رأيتهم على شاشات التليفزيون منذ أيام يتحدثون عن المنظمات الحقوقية، التى تساهم فى تدمير مصر أثناء مؤتمر صحفى ضخم، شاهدتهم فى أوقات متقطعة، عندما كنت أستيقظ من الغيبوبة بعد إصابتى أثناء مبادرات وقف الاشتباكات بالقرب من وزارة الداخلية.
تذكرتهم جيدا فقد رأيت وجوههم كثيرا منذ سنوات فى عدة أحداث، كانت بداية معرفتى بهم فى أبريل ومايو 2006، رأيت كلا منهم على حدة داخل مكاتب نيابة أمن الدولة، أثناء التحقيق معى فى قضية أمن دولة عليا طوارئ، ألقيت على التهم المحفوظة، أحمد ماهر، ما أقوالك فيما نسب إليك من الانضمام لجماعة غير شرعية تهدف إلى قلب نظام الحكم تسمى حركة «كفاية»، وبث دعاية مثيرة تهدف لتكدير الصفو العام ومحاربة السلم الاجتماعى، وسب رئيس الجمهورية والمناداة بإسقاط نظام الحكم ومحاولة وقف العمل بالدستور والقانون والخروج على الشرعية؟
الإجابة، أرفض التحقيق داخل نيابة أمن الدولة لأنها جهة غير شرعية، وتم إنشاؤها بقانون استثنائى وأطلب قاضى تحقيق، قررنا حبس المتهم أحمد ماهر 15 يوما على ذمة التحقيق.
تكرر هذا الحوار وتكرر الحبس 15 يوما حتى وصلت مدة حبسى لأكثر من شهرين ونصف و4 شهور لزملاء آخرين، كان المستشاران مكى والبسطويسى تم تحويلهما لمحاكمة تأديبية، بسبب حديثهم عن تورط بعض القضاة فى تزوير الانتخابات الرئاسية والبرلمانية فى 2005، ودعا تيار الاستقلال فى القضاء إلى اعتصام داخل نادى القضاة، وبدأ النشطاء السياسيون، سواء من نشطاء حركة كفاية أو المدونين فى التضامن مع قضاة مصر الشرفاء، وبدأ الاعتصام الموزاى خارج نادى القضاة.
دار شريط الذكريات ذلك فى رأسى أثناء رؤيتى للمستشار وهو يعلن نتائج التحقيقات مع بعض منظمات المجتمع المدنى، بعض حيثياته منطقية ومقنعة، يجب احترام القانون، فعلا يجب احترام القانون، ولكن ماذا إن كان هذا القانون تم وضعه فى عهد مبارك بهدف حماية الفساد. ولكن ليست مشكلتنا هذه القضية، وإنما يجب احترام القانون حتى لو كان ظالما ويجب احترام السيادة ووقف التدخلات فى السياسة المصرية، نحن معك بل نزايد عليك ونطالب بوقف كل أشكال التمويل، بما فيها تمويل الحكومة والتمويل العسكرى من أعدائنا، فهذه أيضاً رشوة وتدخل فى السيادة.
ولكن القضية الرئيسية هى استقلال القضاء وعدم تلقيه أوامر من السلطة التنفيذية، قانون استقلال السلطة القضائية ليس من الكماليات، بل من الضروريات لبناء دولة مستقلة وذات سيادة، فليس من المنطقى أن تظل هناك نفس مشكلات ما قبل الثورة، وأن يظل رجال مبارك فى مختلف السلطات والمواقع، بهدف الانتقام من الثورة وتشويهها واستغلال المشاعر القومية.