وفاء أحمد التلاوى تكتب: الظلم ظلمات يوم القيامة

الأحد، 19 فبراير 2012 10:50 ص
وفاء أحمد التلاوى تكتب: الظلم ظلمات يوم القيامة صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الشعور بالظلم إحساس قاس لا يعرفه إلا من وقع عليه الظلم من الناس، فيشعر وكأن الدنيا كلها انهارت من حوله ولا يقوى على مقاومتها إلا بشعوره أن هناك قوى أكبر منه تسانده وتساعده ولن يجد أقوى من الله عز وجل يلجأ إليه ويلتمس عنده أخذ حقه ممن ظلمه فهو القوى المتين وهو المنتقم الجبار ولا تضيع عنده الحقوق، وهو أيضا الرحمن الرحيم ومغيث المستغيثين يلجأ إليه الناس جميعا مؤمن كان أو عاص، فالإنسان يشعر بفطرته التى خلقه الله عليها بحاجته إلى الله القوى ويؤمن بوجوده مما يعينه ذلك على متابعة الحياة ومسيرتها التى لا تخلو من العقبات والعثرات، والبعض منا قد يحاول جاهدا أن يرضى ربه ويلتمس عنده النجاة مما يقع فيه من أخطاء ولا يبرئ نفسه لو كان ظالما أو مخطئا فى حق الآخرين ولكنه يلتمس العذر لهم إذا أخطأوا هم فى حقه، ويشعر بمدى ظلمه لهم إذا أخطأ فى حقهم ويحاسب نفسه قبل أن يحاسبه الله ويعدل من موقفه.

والبعض الآخر لا يحاسب نفسه إذا أخطأ ولا يراجعها ولا يلتمس العذر للآخرين وكل هدفه تحقيق المنفعة لنفسه فقط، فقد مات ضميره وهنا يقع الظلم، وبذلك نجده قد ظلم نفسه أولا قبل الآخرين وحرمها الخير الكثير، كما قال الله تعالى، {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} سورة العنكبوت(40) فلا يعبد الله حق عبادته ولا يصلى ولا يزكى ولا يصوم ويحرم نفسه من ثوابهم الكبير ومن رضا ربه عنه، وقد أصبح الإنسان فى عصرنا هذا عبدا للمنفعة فهو يجرى وراء المصلحة أو المنفعة لكى يسعد نفسه فقط دون أن يفكر فى الغاية التى يلتمسها من وراء تلك المنافع وأصبح مفتقرا إلى الإحساس بالقيم التى تكمن من وراء شتى الأشياء، فهو يبحث عن سعادته هو فقط ولا ينظر إلى سعادة الآخرين.

ومن هنا يأتى الظلم للنفس وللغير ولأقرب الأقربين سواء أكانت زوجة أو أولادا أو أهلا له، وكثير من الناس يظلمون زوجاتهم ويكون ذلك عندما لا يعطيها حقها الذى أعطاه الله لها فى حسن المعاشرة وأن يعاشرها بالمعروف عملا بقول الله تعالى (وعاشروهن بالمعروف) سورة النساء آية 19، وعملا بقول الرسول الكريم (تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكسيت ولا تضرب الوجه ولا تقبح أى لا تقول قبحك الله ولا تهجر إلا فى البيت أى (المضجع) رواه أبو داود، وعليه أيضا أن يعلمها الضرورى من أمور دينها كالطهارة والصلاة إن كانت لا تعلم وأن يلزمها بتعاليم الإسلام وآدابه وأن يعدل بينها وبين زوجته الأخرى إذا كان متزوجا من أخرى ولا يظلمها فى شىء ولا يفشى سرها ولا يذكر عيبا فيها إذ هو الأمين عليها والمطالب برعايتها وسترها وحفظها والزود عنها (أى الدفاع عنها) وإذا طلقها يطلقها بالمعروف ولا يظلمها ويعطيها حقها ولا يتركها معلقة وليتراضوا بالمعروف فيما بينهم، والزوجة لا تظلم زوجها وتعطيه حقوقه لديها كاملة ولا تغضبه فإن غضب الزوج من غضب الله، وتحفظ غيبته إذا غاب عنها وتراعى الله فى دينه وأولاده وفى ماله وفى شرفه وتكون عونا له ومصدرا من مصادر السعادة له وهكذا تكون الزوجة فى الإسلام.

ومن هنا نجد أوجه كثيرة للظلم فمنهم من يظلم أولاده ولا يساوى بينهم ويقسو عليهم ويضربهم ويهينهم ويقلل من شأنهم ولا يعدل بينهم فى الميراث ولا فى التعليم ويكتفى بتعليم الذكور فقط وغيرها من الأمور الظالمة، وقد يظلم الرجل والديه ويهملهم عند كبرهم ولا يحسن إليهم وعدم الوفاء لهم وتركهم يعيشون بمفردهم يعانون آلام الوحدة وقد يتركهم فى دار مسنين لكى يتخلص من رعايتهم ونسى قول الله تعالى ((وَقَضَى رَبُّكَ أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِى صَغِيراً) [الإسراء: 23 ، 24] صدق الله العظيم.

لكن هل يظلم الرجل مجتمعه ؟ نعم ويكون ذلك بأن يخرج لهم أبناء مرضى نفسيين يعانون من سوء المعاملة الأسرية أو عصاة جهلة ظالمى أنفسهم ومجتمعهم ممن يفسدون فى الأرض وينشرون الفساد والرشوة ويبيعون أوطانهم، ويصبح بذلك مجتمعا فاسدا تعمه الفوضى والأخلاق الفاسدة والمؤامرات وتسول لهم أنفسهم فعل الشر وقتل النفس التى حرم الله قتلها إلا بالحق، ويصبح مجتمعا فاسدا وينهار بذلك المجتمع كله، كما يمكن أن يتسبب ذلك فى ظلم يقع على المجتمع ككل من دول أخرى أقوى تظلم الدول الصغيرة وتعتدى عليها ولا تجد من يساندها أو يقف بجوارها أو يتعاون معها لرفع الظلم الذى وقع عليها، ومن هنا نجد أن للظلم أنواعا عديدة وأوجه مختلفة، فمتى ينتهى الظلم فى العالم كله ؟ ويعم العدل بدلا منه أرجو من الله العلى القدير أن يعم العدل على الجميع، ولكن هل يمكن أن ينتهى الشعور بالظلم ؟ أو يقل ؟
فالظلم ظلمات يوم القيامة وما أقساه من شعور.






مشاركة




التعليقات 8

عدد الردود 0

بواسطة:

عبدالفتاح ابوابراهيم

الظلم ظلمات يوم القيامة

عدد الردود 0

بواسطة:

سحر الصيدلي

مقالة رائعة

عدد الردود 0

بواسطة:

مصري

وكأن كل النساء ملائكة!!!؟ وكل الرجال أشرار

أظن في هذا الزمن العكس هو مايحدث

عدد الردود 0

بواسطة:

سمير احمد مشيمش

عودا حميدا ..... ونو رتى صفحتك أستاذتنا الفاضله

عدد الردود 0

بواسطة:

ايمان محمد البستانى

عوداً حميداًَ استاذ وفاء

عدد الردود 0

بواسطة:

د هاني أبوالفتوح

قلم الأستاذة

عدد الردود 0

بواسطة:

رضاخليل ابراهيم

اروع الكلمات

عدد الردود 0

بواسطة:

حبيبة

الظلم ظلمات يوم القيامة

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة