‎الجهل والبطالة والشغب

‎الفراغ والتعصب.. الجهل والبطالة والشغب. ‎خمس كلمات بينها رابط مشترك. ‎هناك علاقة متينة بين الجهل والتعصب. ‎وهناك علاقة وطيدة بين الفراغ والتعصب. ‎المجتمع الأكثر جهلا هو الأكبر تعصبا. ‎والمجتمع الأكثر بطالة هو الأكثر تعصبا. ‎ونحن فى مصر نعانى جهلا وبطالة بنسبة عالية.

‎ومن هنا يأتى الخطر الجسيم على الرياضة وعلى مصر. ‎العلاج الحقيقى لظاهرة الشغب والعنف فى ملاعب كرة القدم التى وصلت إلى ذروتها فى بورسعيد تبدأ بمحاربة مشكلتين كبيرتين هما الجهل والبطالة.

‎التعليم فى مصر انحدر إلى القاع.. وصار خريج الجامعة فى الكثير من الكليات الحكومية والخاصة غير قادر على كتابة الكلمات السهلة من اللغة العربية بطريقة سليمة.
‎وأذكر هنا سؤالا جاءنى من طالب فى الصف الثالثى فى إحدى الكليات خلال ندوة شاركت بها فى إحدى كليات القمة فى الإسكندرية.. وجاءنى السؤال مكتوبا على النحو التالى:
‎ما هو سر اجتهاض عيسى حياتو لمصر؟
‎السائل وهو طالب جامعى على وشك التخرج فى إحدى كليات القمة يريد كتابة كلمة «اضطهاد» فكتبها (اجتهاض).

‎ما حدث فى تلك الحادثة يمثل نموذجا بسيطا لانحدار التعليم فى مصر.. ومع ازدياد الجهل تنعدم القيم والمبادئ وترتفع الانحرافات والمخالفات ومعها التعصب والشغب والعنف.
‎والبطالة المتفشية فى مصر منذ عشرات السنين جعلت ربع شباب مصر الآن بلا عمل حقيقى ثابت.. والفراغ الدائم للشاب يدفعه لتقضية وقته فى أماكن غير طبيعية وفى أعمال غير طبيعية ومع أشخاص مثله معظمهم من الناقمين على المجتمع.. وهؤلاء الشباب العاطل المنغمس فى اللهو يسهل التلاعب به وتوجيهه إلى زوايا الشر والفوضى والتخريب.

‎والعاطل لا يجد شيئا يحقق فيه نجاحا ويبحث عن تشجيع فريق والتعصب له إلى حد الجنون ليعتبر انتصاره فى مباريات كرة القدم هو النجاح الأكبر فى حياته.

‎وهو على استعداد للتضحية بأمور كثيرة فى حياته ليرى فريقه فائزا بأى ثمن.
‎المجتمع المصرى الذى تم تفريغه علميا وتعليميا وسياسيا على مدار ستة عقود متتالية أصبح مشوها بشكل زائد.. ولا تجد أكثر من شخص واحد مثقف حقا بين كل مائة خريج جامعى فى كل عام.

‎الانهيار الاجتماعى والثقافى والتعليمى وانتشار البطالة هما أكبر الأسباب وراء شغب الملاعب.. ولا تنتظروا تحسنا أبدا فى الشهور أو السنوات المقبلة لأن الأصل الآن لدى الجمهور هو التعصب فى ظل جهل منتشر وبطالة بلا حدود.