ينتاب الحياة العامة تحولات وانتهاكات صارخة، لما اعتدنا عليه من أوضاع سابقة، كانت خامدة زاهدة، حتى فى حق ممارستها للحياة، بشكل يليق بإنسانيتها، فما طرأ علينا من حرية مفاجئة يبدو أننا لم نصدقها أولم نعتدها، فاستغللناها أسوأ استغلال، ربما كان الأحرى بنا أن نتدرب على هذه الحرية فهكذا من لا دربة له بشىء لا يعلم كيف يجيد استخدامه، وإذا استعمله كان إما مخلا له بعض الوقت حتى يعلم كيف يجيد استخدامه وإما قاضيا عليه كل الوقت حتى لا يعلم شيئا بعد جهله.
أخشى ما أخشاه أن يتحول هذا الرفض لكل شئ إلى رفضنا لأنفسنا، وإن كان الرفض سبيلا للأفضل من وجهة نظر الرافض، فلا ثقة فى طرح أو نداء أو مبادرة، إلا أن هذا الرفض ذاته قد يكون سبيلا ينتهى بنا إلى بدايته أو ربما تنقطع بنا كل السبل.
توطن الشك فى كل شىء فالريبة تحيط بنا وتطوق أعناق مؤسساتنا، فيعتقد البعض أن الحل الأمثل هو قطع تلك الرقاب لغرض تنظيفها، ثم إعادة تركيبها وهو لا يدرى أنه إذا فصل الرأس عن الجسد دون رأس بديل فسوف يموت الرأس ويتوه الجسد.
إذا تأملت الأوضاع المتردية فى البلاد، ووضعت لها حلولا غير جذرية واكتفيت بتغيير الأسماء ووضعت الرأس الجديد على جسد مريض، فسوف يدب ذلك الصداع القديم إلى ذلك الرأس الجديد..أعنى بوضوح أنه إذا انتخب رئيس الجمهورية وتم تسليمه صلاحياته، فما يدريك مع هذا العصيان المؤسساتى المؤدب والممنهج ومع هذا العصيان الشعبى العشوائى، ودعونا لا نضحك على أنفسنا فأول الحل هو الاعتراف بوجود المشكلة حتى لا يأتى من يقول رفضنا العصيان المدنى، فهو موجود ولكن بشكل مؤدب كما ذكرت أقول مع كل هذا ما يدريك أن الأزمة قد انتهت.
إذا لم يملك الرئيس القادم سلطة تنصاع لها مؤسسات الدولة وأدواتها الرادعة فى تطبيق تلك الصلاحيات، فإليك ما لا أود أن يكون من سلطة اسمية لرئيس الدولة القادم تزداد بها الأوضاع تأزما، فقد رأينا مجلس الشعب المنتخب صاحب السلطة التشريعية التى توازى سلطة رئيس الجمهورية، نراه يوصى ولا يشرع، نراه يستعرض ويستشرف الكاميرات ويدخل فى أمور فرعية تافهة، ونرى بعض أعضائه يضربون وينتحبون، فهل يعتقدون أنهم دخلوا مسلسلا تاريخيا ولم يدخلوا مجلس الشعب.
لا يعتقد أحد أننى لا أريد الاستقرار لبلدنا، ولكن فى اعتقادى أن انتخاب الرئيس الآن دون توطئة الطريق فلن يطيعه أحد، حتى تستجيب له مؤسسات الدولة التنفيذية خاصة، ويلتف حوله الشعب صاحب السلطة الحقيقية، وإلا فهى الدائرة المغلقة..فتلك حريتنا الملعونة، أو فأتونا بفكر جديد.
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة