طارق نعيم يكتب: لماذا يرفض المصريون حكم العسكر؟

الخميس، 23 فبراير 2012 01:18 م
 طارق نعيم يكتب: لماذا يرفض المصريون حكم العسكر؟

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان الهدف الأول لثورة 25 يناير هو الحرية، لماذا ؟ لقد رزح المصريون تحت حكم عسكرى سلطوى على مدار ستين عاما لم يذق خلالها طعم الحرية أو الديمقراطية.

إن حكم العسكريين لا يأتى مطلقا بإرادة شعبية أو بطريقة ديمقراطية، بل إنه يفرض نفسه قسرا رغم أنف الشعوب وكسرا لإرادتها الحرة واستعلاء عليها باعتبارها قاصرة لاينبغى لها أن تختار ولا يصلح حيالها إلا الشدة والعنف، وهو ما يذكرنا بما نسب للمخلوع واصفا الشعوب العربية بأنها تحتاج إلى قبضة حديدية، وبذلك تحولت مصر إلى معسكر كبير وظلت يحكمها أتوا إلى السلطة بشكل قسرى عن طريق ما يسمى بالاستفتاءات المزورة، ولأن ما بنى على باطل هو بالضرورة باطل، وبالتالى فإنهم فاقدون للشرعية.

لقد كان الشعب المصرى دوما رافضا للحكم العسكرى، ولكنه فى ظل مناخ القهر والقمع الذى كانت تمارسه أنظمة الحكم وأجهزة الدولة البوليسية، لم يكن المواطن المصرى قادرا على التعبير عن رأيه وإلا وجد نفسه فى غياهب المعتقلات والسجون، ومع ذلك كان المصريون يتحدثون فى نطاق الأصدقاء والأقرباء والزملاء عما وصل إليه حال الفساد والظلم والاستبداد، ومن المؤكد أنك سمعت يوما إحدى هذه المناقشات التى ربما كانت داخل إحدى وسائل المواصلات أو بأحد المكاتب أو فى جلسة عائلية، حتى حانت لحظة الثورة وجاء اليوم الذى استطاع فيه المصريون أن ينفضوا عنهم الخوف والرعب ليقولوا كلمتهم ويعبروا عن رغبتهم فى إسقاط النظام، المقصود به بالطبع نظام الحكم العسكرى، فهتف الجميع ملء حناجرهم "يسقط حكم العسكر" .

لقد أثبتت تجربة الستين عاما الماضية بما لايدع مجالا للشك أن العقلية العسكرية لا تتقبل الديمقراطية، بل تحقرها وتنبذها وتعتبرها فوضى ومفسدة، أضف إلى ذلك عدم اعترافها بحق الشعب فى اختيار من يتولى عنه إدارة شئون البلاد بإرادته الحرة، لذلك فرضت وصايتها عليه وحرمت المصريين من ممارسة كافة أشكال العمل السياسى سواء فى الجامعات أو النقابات أو الأحزاب، بل حرمته من أبسطها ألا وهو حق الانتخاب عن طريق تزوير الانتخابات، بل اعتبرت ممارسة العمل السياسى خروجا على القانون والنظام العام، واختلقت تهما مثل قلب نظام الحكم والتآمر، الأمر الذى رسخ فى عقول الأجيال أن ممارسة العمل السياسى جريمة تستوجب الملاحقة والعقاب.

إن مصر الآن تمر بمنعطف تاريخى، فهل يرفع العسكر أيديهم عن الدولة ويتركون السياسة لأهل السياسة بعدما فشلوا مرتين، مرة خلال ستة عقود انتهت بثورة شعبية لم تشهدها مصر فى تاريخها القديم والحديث، ومرة خلال عام كامل أعقب ثورة 25 يناير، لتسير مصر لأول مرة فى طريق الديمقراطية الحقيقية، وتتبوأ مكانتها التى تليق بها، ويذوق الشعب المصرى طعم الحرية والكرامة ؟ أم يواصلون محاولاتهم المحمومة لإجهاض الثورة وتكريس حكم العسكروالوقوف فى وجه أحلام هذا الشعب الذى صبر كثيرا وانتفض ضد الطغيان والاستبداد وقام بثورة عظيمة دون أن يجنى ثمارها بعد ؟ وهل يصمت ويعود لنقطة الصفر من جديد، أم سيظل يكافح ويناضل حتى ينتزع حريته كاملة رغم أنف الكارهين ؟ لا يداخلنى الشك أنه سيكافح ليكمل الطريق مهما كان الثمن غاليا، فقد بذل بالفعل الدماء، ولا مانع عنده لبذل المزيد لأنه يعلم أن الحرية غالية .






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة