مجدى الشربينى يكتب: متى يتوقف البحث عن سراب الأموال المهربة؟

ما يحزننى بل ويخجلنى بشدة حقا هو تلك اللهفة لاسترداد الأموال المهربة.

إذا سلمنا بأننا تمكنا من استرداد هذه الأموال الآن فلا يجوز لنا أن نفرح كثيرا بل ينبغى أن نحزن ونخجل من أنفسنا.. لأننا ببساطة شديدة فى مقابل استردادنا لبضع مليارات خسرنا مليارات أكثر بكثير بتوقفنا عن العمل والإنتاج وتوقف السياحة لمدة تزيد على سنة حتى الآن وانشغالنا بالمطالب الفئوية.. وهكذا فالقضية من الناحية العملية خاسرة.. والخسارة هنا ليست مالية أو اقتصادية فحسب.. بل خسائر لا حصر لها، والخسارة الأفدح لسمعتنا.. سمعة شعب وبلد كبير.

كما لو سلمنا بأنهم أعطونا هذه الأموال الآن فلقد ضاعت فرحتنا بها لأنها لم تأت فى موعدها.. أى مع نشوة الفرحة بنجاح ثورتنا لاستثمارها فى زيادة سرعة دوران عجلة الإنتاج.

ويا لشد خوفى لو حصل واسترددنا هذه الأموال الآن وانشغلنا عن العمل والإنتاج أكثر بحرب شنيعة شائنة لأن الكل سيلهث ليأخذ ما يستطيع.. وبالطبع ستزداد المطالب الفئوية.

من الأمور المخجلة تماما بل وتدعو للحسرة لهفتنا على مبلغ حوالى 500 مليون دولار أعلنت سويسرا عن وجوده فى بنوكها بأسماء آل مبارك وآخرين.. فشكلنا لجنة.. واللجنة سافرت ورجعت وسافرت ورجعت.. وبعد؟.. حتى الآن لم يردوا شيئا.. فكم أنفقت هذه اللجنة من جهد ووقت ومصاريف للإقامة فى فنادق سويسرا وبدل سفر وبدل نفقات.. إلخ.

كما أن الغرب يعلن صراحة وبدون خجل أن رد الأموال لا يكون فوريا وبعد خصم ثلث أى أموال.. فكم سيتبقى؟.. حوالى 350 مليون دولار.. هل هذا المبلغ كبير لدرجة أن تهتم به جمهورية مصر وشعب مصر وإعلام مصر كل هذا الاهتمام.. والله إن الأمر لمخجل.. هذا المبلغ هو مجرد دخل لمدة يوم واحد فقط إذا عملناه.

لا داع للجرى وراء الأوهام.. ولندع قضية الأموال المهربة جانبا ويتابعها المختصون، إن استطعنا استرداد شىء فهو نعمة، وإن لم نستطع فلنستعوض الله.. وكفانا خسارة مع كل طلعة شمس ربما مئات الملايين من الدولارات من جراء توقف العمل والإنتاج والسياحة.. الخ.

لقد خسرنا حوالى 20 مليار دولار من الاحتياطى النقدى حتى الآن.. ألا يكفى هذا؟

ليكن تركيزنا على القضية الأهم ذات المكسب المؤكد والأكبر بكثير، ألا وهى العمل.. نعمل لإثبات الذات ولنكسب قوتنا بكرامة وعزة نفس.. لو عملنا بجدية وبضمير طوال العام الفائت لصار معنا الآن أكثر مما ننتظر من الأموال المهربة.

العمل هو الحقيقة والأموال المهربة هى السراب.