من فضل حضرتك لا تفهمنى خطأ.. من فضل حضرة الذين يقرأون جزءا من المقال فقط أن يقرأوا المقال كله.. كمان ومن فضل حضرتك أن يكون تعليقك على موقع «اليوم السابع» رقيقاً وليس عنيفاً وهادئاً وليس متسرعاً، فالأسهل على الإنسان أن يكون عنيفاً والأصعب أن يكون رقيقاً، طيب قد تسألنى: لماذا أقول هذا الكلام؟ أقولك لأن كل كُتاب المقالات يعانون من هذه المشكلة، قرأت لهم جميعاً هذا المعنى، وطبعاً أنا لست عجبة فأنا واحد منهم، ولكنى والحمد لله أجد معظم التعليقات موضوعية ومحترمة ما عدا شخصا واحدا يغير اسمه كل تعليق، ويبدو من كتاباته كأن هناك «تار بايت» بينى وبينه، على كلٍ بسيطة، واحد بس مش مشكلة، أحمدك يارب.
عزيزى القارئ..
فى هذا المقال أريد أن أكتب عن العلاقة بين المجلس العسكرى والشباب، وقد يفهم هذا الشخص أو غيره أننى أهاجم هذا الطرف أو ذاك، وقد يعلق أى شخص على ضوء حبه وحماسه لأيهما.
أنا شخصياً أشعر أن لى علاقة خاصة مع قواتنا المسلحة، منها أننى كنت مجنداً فيها، وثانيها أن علاقتى بأعظم قادة القوات المسلحة كانت طيبة، من أول اللواء فؤاد عزيز غالى والفريق عبدرب النبى حافظ والفريق إبراهيم العرابى وصولاً للمشير حسين طنطاوى.. وقد كتبت مقالة فى «المصرى اليوم» فى أول الثورة توقعت فيها أن يقوم المشير طنطاوى بتسليم السلطة، كما فعل سوار الذهب فى السودان قلت ذلك من واقع معرفتى الشخصية بالرجل، حيث كان قائداً للجيش الثانى الميدانى عندما كنت محافظاً للإسماعيلية، وأذكر أحد التعليقات على المقال كتب فيه أصحابه أننى أنافق الرجل.. فأنا أعتز بأننى لم أنافق فى حياتى، فأنا لى شعار فى الحياة هو أنك تستطيع أن تقتلنى وتستطيع إزهاق روحى ولكنك لا تستطيع أخذ كرامتى.
حضرات القراء..
ومن الزاوية الأخرى فأنا طوال عمرى متحمس بل ومتعصب للشباب حتى قبل أن أكون وزيراً للشباب، فحياتى كلها كان العمل فيها مع الشباب.. ومن أجل الشباب كما أننى كتبت مقالات كثيرة قبل الثورة ومقالات بعد الثورة أدافع فيها عن الشباب طالباً بأن نرفع أيدينا عن شباب الثورة.
حضرات القراء..
الوضع العام يغم، الشأن العام يسبب الاكتئاب والقلق، ولكن قلقى الأكبر هو العلاقة بين المجلس العسكرى والشباب، فالشباب هم الذين هتفوا الجيش والشعب إيد واحدة، وهم كذلك الذين هتفوا يسقط يسقط حكم العسكر.. وقد سبق أن كتبت أكثر من مقال، أهمها كان عنوانه «الجيش والشعب مش إيد واحدة»، فى ظنى أن الخلاف بين الشباب والذين سرقوا الثورة منه من القوى السياسية ممكن بل ومقدور عليه، ولكن الخلاف بين العسكرى والشباب هو الأهم والأخطر.
أى مصرى وطنى مخلص لا شك أنه حزين على هذا التغير فى العلاقة بين الشباب والمجلس الأعلى للقوات المسلحة، والشىء المحير أننا لا نرى أحداً من ساستنا يقوم بمبادرة لرأب الصدع وإلى إزالة جو عدم الثقة بين الطرفين.
سأعطيك مثلاً، شخص مثل الدكتور العوا علاقته وثيقة مع المجلس العسكرى ومع الشباب لماذا لم يتحرك؟ شخص آخر له احترامه لدى الجميع منصور حسن، لماذا لا يدخل بندا فى أجندة مجلسه الاستشارى للتقريب بين الطرفين؟ أليس هو همزة الوصل بين المجلس والقوى الأخرى بل لماذا لا يتوسع ويحاول أن يقرب بين التيارات السياسية المختلفة إذا كان هو يلتزم بالأهداف التى حددها له المجلس العسكرى؟ لماذا لا يتحرك أبعد من ذلك؟، فى رأيى أن دوره الأهم هو محاولة تهدئة الساحة السياسية، ودوره أن يعقد اجتماعات متواصلة بين كل الأطراف، أما الطريقة التقليدية التى يعمل بها بعقد اجتماعات أسبوعية فهذا خطأ كبير، الفترة الباقية له قصيرة حتى يونيو، عليه أن تكون جلساته مفتوحة طوال الفترة القادمة وأن يشكل لجانا تعطيه الحيوية.
حضرات القراء..
مانديلا بعد خروجه من السجن رفع شعار «المصالحة»، ودكتور عصمت عبدالمجيد الأمين العام للجامعة العربية رفع شعار المصارحة قبل المصالحة.
والسؤال: هو من ذلك الذى يستطيع أن يقوم بهذا الدور، من الذى يستطيع أن يهيئ المسرح لمصر الجديدة؟
من الذى يستطيع أن يهدئ روع كل الأطياف، الشيخ حسان مبادرة التبرع لمصر، وهى دعوة نظرية ولن يتم فيها شىء، كل يوم مطلوب تبرع، مرة لمشروع د. زويل، ومرة للمفتى ومشروعه، ومرة للشهداء والمصابين.
كل ده على عينى وراسى، ولكن الدعوة إلى تهدئة النفوس وامتصاص غضب الشباب والاستماع والحوار معهم هو الأهم.
ما طلبته هو واسطة لعودة العلاقة بين الشباب والمجلس العسكرى، ماشى، أهلاً وسهلاً.. ولكن الأقوى أن المجلس العسكرى هو الأب أو الأخ الأكبر.. لو نظر لنفسه هذه النظرة ونسى حكاية أنه يحكم أو يدير، كما يجب أن يقول فعليه هو أن يبدأ المبادرة، عليه احتضان هؤلاء الشباب.. لقد حزنت عندما قرأت أن طلبة دار العلوم بجامعة القاهرة رفضوا عقد ندوة لبعض قادة المجلس العسكرى، ويا سيادة المشير والله ممكن أن تتحسن صورة المجلس العسكرى التى تأثرت ما فى ذلك شك طوال العام الماضى.
ويا سيادة المشير والله ممكن بشرط أن يكون هناك من يفهم لغة الشباب وأفكارهم، هم فى ثورتهم لم يكن منع التوريث فقط هو الهدف ولكنهم كانوا يريدون تغييراً شاملاً للبلد.
لقد تخطوا حكاية إسقاط النظام أو منع توريثه.
أنا أثق أن المجلس العسكرى لا يختلف معهم فى ذلك.
فقط أرجوك حاول، تحدث، حاور، اتصل، ابدأ صحفة جديدة، هيئ المسرح، اترك السلطة، وقد عادت أنشودة:
الجيش والشعب إيد واحدة.
الأستاذ.. وتحليلاته
كنت أغضب كثيراً من روزاليوسف عبدالله كمال وجمهورية محمد على إبراهيم بسبب هجومهما العنيف وغير المبرر ضد الكاتب الكبير هيكل.. لم أكن أرى سبباً لذلك سوى.. ولاّ بلاش.
هيكل فى نظرى ليس محرراً كما يجب هو أن يقول ولا صحفياً ولا كاتباً، ولكنه يتخطى كل ذلك ليكون مفكراً واستراتيجياً وسياسياً من الدرجة الأولى، وفى ظنى أن هذه الصفات ليست بسبب أنه عمل فى المطبخ مع الزعيم عبدالناصر، أو شارك الرئيس السادات فى قرارات مصيرية للرجل ولمصر، ولكن فلنقل إنها منحة ربانية وهبها الله له.
عزيزى القارئ..
وقبل أن أسترسل أتعجب مع هذا الزمان الذى منه نأخذ العبر.. الرجل أنشأ الأهرام على أحدث النظم الصحفية فى العالم، ثم خرج من الأهرام وظل غير مسموح له بالكتابة أو إجراء أية حوارات فيها.
والرجل ساهم فى إنشاء الأخبار ووصل إلى منصب صحفى كبير فيها، ومع ذلك طوال عقود طويلة لم نرَ له سطراً أو حتى صورة بخبر صغير.
ويأتى الزمان ليفتح له صفحات الأهرام على مصراعيها، ليصول ويجول على يد الراحل الكاتب لبيب السباعى.
ويدور الزمان لفة أخرى لنرى الكاتب الصحفى ياسر رزق رئيس تحرير الأخبار يجرى معه حواراً أعتبره من أقوى الحوارات التى أجراها الأستاذ هيكل فى السنين السابقة خاصة فى فترة الثورة.
أعجبنى ياسر فى أنه ترك الرجل يسترسل دون المقاطعة، وأعجبنى الموضوعات التى قدمها ياسر على مائدة الحوار، فالواضح أن ياسر وضع خطته على أساس أن يلملم كل أسئلة وكل إجابات الأستاذ فى موضوعات عن الثورة والوضع العام فى مصر والقوى السياسية المختلفة، ثم موقف العلاقة بين أمريكا ومصر.
لم يقاطع الأستاذ، ترك له حرية تداعى المعانى، وأزعم أنه أخرج من رأس الرجل أقصى ما كان الرجل يفكر فيه أو يريده.
حضرة القارئ..
حوار الأستاذ أعترف أنه أدار رأسى، وجعلنى أسترجع كل قراءاتى ودراساتى السياسية، لماذا؟
لأن ما قاله الرجل صعب أن تستوعبه من أول مرة، عليك أن تمأمئ عينيك أو تعصر رأسك لترى ماذا يريد هذا الرجل فى الشأن المصرى قال:
1 - ما يواجهنا الآن لا يكفى لحله انتخابات برلمانية ولا مجلس أعلى ولا مليونيات ولا دستور ولا رئيس منتخب.
فى العلاقة بين مصر وأمريكا قال:
2 - الولايات المتحدة أصبح لها من النفوذ أوسع مما ينبغى وأكثر مما هو صحى.
3 - ولخص قضية الدستور أولاً أم الاستفتاء أولاً فقال: استفتاء التعديلات الدستورية ربط مسار الثورة فى حبل غليظ يجر إلى طريق شبه مغلق.
4 - ولخص الخلاف بين المجلس الأعلى وشباب الثورة فقال: هدف الثورة لم يكن فقط منع التوريث والمجلس الأعلى كان يتحرك فى هذه الحدود، بينما كان الشباب يطلب التغيير الشامل.
هذا غير ما قاله عن القوات المسلحة ورأيه فى أدائها وهو موضوع من الأهمية أرى أنه يستأهل مقالا وتحليلاً قائمين بذاتهما.
رأيى فى النقطة الأولى واضح أنه يرى أن كل سلطات الدولة التشريعية والتنفيذية وكذلك الشعبية لا تستطيع أو لا تكفى لمواجهة ما تواجهه مصر، وهو أمر خطير لأن استكمال االدستور والمجلس البرلمانى والشعب كان أهم مطالب الشعب، فلو كان لديه عدم ثقة أو اعتراض على عدم إمكانية هذه المؤسسات وهذه الآليات على حل مشاكل مصر، فكان عليه أن يعرض علينا الحلول، ولكن الذى يقرأ لهيكل جيداً يعلم أن منهجه يقوم على وضع أسئلة وشكوك ونقاط لا تطرح عليك الحل، بل يجعل المستقبل فى حيرة من أمره، من فضلك راجع أى حوار للأستاذ.
فى النقطة الثالثة: الخاصة بالاستفتاء على التعديلات الدستورية فعل نفس الشىء فهو يراها قد ربطت مسار الثورة فى حبل غليظ يجر إلى طريق شبه مغلق، وقد كان من الأجدر أن يقول رأيه بصراحة إن التعديلات الدستورية كانت غلطة وإن الاستفتاء عليها كان خطأ أكبر.
أما ما قاله فى النقطة الرابعة الخاصة بالخلاف بين المجلس العسكرى والشباب فما فهمته أن المجلس العسكرى شابه القصور فى الاستدلال، كما يقول القانونيون وأنه لم يفهم أبعاد الثورة وما المطلوب منها، ولخص فهم العسكرى للثورة بأن دوره هو منع التوريث، وهو فهم قاصر منهم وأظهر الشباب بأنهم يعرفون أبعاد الثورة ومسارها ومنتهاها أكثر من المجلس العسكرى.
وتتبقى النقطة الثانية الخاصة بعلاقة أمريكا بمصر، فهو رأى أن نفوذها فى مصر أوسع من اللازم، ومع ذلك فهو كان حذراً عندما قال عن الخلاف: لابد من حله، وحله بتصميم ووضوح وبجسارة فى النوايا وفى التصرفات.
حضرات القراء..
فهمى لحوار الأستاذ هيكل - وقد أكون مخطئًا - يدور حول الآتى:
إن المجلس الأعلى للقوات المسلحة أخطأ أكثر من مرة.. مرة فى التعديلات الدستورية - والاستفتاء الذى نظمه - التى قادت مصر إلى طريق شبه مغلق، ومرة أخرى فى عدم فهمه لما يدور فى رأس الشباب واعتراضه على الطريق الذى ارتآه الشباب كوسيلة لتحقيق الثورة مما أدى إلى هذا الصدام العنيف بين الطرفين.
كما أن هيكل أخطأ عندما استهان بالمليونيات التى قام بها الشعب ووضح عدم ثقته فى وضع الدستور الجديد ولا فى مجلس الشعب ولا حتى فى الرئيس المنتخب فهو لا يثق بما تم ولا بما سيتم.
باختصار الأستاذ لم يعجبه موقف الشعب ولا موقف المجلس العسكرى ولا موقف الشباب، وكل هذا جميل ولكن كان عليه أن يضع الحلول ويشرح لنا الطريقة، وييسر لنا طرق المواجهة لمشاكل مصر..
وللأسف هذا هو ما لم أتبينه فى الحوار.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة