رفض الصحابى الجليل عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضى الله عنهما، وهو من كبار صحابة رسول الله، صلى الله عليه وسلم - أن يشارك خليفة المسلمين وأمير المؤمنين سيدنا على بن أبى طالب - رضى الله عنه وكرم الله وجهه - فى قتاله ضد سيدنا معاوية بن أبى سفيان - رضى الله عنه - فى معركة صِفّين، مع أنه كان يعلم أن الحق مع سيدنا على، وأنه كان يدور معه حيث دار.. كما رفض - بعدها بأعوام - خروج سيدنا الحسين بن على بن أبى طالب - رضى الله عنهما - إلى الكوفة خارجا على خليفة المسلمين -آنذاك- يزيد بن معاوية، مع أنه كان يعلم أن الحق مع سيدنا الحسين؛ لكنه رأى - من وجهة نظره - أن كلا الحدثين فتنة؛ لأن المسلمين سيقاتلون بعضهم بعضا، وستراق دماء المسلمين على أيدى المسلمين، بغض النظر مَن مِن الفريقين على حق، ومن على غيره؛ فلا ينبغى له أن يشارك فى فتنة كهذه؛ فماذا فعل سيدنا عبد الله بن عمر إزاء هذه الفتنة بعد أن رفض المشاركة فيها ؟؟!! لم يقف موقفا سلبيا، ولم يكتم كلمة الحق، ولكنه عبر عن رأيه الذى يرى فيه الحق؛ فقال كلمة ابتغى بها وجه الله، وحاول أن يطفئ بها نار الفتنة ويزيلها، لا أن يشعلها ويزيدها... فعل ذلك مع سيدنا على - حينها - ليثنيه عن القتال، وفعل هذا مع سيدنا الحسين - بعدها بأعوام - ليثنيه عن الخروج على الخليفة؛ كل ذلك كما أسلفنا خوفا على إراقة دماء المسلمين، فلمّا لم يجد استجابة فى الأمرين من الطرفين، ولمّا لم يستطع أن يمنعهما مما هم مقدمون عليه، ووجد أنه قد بذل ما فى وسعه معهما دون استجابة منهما، نأى بنفسه عن هذه الفتنة، واعتزل الأمر كله، ولزم بيته، وأمسك عليه لسانه، فلم يشارك فى حديث ولا إحداث ولا أحداث الفتنة... وكان هذا رأيه واجتهاده وفعله الذى اتبعه فيه مجموعة من كبار الصحابة، كما خالفه فيه مجموعة أخرى من كبار الصحابة أيضا، وهذا يدل على أن من يرى الحق، قد يراه الآخر باطلا، وبالتالى فالأمر فيه سعة ومرونة فى الاجتهاد، ولكل فريق منهما رأيه واجتهاده، وفقا لمعطيات الواقع، ورؤية كل منهما للأمر من وجهة نظره.. ولم يجبر أحد الفريقين الفريق الآخر على أن يقتنع بوجهة نظره، أو أن يحذو حذوه، كما لم ينكر أحدهما على الآخر ما رآه وابتغاه!! ... بل إن سيدنا على نفسه وهو الخليفة لم يغضب من سيدنا عبد الله بن عمر ومن معه لأنهم رفضوا مشاركته فى القتال، ولم يجبرهم عليه!! ... وما فعله عبد الله بن عمر فى موقفه هذا، كان فى حقيقة الأمر، امتثالا لما أخبر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صحابته عما يفعلونه فى الفتن، فى بعض ما جاء فى حديثه: (الزم بيتك، وأمسك عليك لسانك، وخذ بما تعرف، ودع ما تنكر، وعليك بأمر خاصة نفسك، ودع عنك أمر العامة) وقد لزم عبد الله بن عمر بيته؛ فلم يشارك فى أحداث الفتنة، وأمسك عليه لسانه، فلم يشارك فى حديث الفتنة، وأخذ وفعل ما عرف أنه الحق، وترك ما ظن أنه المنكر، وأخذ بأمر خاصة نفسه حين نأى ونجا بنفسه من الفتنة، وترك عنه أمر العامة؛ فلم يغتر وينخدع ويسير فى ركب عامة الناس السائرين فى الفتنة والداعين لها، من وجهة نظره !!.. هذا هو رأى واجتهاد وفعل سيدنا عبد الله بن عمر بن الخطاب إزاء الفتنة... عرفت ليه بقى قولتلك: فى الفتن ... فُوكّك ؟؟
عمرو عطية يكتب: عِرِفْت ليه قولتلك: فُوكّك ؟!
الثلاثاء، 28 فبراير 2012 06:08 م
جانب من أحداث محمد محمود
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة