الفتنة بأيدينا

رغم ما يراه البعض بأن إثارة قضية التحاء ضباط الشرطة، هى عبء إضافى على قضايانا الشائكة المثارة حاليا، فإن الغريب تناولها من البعض بوصفها حرية شخصية لا يجب الحد منها، ويصمم هؤلاء على جرها إلى منحى دينى، وضرب الأمثلة ببلاد مثل الهند وباكستان وبعض دول الخليج، ويغفل هؤلاء أن المقارنة فى غير موضعها، فتلك مجتمعات تتصرف وفقا لتقاليدها وأعرافها وقوانينها التى قد تتعارض مع أوضاعنا.

فى عظمة ديننا الإسلامى أنه لا يصطدم أبدا بالمصلحة العامة التى لا تتناقض مع ثوابته، وقد يكون حلق اللحية هو من باب الضرورات التى تحتمها وظائف عامة لأسباب مجتمعية، ورغم ذلك يرتقى بها البعض إلى مرتبة الضرورات الواجب التمسك بها، ويتجاهلون ما ذكرته دار الإفتاء بضرورة التزام المنتسبين للوزارة بقوانين العمل فيها مادامت لا تتصادم مع ثوابت الإسلام.

مرة أخرى، وكما قال الأستاذ خالد الشيخ فى تعليقه على مقالى أمس الأول: «تجاوزنا العالم إلى مجالات صنع المستقبل»، وهناك من يفرض علينا مثل هذه القضايا فى ضرب واضح للقانون الذى إن فرطنا فيه ضاع كل شىء، وكما قلت فإن من لا تعجبه التقاليد التى يسير عليها جهاز الشرطة، فليتقدم باستقالته منها، ويعفنا من مثل هذه الأشياء، ففتح الباب لها يؤدى بنا إلى مشاكل لا حصر لها، وهناك منطق يجب التعامل معه بجدية، حول كيفية تعامل الضابط الملتحى فى القضايا التى طرفها الإخوة المسيحيون، ومهما يقول المدافعون بأن الضابط الملتحى سيحسن التعامل معهم حتما، يأتى الرد من أن الشك سيكون موجودا مسبقا لدى المواطن المسيحى، بما يحملنا إلى تأويلات طائفية نخن فى غنى عنها.

يحتاج جهاز الشرطة إلى أن نتكاتف جميعا من أجل إصلاحه، ومن أجل الارتقاء به فى التعامل مع الجمهور، بدرجة تعيد الثقة فيه، وهذه قضية تحتاج إلى تغيير فى ثقافة الشرطى التى تحترم حقوق الإنسان، بعيدا عن الانحيازات السياسية، ولا يحتاج إلى جره لمثل هذه القضايا التى لو حكمت عمل هذا الجهاز، فلنستعد إلى فتن طائفية قادمة، ويومها سنقول على أمن مصر السلام.