محمود كرم الدين محمود يكتب: اعترافات

لن ينفعك الإنكار.. تكلم.. اعترف.. وإلا ...........
: سأعترف بكل شيء .. أعترف بأنى أعلنت كلمة الحق فى وجه الظالم.
أعترف بأنى واجهت الظلم بدون تراجع.. أعترف بكل ذلك بدون إنكار.
ـ هل تعترف أنك شاركت فى تنظيم لقلب نظام الحكم؟
: شاركت لا لقلب .. بل لعدل نظام الحكم.
ـ تعترف أنك تلقيت مساعدات من أطراف خارجية لتحقيق مصالحها داخل الوطن؟
: أعترف أنى فى وطنى حييت لا أجد حتى ما يكفى قوت يومى.. لا أحد ينظر لى رغم وضوحى أمام الأعين.. ولا أحد يسمع لى رغم صراخى.. نعم تعاونت مع كل من تعرفت عليه واحتجت منهم الكثير.. قلت لهم علمونى كيف أحقق كلمة الحق رغماً عن الظالم.. وكيف أثبت فى مكانى بدون تراخ.. كم كنت أتمنى أن أتعلم كل ذلك فى بلدى بحرية وأمان .. لكنى لم أتعلم فى وطنى إلا الخذلان.. أعترف أنى تعلمته .. إن كان العلم جريمة.. فأنا مجرم.. إن كان الفهم خطيئة .. فأنا مخطئ.. لا أنكر أى شيء.

ـ ليست تلك الاعترافات التى أنتظرها منك.. إنك تعلم ما أريد.
: أعترف أنى أحببت تلك الأرض وحلمت أن أحقق عليها أجمل جنة.. أنى نادم على تأخرى على تحقيق حلمى حتى الآن.. نعم أنا مخطئ.. حاكمنى.. طهرنى من سكوتى.. فى زمن الظلم السكوت أكبر جريمة.. نعم أنا مجرم.
ـ من هم زملاؤك.. تكلم
: من كثرتهم لا يمكننى حصرهم لك.. ستراهم ليلاً ينامون على الأرصفة.. يفترشون الحجارة والرمال.. ويتغطون ببرودة الليل.. يشاركون القطط والكلاب طعامها من سلة المهملات.. ستجدهم فى جوع الساكتين خجلاً.. فما بقى من كرامتهم لم يعودهم بعد على ذل السؤال.. ستجدهم فى حسرات الراضين على سوء الحال.. فى عجزهم عن تربية أولادهم بكرامة من حلال.. فلم يترك لهم الفاسدون أى مجال.
ـ يبدو أنك بارع فى المراوغة والتهرب من الإجابة.
: نعم كنت أجيد الهرب.. كنت أجيد الهرب من ضميرى حين يسألنى إلى متى السكوت.. أهرب بانشغالى بأى شيء يلهينى عن مر الإجابة.. فقد كانت الإجابة صعبة جداً.. أن أعترف أنى جبان .. أنى مكسور.. أنى جاهل أمام معلم يرفض مناقشتى.. حين أسأله يهملنى بغرور.. يجبرنى على حفظ وترديد طلاسم غير مقنعة.. أكاذيب مفضوحة ملفقة.. يظننى بها مخدوع.. لكننى عليها مقهور.. ما أصعب القهر على القلب الحر.. وحصار الأسئلة على العقل الحر.. إن الحب لا يحترم إلا القلب الحر.. والعلم لا يأتى إلا بالعقل الحر.. والإيمان لا يأتى إلا باختيار الحر.. لذلك كانت الحرية كيانا أرفض القهر.