خالد بركات

عصيان الشعب للنخبة

الثلاثاء، 21 فبراير 2012 09:54 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
جزء كبير من فشل القوى السياسية المعارضة فى جذب الشارع إلى تيارها– فى رأيي- يعود إلى الاستهزاء والاستخفاف بشريحة كبيرة من المجتمع تضم مختلف الأطياف والفئات، ويرجع هذا الأسلوب منذ بداية إطلاق لفظ النخبة على القوى السياسية المعارضة والتى نجحت بالفعل وبصورة لا يمكن إنكارها فى إحراز العديد من النتائج الإيجابية من خلال الضغط على الحكومة و صولا إلى المجلس العسكرى، ولكن يبدو أن الآونة الأخيرة أفقدت النخبة بريقها ومكانتها لدى جمهور الشارع المصرى، خاصة مع نجاح انتخابات مجلس الشعب و بناء كيان تشريعى ورقابى جديد بعد الثورة، وربما لأن الشارع المصرى أصابه بعض الفتور من المليونيات والاعتصامات المستمرة التى أصبح بعضها يظهر فى صورة هزيلة تضعف أصحاب الحقوق فيها أكثر من أن تدعمها.
ولعلك عزيزى القارئ إن كنت من المستخدمين المستمرين لمواقع الفيس بوك وتويتر قد وجدت فجوة كبيرة تنامت مرة أخرى بين واقعك وبين مواقع التواصل الاجتماعى، خاصة إذا تناقشت فى الأمر مع المحيطين ووجدت حالة من الشك فى جدوى الاعتصام المدنى وعدم التيقن من نجاحه، ولكن من ناحية أخرى تجد صفحات الفيس بوك وتوتير مشتعلة بالدعوات للعصيان المدنى، مع إطلاق العديد من النكات والصور الكاركاتيرية عن حزب الكنبة الذى لا يؤدى عمله من الأساس ويمارس أساليب "التزويغ" من العمل، ولكنه يرفض تماما فكرة العصيان المدنى، ولعل هذه أحد الأسباب التى لم تثر حماس المواطنين للمشاركة فى العصيان المدنى المدعو له على الرغم من أنه وسيلة مريحة للغاية "لحزب الكنبة"، ومن ناحية أخرى لأن دعوة العصيان كانت يوم السبت 11فبراير الذى يعد أجازة رسمية لدى غالبية القطاعات فى الدولة، فضلا عن أن رهان حركة 6 أبريل على نجاح العصيان المدنى من خلال القوى العمالية والعاملين بوسائل النقل والمواصلات كان رهانا خاسرا على الرغم من الإعلان عن مشاركة العديد من العاملين فى تلك القطاعات فى العصيان ، إلا أن الملحوظ للعيان أن يوم السبت 11فبراير مر دون حدوث صور للعصيان المدنى إلا من بعض المحاولات فى الجامعات المصرية.

وقد استخدم غاندى وسيلة العصيان المدنى للضغط على القوات البريطانية المستعمرة لنيل استقالا الهند والذى وصفه غاندى بضرورة أن يكون عصيانا مدنيا يتميز بضبط النفس والعقل والتضحية، وكان سببا فى خلع رئيس صربيا، واستخدمه أيضا مارتن لوثر كينج أثناء حرب فيتنام، وهو حق دستورى أصيل لايمكن إنكاره ولا أحبذ تحريمه تدخل الفتوى فى تحريمه أو جوازه لأن لكل حالة ظروفها وتداعياتها.

ولنا فى التاريخ صورة جلية أن العصيان المدنى الذى لم يكن جديدا على المصريين فهم نموذج يدرس لهذا النوع من الاحتجاجات، فقد نجح العصيان المدنى الذى قام به الشعب المصرى عام 1919 وذلك بعد اعتقال الزعيم الوطنى سعد زغلول وأعضاء الوفد، والذى امتد ليشمل عمال السكك الحديدية والعمال بالمصانع، فضلا عن قطع الطرق وخطوط السكك الحديدية ثم انضم للعصيان الموظفون بالمصالح الحكومية مثل الكهرباء و البريد حتى أصحاب الأعمال الخاصة والمحلات وسائق التاكسى اشتركوا فى العصيان المدنى، لتندلع الثورة سريعا فى جميع محافظات مصر، ولكن تتمة المشهد أن العصيان المدنى كان ضد ممارسات الاحتلال البريطانى ضد الشعب المصرى!

إذن نحن أمام مجتمع انهك من شدة ما عاناه من ديكتاتورية عهد مبارك ومشكلات تخبط وفوضى مابعد الثورات، ومهزلة الإعلام المسائية التى أصبحت لا تعكس بحال من الأحوال وضع ومشكلات لعموم، وإنما أصبحت مرآة لآراء أصحابها فقط، وهو ما لوحظ فى المبالغة التى رصدتها وسائل الإعلام لحالات الإضراب يوم 11 فبراير الماضى، بينما الواقع يعكس أن الشعب المصرى مارس العصيان ضد دعوات العصيان المدنى.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة