك وللسلطة الحالية وللرئيس الذى سيحكم مصر قريبا أيًا كان هذا الرئيس!
كما أدهشنى فى ذلك المشهد أيضًا التظاهرات التى قام بها عدد من جانب الضباط القدامى الذين خرجوا من الجيش وصاروا على المعاش منددين بما فعله زياد العليمى.. السؤال الذى أود طرحه الآن على الذين انتفضوا للمشير ضد النائب هو "هل يا ترى الخطأ الذى ارتكبه زياد العليمى لسبه المشير يرتقى إلى درجة أعلى وأشد إثمًا مقارنة بمن أسالوا دماء الشهداء أثناء الثورة أو فى شارع محمد محمود أو على أرض ماسبيرو، نهاية بالمذبحة التى حدثت فى استاد بورسعيد ؟!!".. فلماذا لم تجيش الجيوش للمطالبة بجدية التحقيق والبحث عن الفاعلين الحقيقيين والإعلان بلا مواربة لما حدث بأنه مؤامرة على الثورة لإجهاضها وليس تقصيرا أمنيا!!. لقد فعل خيرا المجلس العسكرى بإرساله مذكرة لمجلس الشعب يخبره فيها بأنه لن يحرك دعوى قضائية ضد النائب زياد العليمى انتظارًا لما ستسفر عنه المبادرة التى قررها المجلس من اتخاذ إجراءات ضده.
إذا أردنا توصيف ما يحدث بصدق فإننا لن نخرج فى ذلك الموضوع عن كونه افتعال قضايا هينة وبسيطة كان من الأنسب عدم الإشارة إليها أو التركيز عليها وفرضها على الرأى العام.. لكن ربما أرادوا ذلك لتشتيت الانتباه عن المشكلات الحقيقية التى يعانى منها المواطن وعدم إثارتها تحت قبة البرلمان.. مما جعلنى فى النهاية أؤمن بأننا شعب بارع جدًا فى صنع الآلهة التى تحكمنا وأننا لا نستغنى عن الارتماء تحت أقدام السلطة.. وإلا فلم كل هذا التجييش والانتفاضة ضد زياد العليمى؟ يبدو أن هناك الكثير فى البلد من كتبة وإعلاميين وسياسيين ملكيين أكثر من الملك نفسه هم رجال لكل العصور.
عثمان محمود مكاوى يكتب: فى مسألة النائب والمشير
الأربعاء، 29 فبراير 2012 03:13 م