بيانات.. آراء.. تعليقات.. تحليلات.. هكذا تم اختزال العمل السياسى فى بلادى مصر، فلم يعد للأفراد والحكومات ومحترفى السياسة وهواتها، هما فى هذه المرحلة الدقيقة التى تمر بها البلاد سوى الخروج علينا – نحن الشعب – بكلام لا يسمن ولا يغنى من فائدة بل يزيد الطين بلة.
وأصبح عمل الحكومة دائما التذكير بآلام الوطن، وبث الخوف فى نفوس الطامحين فى بلد آمن مستقر، وكانت هذه هى آفة الحكومات فى عهد مبارك الساقط، ولكنها انتقلت إلى حكومات ما بعد أحداث يناير الماضى، التى تفتقد إلى كل صلاحية من شأنها حل أزمة أو الحد من مخاطرها.
وجاء بيان حكومة الدكتور الجنزورى الذى ألقاه أمام البرلمان، فى هذا الإطار الذى جعل من الحكومة طبيبا، يشخص الحالة ويزيد التعمق فى تحليل الوضع دون النظر إلى كيفية انتشال الوطن من مرضه وأزمته، فتحدث عن مشاكل اقتصادية، وعن ديون الدولة، وخدمات الدين العام، وأزمة السياحة، وغير ذلك من الأمور التى يعلمها الجميع، دون أن يظهر أى بارقة أمل فى مستقبل جيد للوطن، فجاء بيانه الذى حاول أن يبيض به صورة حكومته ليزيد المستقبل سوادا وقتامة.
كنت أتمنى – وأظن معى الكثيرين- على الدكتور الجنزورى الذى حاول مرارا إقناعنا بصلاحيات رئيس الدولة التى منحها إياه المجلس الأعلى للقوات المسلحة، أن يظهر ولو صلاحية واحدة من تلك الصلاحيات الممتدة فى إنجاز واحد نراه على أرض الواقع، بدلا من التعمق فى توصيف الحالة وتشخيصها التى مل الشعب منها وكاد يفقد الأمل فى حياة كريمة لأبناء الوطن.
الأمر فى مصر يجب أن يخرج عن سياق مرحلة التشخيص إلى حالة العلاج الحقيقى، وذلك على اعتبار أن المريض موجود والحالة معروفة سلفا، وبقيت القدرة على توصيف العلاج الدقيق، خاصة وأن آلام الوطن تعاظمت بسبب التشخيص الخاطئ للحالة السياسية التى تحولت إلى حقل تجارب للهواة، فكانت النتيجة تضخم فى الورم القومى الذى كاد أن يتحول إلى خبيث يجب أن يباد.
أزمة مصر – عندى – فى كثرة التحليلات وتباين الآراء، وعدم الإجماع على وحدة الهدف، وما بين اللاعبين السياسيين، والمحللين، ومعطيات الواقع السياسى، تبقى غالبية الشعب مستكينة، فى انتظار من يتعطف عليها بحل أو آلية للخروج من أزمتها المتفاقمة.
صحيح قد تكون الحلول فى يد من لا يملك تنفيذها، ولكن على أصحابها الترويج لها حتى يقنع بها الشعب صاحب القرار الأول والأخير.
الدولة أصبحت مريضة فى حاجة إلى علاج وليس إلى مزيد من التشخيص، والتذكير بخطورة المرض، لأن الاستمرار على هذه الحال سوف يودى بحياة المريض، ليس لخطورة ما يعانيه، ولكن من شدة الوهم الذى يبثه فى نفسه هواة التحليلات والتشخيص، معتمدين على تاريخ قديم قد يكون اعتراه الصدأ أو تحدته الظروف الحالية.
ولا ينبغى أن يتحول دور الحكومة إلى طبيب يمارس هواية التشخيص، وتحويل جسد الوطن إلى حقل لتجارب الأدوية الجديدة والسياسات البالية، فحالة الوطن لم تعد تحتمل.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
ايهاب
و الله معاك حق
عدد الردود 0
بواسطة:
حسام محمود
حكومه فشنك
عدد الردود 0
بواسطة:
حسام هلال
مختلف معك
عدد الردود 0
بواسطة:
كمال
مجرد أستفسار