الحلقة الثانية.. العاملون بالمراكب السياحية.. مشردون تحت الطلب.. 11 ألفاً بلا تأمين ولا ضمانات تحميهم من سطوة ملاك المركب.. ونقيب العاملين: القوانين ظالمة

الإثنين، 20 فبراير 2012 11:38 م
الحلقة الثانية.. العاملون بالمراكب السياحية.. مشردون تحت الطلب.. 11 ألفاً بلا تأمين ولا ضمانات تحميهم من سطوة ملاك المركب.. ونقيب العاملين: القوانين ظالمة
تحقيق محمد فتحى - تصوير عمرو دياب - شارك فى التحقيق أحمد عوض

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أعدادهم بالآلاف وأحوالهم «لا تسر عدو ولا حبيب» ليس فقط بسبب «ركود السياحة» التى تعد مصدر رزقهم الأساسى ولكن لأنهم «لا ظهر لهم يحميهم من سطوة أصحاب المال، ولا من التكاليف باهظة الثمن لاستخراج رخص العمل».

العاملون بالمراكب السياحية فى مدينة الغردقة عاصمة محافظة البحر يعانون كغيرهم من ركود القطاع السياحى العام الماضى، لكنهم يعانون وبصورة خاصة من مجموعة من الإجراءات والقوانين المفصلة لهم تخصيصًا تقف وراءها شبكة من المنتفعين على حد قولهم.

الأزمة الأولى التى تواجه العاملين تتعلق برخص مزاولة المهنة، ووفقًا لمحمود عثمان نقيب العاملين بالمراكب السياحية تعد رخص ممارسة مهنتهم هى الأغلى على مستوى مصر وبدون سبب معلوم، وأضاف: «للحصول على رخصة ريّس بحرى لرحلات السفارى يجب دفع 5000 جنيه فى حين يبلغ ثمن رخصة الميكانيكى 3500 جنيه، ويتم تجديد الرخص مقابل 2000 جنيه مرة كل خمسة أعوام» وتابع: «هذا عن رحلات السفارى أما رحلات اليوم الواحد فاستخراج رخصتها للريس البحرى تتكلف 1200 جنيه وللميكانيكى 800 جنيه».

ويُعلق عثمان: «هذه الأسعار لمدينة الغردقة فقط دونًا عن باقى مصر، فمثلاً فى شرم الشيخ يتكلف استخراج الرخصة 1100 جنيه للريس البحرى سواء لرحلات السفارى أو رحلات اليوم الواحد، والميكانيكى 800 جنيه لنوعى الرحلات أيضًا» وأضاف متعجبًا: «لا نعلم سببًا لارتفاع الأسعار إلى هذا الحد، الريبة تسللت إلى قلوبنا ونتشكك فى الجهات التى تحدد تلك الأسعار».

وفصل عثمان حديثه قائلاً: «نقوم بدفع المبالغ لجمعيات مثل الجمعية البحرية، بعد ذلك نحصل على تدريب ثم تأتينا الشهادة مختومة من الهيئة المصرية لسلامة الملاحة البحرية، ولا نعلم هل الهيئة التى تحدد تلك الرسوم أم أن الجمعية هى التى تحددها لكن فى كل الأحوال هناك شبهات للتلاعب». ودلل المصدر نفسه على وجود شبهات فى هذا الأمر بأن بعض الحاصلين على تلك الشهادات يكونون أميين لا يجيدون القراءة ولا الكتابة.

أزمة الرخص لا تتعلق فقط بالمبالغ الكبيرة المدفوعة لاستخراجها فقط يقول ياسر محمد: «إنه تفاجأ حين ذهب لاستخراج الرخصة بدفع مبلغ 5700 جنيه بدلاً من 5000 جنيه، وبعد ذلك تم تعطيل الورق الخاص به بسبب أزمة فى التأمين فأبلغوه بأنه يحصل على الرخصة»، وأضاف: «كان يجب أن يتم تدارك هذه المشكلة قبل أن أقوم أساساً بالحصول على الدورة ودفع المبالغ التى يعلم الله كيف نجحت فى تدبيرها بصعوبة بالغة».

وأكد محمد أنهم طالبوه بإعادة الدورة مرة ثانية للحصول على الرخصة، وتساءل: «إذا كانت الأزمة تتعلق بالتأمين فلماذا يطالبوننى بإعادة الدورة مجددًا لا أفهم شيئًا، كما أننى لست قادرًا على دفع هذا المبلغ مرة ثانية؟». ويبلغ عدد العاملين بالمراكب السياحية وفقًا لمحمود عثمان 11 ألف عامل، 10 آلاف منهم على مراكب اليوم الواحد وألف على مراكب السفارى.

ثانى أزمة تواجه العاملين فى هذا القطاع ترتبط بالعلاقة التى تحكمهم بملاك المراكب، يقول عماد فوزى أحد العاملين بالمراكب السياحية: «صاحب المركب قد يكون مرتبطًا بعقود مع شركات سياحية ويخشى على توتر علاقته بهذه الشركات أكثر مما يخاف من أى شىء، وفى بعض الأوقات يرفض الريّس البحرى الخروج بالمركب للبحر خوفًا من الأمواج فما يكون من صاحب المركب إلا أن يقوم باستقدام طاقم آخر للعمل على السفينة، وهناك سفن تعرضت لمخاطر عديدة بسبب هذا الأمر وركاب فقدوا حياتهم بسبب إصرار بعض ملاك المراكب الخروج فى أوقات غير ملائمة على الإطلاق». وقال الريّس عثمان إن بعض ملاك المراكب السياحية يقومون عند تسجيل أوراق المركب لدى جهة التأمين باستقدام بحارة من مدن أخرى، ويدفعون لهم مبالغ مالية مقابل تسجيل أسمائهم على أنهم عمال على هذا المركب، وأضاف: «بعد ذلك يرحل هؤلاء البحارة، ثم يقوم صاحب المركب بالاعتماد على أطقم عامل من أبناء الغردقة بحيث لا يكون ملزمًا جهتهم بأى التزامات مادية إذا ما استغنى عنهم»، وأضاف: «داخل المركب لا يستطيع أحد أفراد الطاقم أن يتحدث ولو بكلمة مع أحد السياح حتى لو ارتكب خطأ يُعرضّه، ويُعرّض حياة غيره للخطر وإلا قام مالك المركب بتغيير طاقم العمل بأكمله». ويضيف محمد عنتر أحمد: «حين تتراجع معدلات السياحة يُخيرك صاحب المركب إما أن تعمل مقابل نصف راتبك أو ترحل نهائيًا وليس بيدينا شىء، ونضطر غالبًا للموافقة على مطالبه».

ويقول عثمان إن الجهة المسؤولة عن تنظيم العلاقة بين العاملين على المراكب والملاك هى التفتيش البحرى، لكنها لا تؤدى دورها المطلوب بالشكل المناسب ما يعرضنا لأزمات عديدة للغاية.

فضلاً على الأزمتين السابقين يعانى العاملون فى القطاع ذاته من أزمة تنظيمية تؤدى أحيانًا إلى كوارث إذ تقوم هيئة الأرصاد بإبلاغ المسؤولين بجهاز المخابرات الحربية الموجود لتأمين الميدان صباح كل يوم بحالة البحر وهل يمكن الإبحار أم لا؟ ثم يقوم المسؤولون بإبلاغ البحارة، ويكون أغلبهم فى عرض البحر وبعضهم قد يتعرض لمخاطر شديدة بسبب عدم الإبلاغ المبكر بحالة البحر.

«أمام الأزمات السابقة، كان يجب البحث عن حلول، لذلك قمنا بإنشاء تلك النقابة بعد الثورة».. يقول محمود عثمان، ويتابع: «نحن الآن نتحرك، وأول شىء نقوم به هو توفير غطاء تأمينى للعاملين بالمراكب لأنه لا توجد جهة تؤمن عليهم، وهو ما يدفع بعضهم للبحث عن عمل آخر يتم التأمين عليه فيه، بالإضافة إلى أننا سنتحرك لمخاطبة أصحاب المراكب، ومنعهم من التعدى على حقوق العاملين أو مساومتهم على رواتبهم.

◄ القبيلة والخدمات والفلول.. ثلاثية تحاصر القوى السياسية.. «الإخوان» حضور ضعيف ومكاسب بالجملة.. و«المواطن المصرى» يحفظ ماء وجه الوطنى المنحل

كيف تفوق «الإخوان المسلمين»؟ أعدادهم فى البحر الأحمر قليلة وتواجدهم ضعيف ورغم ذلك قفزوا إلى صدارة المشهد السياسى! هذا التساؤل يردده سياسيو المحافظة ونشطاؤها بعدما نجح حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، فى الفوز بنصف المقاعد المخصصة للمحافظة، إذ حصل على مقعد من بين مقعدين بنظام الفردى ومقعدين من أصل أربعة بنظام القائمة، ليكون الإجمالى ثلاثة مقاعد من أصل ستة.

الخريطة السياسية والانتماءات الحزبية فى محافظة البحر الأحمر الحدودية تبدلت رأسا على عقب بعد الانتخابات البرلمانية السابقة، المحافظة التى اشتهرت بأنها من أكثر المحافظات تأييدا للحزب الوطنى فى الانتخابات السابقة، والتى كان يحصل فيها، وبدون تزوير فج، على نسبة مرتفعة جدا من أصوات الناخبين، قرر أبناؤها أن يمنحوا أصواتهم للإخوان المسلمين رغم المخاطر التى قد تهدد عملهم بالسياحة فى ظل ما تردد عن نية الإسلاميين منع الخمور وغيرها من الأمور، لكن بعضهم لم ينس الفلول، ففاز حزب «المواطن المصرى»، الذى خرج من عباءة الوطنى المنحل، بمقعدين واقتنصت الكتلة مقعدا.

يشرح نشطاء وسياسيون من البحر الأحمر التغيرات الطارئة على المشهد السياسى فى المحافظة الحدودية الثرية، فيقول محمد نبيل، أحد كوادر الحزب الوطنى المنحل: «الإخوان تعاملوا بذكاء حاد فى هذه المحافظة، فالبحر الأحمر من المحافظات التى تلعب فيها القبلية دورا كبيرا، لذلك جاءت اختياراتهم لكوادر إخوانية من قبائل مختلفة».

أضاف نبيل الذى كان مصنفا على أنه وطنى معارض لسياسات الحزب إذ تم فصله قبل ذلك مرات عديدة: «الإخوان نجحوا فى قراءة الطبيعة الاجتماعية لمجتمعنا، والتى يصعب اختراقها أو الشذوذ عن القواعد العامة لها، كما أننا عانينا فى جولة الإعادة على مقاعد الفردى من أزمة شديدة، إذ انحصرت المنافسة بين مرشحين مسلمين ومرشحين مسيحيين، فتم الحشد للتصويت للمسلمين على أساس ديانتهم وليست كفاءتهم».

أمسك أحمد عبدالحميد، المتحدث الرسمى باسم الاتحاد العام للثورة فى البحر الأحمر، طرف الحديث ليؤكد أن تفوق الإخوان فى محافظة سياحية أمر قد يبدو غريبا، لكن دوافع الناخبين فى اختيار حزب «الحرية والعدالة» كانت، وفقا لعبدالحميد، غريبة بعض الشىء. وفصل عبدالحميد قائلا: «فى السابق كانت محافظتنا تسجل رقما قياسيا فى عدد المصوتين للحزب الوطنى، هذا الأمر كان غريبا، لكنه كان موشرا مهما للغاية، الناس هنا تفضل دائما الخلود إلى الحزب الذى تراه متسيدا للشارع ومتفوقا، لأنه سيمنحها من وجهة نظرها الأمان الذى تحتاجه السياحة، المصدر الرئيس لدخل كثير من سكان البحر الأحمر عموما والغردقة خصوصا، وظهر هذا بصورة بيّنة فى الاستفتاء على التعديلات الدستورية، حيث كانت البحر الأحمر من أكثر المحافظات التى صوت مواطنوها بنعم».. وفيما يخص العمل بالسياحة قال عبدالحميد إن الإخوان كثّفت من رسائل الطمأنة لمواطنى البحر الأحمر قبل الانتخابات، كما أن عمل بعض كوادر الإخوان من أبناء المحافظة فى السياحة طمأن المواطنين بصورة كبيرة للغاية.

وأضاف محمد نبيل سببا ثالثا، وهو الدعم الشديد الذى قام به أنصار التيار السلفى لحزب الحرية والعدالة. ويمتلك التيار السلفى رصيدا فى الغردقة عاصمة محافظة البحر الأحمر، وبدأت تحركاته فى الشارع قبل سنوات انطلاقا من مسجد داخل إحدى القرى السياحية يسمى مسجد سيجال.

ثورة تائهة
كان السؤال الأساسى بعد الحديث عن تفوق القوى الإسلامية واقتسامها هى والفلول كل مقاعد المحافظة عدا مقعد وحيد ذهب إلى سامح فكرى مكرم عبيد، المرشح عن تحالف الكتلة المصرية الذى حصل على المقعد بـ«البراشوات» كما يقول أهالى البحر الأحمر إذ لم يأتِ إلى المحافظة إلا قبيل الانتخابات ونجح فى اقتناص المقعد، كان السؤال هنا ما هو الدور الذى لعبه شباب الثورة فى مرحلة ما قبل الانتخابات، سواء فى التوعية السياسية بشكل عام أو فى الدعوة لنشر أفكار الأحزاب التى ينتمون إليها، ولماذا لم يفز أى منهم بمقعد فى البرلمان؟

محمد الطيب، من مدينة القصير، أحد الشباب الذين ترشحوا عن حزب التيار المصرى على مقعد العمال ولم يكتب له التوفيق، يقول إن الثورة لم تزر بعد البحر الأحمر، وإن هناك، على حد قوله، حالة من السخط الشعبى على الثورة والثوار نتيجة المنهج الذى تتبعه ذيول النظام السابق المتروكة فى مناصبها، وهو منهج محكم هدفه الرئيس أن يكره الشعب هذه الثورة، وهم ناجحون إلى حد كبير فى هذا المخطط فى محافظة البحر الأحمر. ويتحدث الطيب عن خصوصية المحافظة: «هنا يصاب الناس بصدمة كبيرة حين تسمعنا نهتف ضد المجلس العسكرى وضد المشير طنطاوى، كثير منهم لا يستوعب عقله هذا الأمر، أن يقوم شاب بالهتاف ضد الحاكم فى العلن ولا يخشاه، وهناك من يصنفنا بأننا مخربون عملاء كما يروج الإعلام وكما يتردد على مسامعهم يوما تلو الآخر»، مضيفا: «لا يعرفون إلا كلمة انتوا مخربين من بتوع 6 أبريل أو هاتدمروا البلد».

ويعود مرشح التيار المصرى ليؤكد أن انتخابات 2011 لم تختلف كثيرا فى البحر الأحمر عن انتخابات 2010، ليس فى نتائجها ولا نزاهتها، ولكن فى الدوافع التى جعلت المواطنين يفضلون مرشحا على الآخر، فالأولوية عندنا كانت للقبيلة التى ينتمى إليها المرشح، ثم للخدمات الخاصة التى قدمها المرشح لكل شخص.

يقول أحمد عبدالحميد إن الشباب حاولوا جاهدين ممارسة بعض الأنشطة السياسية من أجل زيادة الوعى السياسى بين مواطنى البحر الأحمر وتبصرة الناس بحقوقهم وضرورة المشاركة فى إعادة رسم الخريطة السياسية للمحافظة بعيدا عن التعصبات القبلية، مضيفا: «نظمنا بعض الندوات فى المجمع الإعلامى بالغردقة وكانت بدايتنا قبل الاستفتاء على التعديلات الدستورية، كما نظم شباب سفاجا ندوات عديدة».

ويؤكد عبدالحميد صعوبة إحداث تغيير جذرى لأن التركبية الاجتماعية والافتخار بالقبلية يجعل الحديث فى كثير من الأمور السياسية أشبه بـ«تضييع الوقت»، طالما قرر الناس الانحياز سياسيا واجتماعيا للقبيلة التى ينتمون إليها، ويضيف: «هناك أيضا مشكلة أخرى ترتبط بأعدادنا، نحن أفراد قليلون للغاية، لسنا كثوار القاهرة المقدرين بالآلاف ومظاهراتنا عددها دائما يكون صغيرا للغاية، وغالبا ما يتصدى لنا بعض الرافضين لأفكارنا ويهاجمون المظاهرات». «الأزمة الأساسية لدينا ليست فى القبلية التى تحكم الاختيارات، ولكن فى غياب الإرادة السياسية التى تعاملت مع البحر الأحمر على أنها قرية سياحية كبيرة ولم تولها أى اهتمام سياسى يسهم فى زيادة وعى الناس وإدراكهم لأهمية وضرورة المشاركة وممارسة العمل السياسى»، بتلك الكلمات نقل محمد نبيل الأزمة إلى محور آخر، وهو غياب الاهتمام الرسمى الذى وصفه بـ«المتعمد حتى يتم نهب البحر الأحمر»، على حد قوله.

وواصل نبيل تشخيصه للأزمة السياسية فى البحر الأحمر قائلا: «ستتغير التركبية السياسية إذا رأينا وزيرا من البحر الأحمر فى الحكومة، وإذا غيرت الدولة من نظرتها لنا على أننا مجرد ماكينة تضخ أموالا من السياحة».


















مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة