محمد عبدالقدوس يكتب: د. كريمة الحفناوى.. استمدت ثورتها من التمثيل!

الجمعة، 24 فبراير 2012 09:22 ص
محمد عبدالقدوس يكتب: د. كريمة الحفناوى.. استمدت ثورتها من التمثيل! محمد عبد القدوس

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قدمت لحضرتك من قبل خمس شخصيات تنتمى إلى بنى آدم! وأردت اليوم تقديم «واحدة» لأول مرة تنتمى إلى حواء، وفكرت فى شخصية سيدتى التى سأقدمها، ولم أتردد فى الاختيار، فالدكتورة كريمة الحفناوى إنسانة ثورية من الطراز الأول، وكانت معنا دوما فى التظاهرات ضد فرعون ونظامه حتى سقط بمعجزة الثورة التى قامت، وأعجبنى فيها كذلك أن الصيدلية التى تملكها وسط بيئة شعبية فقيرة تخدم بها أولئك المرضى الذين يبحثون عن الدواء فلا يستطيعون الحصول عليه لارتفاع ثمنه فتسارع سيدتى إلى نجدتهم فهى قد كرست حياتها للوقوف إلى جانب الناس الغلابة فى الدنيا.
ومن حسن الطالع أن عيد ميلادها غدا السبت، فهى من مواليد 25 فبراير سنة 1953، ولأول مرة أجد إحدى بنات حواء تذكر سنها الحقيقى «دون لف ولا دوران»! ولأنها بنت أصول فهى تفتخر بأنها نشأت فى أسرة فقيرة ووالدها طباخ يعمل عند إحدى العائلات الفنية، أنجبت ثلاثة أبناء هى أوسطهم بين ولدين وتقول: أبى حبيبى وست الحبايب أمى أحسنا تربيتنا، وتخرجنا جميعا فى الجامعة، أما أنا فقد درست الصيدلة بجامعة القاهرة وتخرجت سنة 1978م.
التمثيل فى دمى!
سألتها كيف تشكل كيانها الثورى، فكانت المفاجأة عندما قالت من الفن!! تعجبت من إجابتها بالطبع وسألتها: طيب «إزاى»! معظم أهل الفن بل غالبيتهم الساحقة لا صلة لهم بموضوع الثورة إلا مؤخراً فقط! عندما انتصرت ثورتنا المجيدة فحاول معظمهم ركوب الموجة!! ضحكت حضرة الدكتورة كريمة ضحكة حانية قائلة: أنا مختلفة عنهم فالتمثيل فى دمى منذ صغرى! وكنت أذهب إلى سور الأزبكية أيام زمان لأشترى حكايات أرسين لوبين والقصص وكتب الأدب والمسرح والفلسفة وكان خالى واسمه «مجدى بكر» يشجعنى على الأدب والفن، وبدأت فى التمثيل وأنا صغيرة، وقمت بعدة أدوار على مسرح مدرسة الظاهر الثانوية التى تخرجت فيها، واستمرت هوايتى تصاحبنى بالجامعة، ثم عملت فى مسرح الثقافة الجماهيرية الذى يتبع الدولة، وطفت بالقرى والنجوع ورأيت مصر على حقيقتها وأنا أقوم بالتمثيل أمام الفقراء، وكانت فترة مهمة جداً فى حياتى لأن روح الثورة تولدت لدى فى تلك الحقبة عندما شاهدت الأوضاع البائسة التى يعيشها هؤلاء مع العلم بأننى أنتمى إليهم بحكم نشأتى.
المذاكرة داخل السجن
سألتها عن أسباب إقلاعها عن التمثيل، فأجابت ضاحكة: الثورة أخذتنى بعيداً، ولذلك تركت الفن مع بدايات القرن الواحد والعشرين الميلادى لأكرس وقتى للاحتجاجات الشعبية التى كانت قد بدأت تتعاظم فى ذلك الوقت وعلى رأسها حركة «كفاية»، وتتذكر حضرة الدكتورة أول اعتقال وكان ذلك بعد دخولها الجامعة بسنة واحدة حينما اقتحمت قوات الأمن جامعة القاهرة لفض الاعتصام الذى كان موجودا بمبنى إدارة الجامعة، وكان ذلك سنة 1972، ومكثت وراء الشمس ما يقرب من أسبوعين، وبعد ذلك توالى اعتقالها مع كل الاحتجاجات الطلابية، وأحيانا كانت تختفى عن الأنظار ثم تقوم بتسليم نفسها طواعية قبل الامتحانات بوقت كاف حتى تذهب إلى السجن وتذاكر دروسها جيدا، فلا شىء يشغلها هناك سوى المذاكرة، ولكن حدث بعد انتفاضة يناير الشعبية سنة 1977 أن تم فصلها من الجامعة بصفة نهائية وكانت فى السنة النهائية!! واستطاع المحامى النبيل «نبيل الهلالى» الحصول لها على حكم مستعجل بالرجوع وتأدية الامتحانات.
يوميات صيدلانية
وتعلق كريمة الحفناوى بالفن والثورة لم يشغلها عن وظيفتها الأساسية كدكتورة، بل إنها كرست عملها لخدمة ما تؤمن به من مبادئ وأهداف، واختارت الأحياء الفقيرة لتخدم الناس هناك وفى يونيو سنة 1979 قامت بتأجير صيدلية فى بلدة مزغونة التابعة لمركز البدرشين بالجيزة، وبعدها بست سنوات قامت بتأسيس صيدليتها الخاصة فى قرية «برنشيط» بمركز العياط بذات المحافظة وذلك فى فبراير سنة 1984، ومازالت تعمل بنشاط حتى هذه اللحظة ومن فضلك امسك الخشب وبلاش حسد!
وهكذا أثبتت أنها اشتراكية أصيلة، وليست من أولئك المثقفين الذين يثرثرون كثيرا مطالبين بالنظام الاشتراكى بينما حياتهم الخاصة بعيدة جدا عن كل ما ينادون به!! ومؤخرا صدر لحضرة الدكتورة «يوميات صيدلانية» الذى روت فيه قصص الناس الذين تعاملت معهم عبر كل تلك السنوات.
الثورة مستمرة
شهد القرن الميلادى الجديد منذ سنواته الأولى احتجاجات شعبية بدأت مع دعم الانتفاضة الفلسطينية، ثم التضامن مع العراق، والتظاهرات الصاخبة التى نظمتها القوى الوطنية احتجاجا على التعديلات الدستورية التى تكرس للتوريث وتعمل على تحويل مصر من جمهورية إلى نظام جديد يخلف فيه الابن والده فى رئاسة الدولة على غرار سوريا وكوريا الشمالية!! ووصلت تلك الاحتجاجات إلى ذروتها بقيام ثورتنا المجيدة، وفى كل هذه المشاهد كنت تجد الدكتورة كريمة الحفناوى فى قلبها، وهى من الثوار القلائل الذين خرجوا عن نظام القاهرة والإسكندرية!! ورأيتها تطوف بمحافظات مصر المختلفة تدعو إلى الثورة، وذلك من خلال عملها فى حركة «كفاية» كمسؤولة عن الحركة الجماهيرية بها، وخلال تلك الفترة رأيناها مع المظلومين فى كل مكان مثل أهالى ضحايا العبارة والدويقة وجزيرة القرصاى وقلعة الكبش وغيرها من الحركات الاحتجاجية، وما تزال ثورتها مستمرة حتى هذه اللحظة، فهى قد لعبت أدوارا مهمة فى العديد من التظاهرات التى قامت احتجاجا على سلوك العسكرى الذى يحكمنا!!
أجمل ما فى حياتها!
ويعجبنى كذلك فى الدكتورة كريمة الحفناوى أنها تتحدث بصراحة عن حياتها الخاصة مع أن غيرها يقول تلك حياتى ملك لى وحدى ولا يحق لأحد معرفتها!! فهى قد تزوجت مرتين، المرة الأولى قبل دخولها الجامعة مباشرة فى أكتوبر سنة 1971، وذهبت بعدها إلى مدرجات الطلبة وهى عروس وزوجها المخرج المسرحى محمد سمير حسنى، ومنه أنجبت بنتين زى الورد.. الباش مهندسة نسرين التى تعد حاليا رسالة دكتوراة فى مجالها، ورشا التى تخرجت فى تجارة إنجليزى، ثم تزوجت للمرة الثانية قبل الثورة الدكتور محمد حسن خليل المختص فى طب القلوب وأوجاعها، لكنه كرس حياته من أجل التأمين الصحى بهدف معالجة أوجاع الفقراء، وتقول الدكتورة وهى تختم حوارها معى: أنسى الدنيا كلها عندما أكون مع أحفادى وابنتى الكبرى حيث أعيش معهم أجمل لحظات حياتى.. وطبعا مفيش حد يتذكر الثورة وهو يلاعب أحفاده.. ملحوظة: الجملة الأخيرة من عندى.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة