أجرى أخصائيو الترميم فى هيئة أبو ظبى للسياحة والثقافة، مجموعة من البحوث العلمية حول مساهمة التقنيات التحليلية والتعاون البناء بين أخصائيى الترميم وباحثيه ومؤرخى الفن، فى اكتشاف المواد والتقنيات الفنية المستخدمة وتحديد تاريخ التصنيع وفحص مواد المعالجة لغايات الترميم، والاستفادة من المناهج العلمية فى دراسة وحماية تراث أبوظبي، مثل المخطوطات الإسلامية القديمة أو القطع الأثرية المستخرجة من هيلى والرميلة أو المبانى التقليدية فى العين وليوا.
كما قامت الهيئة باستخدام تقنيات أشعة إكس لتحليل الطوب اللبن فى مواقع أثرية بالعين ومبانٍ حجرية فى المنطقة الغربية، وساعدت مثل هذه التحاليل الخاصة بالمواد أخصائيى ترميم المبانى التابعين للهيئة على تحديد مواد البناء المستخدمة فى الماضى، وفهم أسباب تدهورها واختيار المواد المناسبة لاستخدامها فى الترميم.
وكانت الهيئة قد شاركت مؤخرًا فى أعمال المؤتمر الدولى حول استخدامات الأشعة السينية إكس وما يرتبط بها من تقنيات فى مجال الفنون والتراث الثقافى، وتمّت استضافة وتنظيم هذا المؤتمر الذى انعقد للمرّة الأولى فى دولة الإمارات من قبل المختبر الوطنى للانبعاثات الإشعاعية السينية التابع للجامعة الأميركية فى الشارقة وحضره أكثر من 100 خبير محلى ودولى فى مجال علوم الترميم.
وحرّكت أوراق العمل التى قدّمتها الهيئة فى المؤتمر حوارا مثمرا بين الآثاريين والأخصائيين والباحثين فى مجال الترميم، وشكّلت مشاركة الهيئة مساهمة فى تطوير المعرفة العالمية فى حقل التراث الثقافى، كما كانت فرصة لمواكبة أحدث التقنيات المستجدة، وتعزيز حضور الهيئة بين أوساط الخبراء فى المنطقة والعالم.
ويُذكر أنّ دراسة التراث والمحافظة عليه تعتبر حقلاً علميًا واضح المعالم، يتطلب أدوات تحليلية وتقنيات متقدّمة، ومنهجية بحث دقيقة، والكثير من تلك الخطوات تستفيد من حقول علمية أخرى مثل الكيمياء والفيزياء. وفى وسع هذه التقنيات التحليلية أن تجيب عن أسئلة منها: كيف ومتى صُنعت قطعة ما؟، ما هى المواد المستخدمة؟، لماذا تتدهور حالتها؟، ما المعالجات الكفيلة بتجنيبها مزيدًا من التدهور؟، وعبر التكامل بين العلم والتراث الثقافى، يُمكن بناء فهم أعمق حول تاريخ قطعة أو مبنى ما، وضمان الحفاظ عليه بشكل سليم.