أيمن نور

مبادرتى

السبت، 25 فبراير 2012 07:50 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نشرت هذه السطور الأسبوع قبل الماضى تحت عنوان «وصيتى» واليوم أعيد نشرها بناء على طلب عدد من القراء، وقد اقترحوا أن يكون عنوانها هو «مبادرتى».

أتمنى أن أُعلم كل من أُحبهم أن يُحبوا كل الناس، لا معنى أن تُحب من يُحبك فقط، أو أن تهتم بالمهموم بك، أو أن تتمنى الخير لمن يتمناه لك، فالحب الحقيقى أن تحب كل الناس، أن تسعى أن يسعدوا جميعا.. إحساسنا بحب كل الناس يغير لون الحياة، ويجعلها أحلى وأجمل، وأكثر بهجة وأملا وشرفا.

إذا كرهت كل من آذاك أو اعتدى يوما عليك، أو توحم على حقوقك، أو فكر فى التآمر عليك، أو تواطأ ضدك، أو تمنى لك الشر، أو أغلق أذنيه وأنت تستغيث من الألم، أو رفض أن يمد لك يديه وأنت تغرق.. قطعا أنت محق فى كراهيتك لهذا أو ذاك، وربما لهؤلاء جميعا، لكنك قطعا لا تستحق أن تصحو ذات يوم فلا تجد مكانا للحب فى قلبك.

لا أوافق على اعتناق فكرة أن القلوب يمكنها أن تحمل الحب والكراهية فى آن واحد، فلابد أن واحدا منهما سيطرد الآخر، وينتصر عليه، وما أفدح هزيمتك، وخسارتك، إذا انتصرت داخلك أسباب الكراهية، فلن تترك للحب مكانا فى قلبك، ويومها سيخسر من أحبوك، وسيربح من آذوك، لأنك ستقدم لهم دليلا «مجانيا» على صحة ما ارتكبوه فى حقك.. ومبررا لما اقترفوه معك.

عندما تكره من كرهك، وتؤذى من آذاك، وتقتص ممن ظلمك، فأنت تعترف بضعف إيمانك بعدالة الله، وتقبل أن تكون فى ذات المنزلة لمن فعل بك هذا، فى الدنيا والآخرة، والفارق الوحيد بينكما، سيظل هو فقط فارق التوقيت، كونه هو الذى يحمل وزر المبادءة بالشر، أو الظلم، وأنت أيضا ستحمل وزر الملاحقة!!

أبدا لا أدعو أحدا للاستسلام لظالمه، أو الخنوع له، أو التواكل على الغيب، بل أدعو وأحرض على الغضب والمقاومة، فمن لا يغضب لا يستحق الحياة، لكننا دائما يجب أن نمايز ونفرق بين الغضب والكراهية، بين الاختلاف والانتقام، بين تشابك المصالح وبين تقاطع المشاعر الذى ينبغى أن نحافظ عليها كبشر تجمعنا أرض وسماء واحدة.. وحروف ثلاثة هى: «مصر»!!

لا أقصد بالحب، الهوى، والعشق، والهيام، والغرام، ولا أطلب ممن أحب، أن يهيم على وجهه، موزعا الأحضان والقبلات، على من يحب أو لا يحب، على من قدم له الوفاء، وعلى من ناصبه العداء، على من قدم له الورود والزنابق، ومن تمنى له أن يعلق على أعواد المشانق.. ما أقصده بالحب هو «الرحمة».. فالرحمة هى أرقى ألوان الحب، وأكثرها سموا، ورقيا، وصدقا.

الفارق بين الإنسان، وغيره من المخلوقات، ليس هو الشعور بالرحمة، فحتى الحيوانات تملك قدرا من الرحمة، لكن الفارق هو أن الإنسان المخلوق الوحيد القادر أن يثور ويغضب برحمة، أن يصارع دون أن يصرع، أن يغضب فينظر للسماء، فيتذكر أن من لا يَرحم لا يُرحم.. أن يختلف دون أن يخلف وراءه بحورا من الدماء.

الحب فن صعب، بل هو أصعب الفنون الجميلة فى الحياة، هو فن لأن الحياة بدونه قبيحة، مجردة من كل مظاهر المتعة، والخير، والجمال.. وهو صعب لأن نصف من تصادفهم فى الحياة، قد لا يبادلونك حباً بحب، وأنت دائماً لا تملك إلا قلباً واحداً، فإما أن تعمره بالحب أو تُخربه بالكره!!

هل يمكن أن تكون شهماً، ونذلاً فى وقت واحد؟! مخلصاً وخائناً؟! شريفاً ووضيعاً؟! عاقلاً وسفيهاً؟! مؤمناً وكافراً؟! أميناً وسارقاً؟! عادلاً وظالماً؟! صادقاً وكاذباً؟! لا أظن أن شخصاً سوياً يملك هذه القدرة على الازدواجية، كأن يكون محباً وكارهاً.

من يحب الله، لا يمكن أن يكره خلقه، ومن تتحجر قلوبهم، لا يدخلها نور الإيمان به، ولا يستجيبون لرسله، وجميعهم رسل حب، وسلام، ورحمة.. يقول العارف بالله الدكتور عبدالحليم محمود فى تقديمه لقصة الكاتب الفرنسى «أندريه موروا» التى عربها محمود بعنوان: «وازن الأرواح»: «ازداد بحبك، فقراً لله، وتواضعاً لعباده، وعطفاً بالرحمة عليهم، وإن كانوا ظالمين»!!

لقد فكرت كثيراً فى هذه العبارة.. التى لو لامست أوتار قلبك، لطردت الكراهية، والأنانية منه، ولأحببت الحب لذاته، وأحببت للناس ما تحب لنفسك، وتمنيت لهم ما تتمناه لها، وابتهجت لأفراحهم فيدخل الله الفرح إلى قلبك، حتى بسبب من يناصبوك العداء!!
إذا فرحت لفرح من لا يحب لك أن تفرح، فقد انتصرت عليه مرتين، الأولى يوم فرحه، والثانية يوم فرحك، الذى لن يحب أن يشاطرك هو فيه الفرح!!
بلادنا لن تعود إلى بلد خير، إلا إذا عاد الحب لأهلها، إذا امتلأت قلوبنا بالحب فسوف تمتلئ بلادنا بالخير، وتمتلئ بالعدل، وتمتلئ بالحرية..
وهذه وصيتى..
لكل من أُحب..
أو كما اقترح البعض مبادرتى..








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 10

عدد الردود 0

بواسطة:

د. محمد عبد الفتاح

لا يصح الا الصحيح

عدد الردود 0

بواسطة:

مؤمن العزبى

وصيتى - مبادرتى

عدد الردود 0

بواسطة:

nabil hassan

ابدأ بنفسك

عدد الردود 0

بواسطة:

مي وهبه

ليس كل الناس لديها قلب

عدد الردود 0

بواسطة:

أحمد أمين

الى صاحب التعليق رقم 2

عدد الردود 0

بواسطة:

معتز

شكرًا د. أيمن

شكرًا د. أيمن نور مقال رائع

عدد الردود 0

بواسطة:

سامي عوض

اعجبني هذا

عدد الردود 0

بواسطة:

ماجد على

مبادرة حب

مبادرة حب لا تصدر الا ممن كان له قلب, قلب مثل قلبك

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد الشيمي

القلب الطيب

عدد الردود 0

بواسطة:

كريم

من يحب الله لا يمكن ان يكره خلقه

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة