د. ماجد رمضان يكتب: التصور الإسلامي للحاكم الأجير

الثلاثاء، 28 فبراير 2012 02:24 م
د. ماجد رمضان يكتب: التصور الإسلامي للحاكم الأجير صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
دخل أبو مسلم الخولاني على معاوية بن أبي سفيان فقام بين السماطين فقال : السلام عليك أيها الأجير فقالوا : مه ، فقال معاوية : دعوه فهو أعرف بما يقول ، وعليك السلام ياأبا مسلم ، ثم وعظه وحثه على العدل .

ولم يكن ذلك التابعي وهو يستعمل لفظ الأجير متلاعبا بألفاظه أو متطاولا على قائده وإنما كان منطلقا من التصور الإسلامي الحق لمنزلة الحاكم وعلاقته بالأمة : إنها علاقة الأجير برب العمل فالأمة هى رب العمل والحاكم أجير عندها أنابته لأداء وظيفة الحاكم لقاء أجر مادي معلوم ومكانة معنوية مشروطة والتزمت معه بعقد اختياري طرفاه : الأمانة والنصح من الحاكم والطاعة والنصرة من المحكوم .

ومن هذا المنطلق كان من المطلوب من الحاكم أن يتصف بصفتي الأمانة والقوة اللتين امتدحهما القرآن الكريم في الأجير على لسان ابنة شعيب ( إن خير من استأجرت القوى الأمين ) والأمانة هنا تشمل الصفات الأخلاقية التي تكبح جماح الحاكم وتكون وازعا له من نفسه يمنعه أن يستاثر بالسلطة والثروة ، أو يؤثر بهما ذويه أو يسىء استعمالهمابأي صورة من الصور .

وأما القوة فهي تشمل الخبرات السياسية والعسكرية والاقتصادية والفنية التي تمكنه من الإضطلاع بمهمته على الوجه الأكمل والأصلح للأمة .
لكن الأمانة والقوة قلما تجتمعان في الشخص الواحد ، وإذا اجتمعتا فقل أن يكون ذلك بتوازن وهنا لب الإشكال ،فإن وجد من كان أمينا ورعا تقيا زاهدا صادق اللهجة نقي السريرة وجدته قد افتقد عنصرا من عناصر الكفاءة السياسية وهكذا .
ويمكن التخفيف من نتائج عدم اجتماع الأمانة والقوة في فرد الحاكم من خلال مبدأي الموائمة والتكامل :
والموائمة فهى إدراك لملابسات المنصب وصلة ذلك بأشخاص معينين بغض النظر عن خبراتهم الشخصية ، كأن يكون تولي شخص بعينه منصبا فيه منفعة عامة رغم المعرفة بوجود نقص في جانب من جوانب شخصيته ( القوة والأمانة ) .

واما التكامل فهو أن يكون الحاكم صادقا مع الله ومع الأمة مدركا لجوانب القوة والضعف في نفسه فيبحث عمن يستكمل به نقصه ويتدارك به قصوره حتى ولو كان الحاكم من أهل الأمانة والقوة لأن التوزان المطلق كمال مطلق وهو غير متاح للبشر ( فيكون البحث عن النائب أو المساعد ليستكمل به جوانب النقص عنده)

وتكتمل الصورة بعلاج جوانب الضعف البشري والنقص الفطري من حيث صعوبة اجتماع الأمانة والقوة واستحالة اجتماعهما بتوازن مطلق من خلال تفعيل مبدأي الشورى والمشاورة .

فبالشورى تختار الأمة أقرب الناس اتصافا بصفتي الأمانة والقوة ، وبالمشاورة تستحث الأمة الحاكم الضعيف وتلجم الحاكم القوى ، وتحتفظ بحقها في عزل أى منهما واستبداله بالأصلح .
هذا هو التصور الإسلامي للحاكم وعلاقته بالأمة ، فما أحوجنا لوضعه نصب اعيننا ونحن على مشارف اختيار رئيس جديد ، ونجد كل فريق يدافح وينافح عما يعتقد أنه الأنسب لهذا المنصب معتمدا على معايير عاطفية أو قناعات شخصية أو ولاءات حزبية أو روابط تنظيمية ، متناسين صفات الحاكم الأجير .






مشاركة




التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

د. طارق النجومى

نريده أحد العمرين ولانريده معاوية

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة