أيمن نور

وصيتى..

الخميس، 16 فبراير 2012 07:59 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أتمنى أن أُعلّم كل من أُحبهُم، أن يُحبوا كل الناس، لا معنى أن تُحب من يُحبك فقط، أو أن تهتم بالمهموم بك، أو أن تتمنى الخير لمن يتمناه لك، فالحب الحقيقى أن تحب كل الناس، أن تسعى أن يسعدوا جميعاً.. إحساسنا بحب كل الناس، يغير لون الحياة، ويجعلها أحلى وأجمل، وأكثر بهجة وأمل وشرف.

إذا كرهت كل من آذاك، أو اعتدى يوماً عليك، أو توحم على حقوقك، أو فكر فى التآمر عليك، أو تواطأ ضدك، أو تمنى لك الشر، أو أغلق أذنيه وأنت تستغيث من الألم، أو رفض أن يمد لك يديه وأنت تغرق.. قطعاً أنت محق فى كراهيتك لهذا أو ذاك، وربما لهؤلاء جميعاً، لكنك قطعاً لا تستحق أن تصحو ذات يوم فلا تجد مكاناً للحب فى قلبك..

لا أوافق على اعتناق فكرة أن القلوب يمكنها أن تحمل الحب والكراهية فى آن واحد، فلابد أن واحداً منهما سيطرد الآخر، وينتصر عليه، وما أفدح هزيمتك، وخسارتك، إذا انتصرت داخلك أسباب الكراهية، فلن تترك للحب مكاناً فى قلبك، ويومها سيخسر من أحبوك، وسيربح من آذوك، لأنك ستقدم لهم دليلاً «مجانياً» على صحة ما ارتكبوه فى حقك.. ومبرراً لما اقترفوه معك..
عندما تكره من كرهك، وتؤذى من آذاك، وتقتص ممن ظلمك، فأنت تعترف بضعف إيمانك بعدالة الله، وتقبل أن تكون فى ذات المنزلة لمن فعل بك هذا، فى الدنيا والآخرة، والفارق الوحيد بينكما، سيظل هو – فقط – فارق التوقيت، كونه هو الذى يحمل وزر المبادأة بالشر، أو الظلم، وأنت أيضاً ستحمل وزر الملاحقة!!

أبداً لا أدعو أحداً للاستسلام لظالمه، أو الخنوع له، أو التواكل على الغيب، بل أدعو وأحرّض على الغضب والمقاومة، فمن لا يغضب لا يستحق الحياة، لكننا دائماً يجب أن نمايز ونفرق بين الغضب والكراهية، بين الاختلاف والانتقام، بين تشابك المصالح وبين تقاطع المشاعر التى ينبغى أن نحافظ عليها كبشر، تجمعنا أرض وسماء واحدة.. وحروف ثلاثة هى: «مصر»!!

لا أقصد بالحب، الهوى، والعشق، والهيام، والغرام، ولا أطلب ممن أحب، أن يهيم على وجهه، موزعاً الأحضان والقبلات، على من يحب أو لا يحب، على من قدم له الوفاء، وعلى من ناصبه العداء، على من قدم له الورود والزنابق، ومن تمنى له أن يعلق على أعواد المشانق.. ما أقصده بالحب هو «الرحمة».. فالرحمة هى أرقى ألوان الحب، وأكثرها سمواً، ورقياً، وصدقاً..

الفارق بين الإنسان، وغيره من المخلوقات، ليس هو الشعور بالرحمة، فحتى الحيوانات تملك قدراً من الرحمة، لكن الفارق هو أن الإنسان المخلوق الوحيد القادر أن يثور ويغضب برحمة، أن يصارع دون أن يصرع، أن يغضب فينظر للسماء، فيتذكر أن من لا يَرحمْ لا يُرحمْ.. أن يختلف دون أن يخلف وراءه بحوراً من الدماء..

الحب فن صعب، بل هو أصعب الفنون الجميلة فى الحياة، هو فن لأن الحياة بدونه قبيحة، مجردة من كل مظاهر المتعة، والخير، والجمال.. وهو صعب لأن نصف من تصادفهم فى الحياة، قد لا يبادلونك حباً بحب، وأنت دائماً لا تملك إلا قلباً واحداً، فإما أن تعمره بالحب أو تُخربه بالكره!!

هل يمكن أن تكون شهماً، ونذلاً فى وقت واحد؟! مخلصاً، وخائناً؟! شريفاً، ووضيعاً؟! عاقلاً، وسفيهاً؟! مؤمناً، وكافراً؟! أميناً، وسارقاً؟! عادلاً وظالماً؟! صادقاً، وكاذباً؟! لا أظن أن شخصاً سوياً يملك هذه القدرة على الازدواجية، كأن يكون محباً وكارهاً..

من يحب الله، لا يمكن أن يكره خلقه، ومن تتحجر قلوبهم، لا يدخلها نور الإيمان به، ولا يستجيبون لرسله، وجميعهم رسل حب، وسلام، ورحمة.. يقول العارف بالله الدكتور عبدالحليم محمود فى تقديمه لقصة الكاتب الفرنسى «أندريه موروا» التى عربها محمود بعنوان: «وازن الأرواح» يقول: - «ازدد بحبك فقراً لله، وتواضعاً لعباده، وعطفاً بالرحمة عليهم، وإن كانوا ظالمين»!!

لقد فكرت كثيراً فى هذه العبارة.. التى لو لامست أوتار قلبك، لطردت الكراهية، والأنانية منه، ولأحببت الحب لذاته، وأحببت للناس ما تحب لنفسك، وتمنيت لهم ما تتمناه لها، وابتهجت لأفراحهم فيدخل الله الفرح إلى قلبك، حتى بسبب من يناصبونك العداء!!

إذا فرحت لفرح من لا يحب لك أن تفرح، فقد انتصرت عليه مرتين، الأولى يوم فرحه، والثانية يوم فرحك، الذى لن يحب أن يشاطرك هو فيه الفرح!!
بلادنا لن تعود إلى بلد خير، إلا إذا عاد الحب لأهلها، إذا امتلأت قلوبنا بالحب فسوف تمتلئ بلادنا بالخير، وتمتلئ بالعدل، وتمتلئ بالحرية..
وهذه وصيتى.. لكل من أُحب.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 10

عدد الردود 0

بواسطة:

ابوخالد

ممكن تعمل بالوصية دي وتشيل الحقد والكرة لمبارك وسوزان

ياريت ترد علي السؤال دة من غير لف ودران

عدد الردود 0

بواسطة:

ناشط سياسي ولامؤاخذة

حلو

اية المقال الحلو دة شكلك بتودع يا معلم اشوفك امس

عدد الردود 0

بواسطة:

!!

متفق مع رقم 1

عدد الردود 0

بواسطة:

امل نور

الى سفير الحب د ايمن نور

عدد الردود 0

بواسطة:

د. محمد عبد الفتاح

صباح الخير

عدد الردود 0

بواسطة:

عيد احمد

جرب وموت!!

جرب وموت واحنا هنعمل بالوصية!!؟

عدد الردود 0

بواسطة:

dalia

رائع

عدد الردود 0

بواسطة:

nile sun

كلام اكثر من رائع

عدد الردود 0

بواسطة:

عماد

ليه ما نخدش بكلامه؟!!!

عدد الردود 0

بواسطة:

ابو محمد السويسي

يارقم4

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة