عندما تحدث معى الزميل أحمد فايق عن مهرجان للسينما الإفريقية، يحتفى بها وبرموزها ويلقى الضوء على سينما الجنوب، التى تعانى تجاهلاً إعلامياً كبيرا، وجدت أنها فكرة متميزة تستحق الاحتفاء، ويجب أن يتم توفير كافة السبل لإنجاحها.
خصوصاً أن البعض منا يقاوم طوال الوقت فكرة هويته الإفريقية، وكأنه يرفض الاعتراف بتلك الهوية لأنها تقلل من شأنه، أمام الآخرين لذلك تفهمت رد فعل البعض عندما تقول لهم مهرجان للسينما الإفريقية فتجد أن هناك من يبتسم بسخرية أو يعبر عن دهشته متسائلا هل هناك حقا سينما إفريقية؟ نتيجة لممارسات سياسية خاطئة استمرت لسنوات وسنوات.
وهى ما باعدت بيننا وبين هويتنا، وجعلتنا نتنصل من كل ما هو إفريقى وصارت الشخصية الإفريقية مصدراً للسخرية فى بعض أفلامنا سواء كانت سخرية من لون البشرة أو الطول الشديد، رغم أن قوتنا الحقيقية السياسية والثقافية تكمن فى زيادة الروابط مع كل من يجاورنا فى القارة، وهو أيضاً ما يعطينا صبغة مميزة، ليس ذلك فقط فإفريقيا قارة شديدة الثراء والزخم.. فيما يتعلق بفنونها التى تملك خصوصية تبهر العالم، لذلك فقد يكون مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية هو أولى الخطوات فى إعادة تصحيح المسار فى تلك العلاقة، ولنتعرف عن قرب على تجارب كبار المخرجين الأفارقة، ومنهم المخرج الموريتانى عبدالرحمن سيساكو، والإثيوبى هايلى جريما، والتعرف أيضاً على مشاكل صناعة السينما فى كل الدول الإفريقية والتى تعانى أغلبها من عدم اهتمام الدولة وقلة فرص التوزيع بين هذه الدول بعضها البعض، وبالطبع لا نطمح فى تلك المرحلة بأن ننادى بضرورة عرض تلك الأفلام سواء التونسية أو المغربية أو الإثيوبية والكينية فى دور العرض المصرية.
ولكن على الأقل يشاهدها المهتمون فى احتفالية مثل مهرجان الأقصر، رغم أن الحلم بعرض سينمات أخرى لا تملك إبهار السينما الأمريكية هو حلم مشروع، تطبقه دول العالم المتحضرة من خلال إقامة هذه العروض فى قاعات صغيرة، منطلقين من ضرورة أن يرى الجمهور كل الثقافات، وأن بالضرورة هناك جاليات تهتم برؤية الأفلام القادمة من بلدانهم، وتلك نظرة اقتصادية بالتأكيد يكون لها مردود على المدى البعيد، ولكن يبدو ألا أحد عندنا يفكر بتلك الآلية.
ووجب على الصحافة والإعلام أن يهتما بتوفير الرعاية الصادقة لذلك المهرجان الوليد والذى، قد يحمل أفقا جديدة للتعاون مابين السينمائيين الأفارقة وقد يتجاوز هنات المهرجانات الكبرى التى تركز أكثر فى الشو، ولا تهتم بقدر كبير برسالة السينما الثقافية، ويكفى ما أعلنه منظمو المهرجان من هناك محاولات لدعم الأفلام الأفريقية فى دول القارة والمساهمة فى بناء قدره ما لا يقل عن 45 من صانعى الأفلام الشباب وإنتاج ما لا يقل عن 15 فيلما (قصيرا وطويلا).