أدلى الباحث الأمريكى فى الشئون السياسية "روبرت كاجان" أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب الأمريكى بشهادة حول الثورة المصرية وسقوط نظام الرئيس السابق حسنى مبارك، وكذلك الدور الذى لعبته الولايات المتحدة إبان تلك الأحداث أكد فيها أن الجهود التى بذلتها لجنة العمل التى شكلها مع زميله "مايكل دون" الخبير فى الشئون المصرية، قد ركزت فى المقام الأول على الضغط على الحكومة المصرية لتحقيق إصلاحات وليس لإسقاط النظام.
وأضاف كاجان فى شهادته التى نشرها معهد بروكينجز البريطانى، أن المصريين أنفسهم لم يكونوا يطالبون بإسقاط النظام فى بداية ثورتهم وإنما كانوا يريدون إعادة الانتخابات البرلمانية وذلك حتى يمكن لأحزاب المعارضة أن تحظى ولو بتمثيل بسيط فى البرلمان والذى سيطر عليه تماما أعضاء الحزب الوطنى المنحل بعد انتخابات 2010.
وأضاف أنه كان من الواضح تماما للولايات المتحدة وغيرها أن المجتمع المصرى يعانى من اضطراب شديد خاصة أن الجميع صار متأكدا من أن مبارك يعانى من ظروف صحية متردية، وكذلك تزايد التوقعات التى دارت حول نية الحزب الحاكم آنذاك ترشيح جمال مبارك ليخلف والده على كرسى السلطة، موضحا أن الانتخابات البرلمانية التى عقدت فى 2010 قد جاءت لتفتح الباب أمام تحقيق هذا الهدف.
وأضاف أنه كان من المتوقع أن تمنح انتخابات برلمان 2010 مبارك الأب الفرصة ليتقرب إلى شعبه من خلال إظهار رغبته فى تحقيق الإصلاح استجابة لرغبات شعبه، حتى وإن كان الإصلاح المتوقع هامشيا أو متواضعا، إلا أن الرئيس السابق قد أصر على أن تؤدى تلك الانتخابات إلى مزيد من السيطرة على البرلمان دون أن يحقق أية إصلاحات.
وأشار كاجان إلى أن مبارك قبل أن يحقق تلك الإصلاحات مجبرا بعد احتشاد الجماهير بميدان التحرير إبان ثورة يناير 2011، إلا أنه على ما يبدو كان الوقت متأخرا للغاية، موضحا أنه لو كان قد استجاب إلى رغبة شعبه قبل هذا التاريخ بشهرين فقط ربما كان مبارك فى الحكم إلى اليوم.
وأضاف الشاهد أنه قد روى هذا التاريخ ليدحض الادعاءات التى تدور حول وجود دور أمريكى فى الإطاحة بنظام مبارك، مؤكدا أن مبارك هو الذى أطاح بنفسه، كما أن الولايات المتحدة لم تفعل شيئا سوى أنها قد أطاحت بنفسها خلفه، نتيجة التأخر الشديد الذى عانت منه إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما فى قراءة الأحداث رغم أنها قد اتخذت القرار الصحيح فى النهاية. وقال كاجان إنه لا يعلم ما هى نصيحة المنتقدين للسياسة الأمريكية فى هذا الصدد، متسائلا "هل كانوا يريدون أن نطلب من الجيش المصرى أن يقتل متظاهرى التحرير؟؟"، مؤكدا أن الجيش المصرى لم يكن لينفذ مثل هذه الأوامر.
وانتقد الخبير الأمريكى السياسة التى انتهجتها الإدارات الأمريكية المتعاقبة، والتى تعاملت مع مبارك وكأنه مصر بأكملها، من خلال دعم سياساته التى قامت على مداهمة المعارضين العلمانيين، والمجتمع المدنى، خوفا من تهديداته التى أثار فيها أن البديل لنظامه هو جماعة الأخوان المسلمين، والتى فازت بأغلبية المقاعد البرلمانية فى الانتخابات الأخيرة.
وأكد كاجان إبان شهادته أمام مجلس النواب الأمريكى على ضرورة أن يتساءل صانع القرار بالولايات المتحدة حول من المسئول عن الأزمة الراهنة مع مصر على خلفية قضية التمويل الأجنبى الذى تتلقاه منظمات المجتمع المدنى العاملة فى مصر، موضحا أن تلك الأزمة ليست بسبب الإخوان المسلمين ولا الرأى العام المصرى وإنما أرجعها إلى عدم اكتمال الثورة المصرية خاصة أن منظمات المجتمع المدنى قد استهدفها نظام مبارك وبالتالى فإن مصر مازالت تعيش فى المرحلة الأخيرة من عصر مبارك بدون مبارك نفسه.
وأضاف الخبير الأمريكى، أن الحكام فى مصر يرفضون تلك المنظمات التى تدعم الديمقراطية والمحاسبة والشفافية ومبادئ حقوق الإنسان، لذلك فإنهم دائما ما يصفون النشطاء العاملين بتلك المنظمات باعتبارهم عملاء لحكومات أجنبية يعملون على زعزعة استقرار البلاد.
ودعا كاجان إدارة بلاده ألا ترتكب نفس أخطاء الماضى، من خلال دعم قادة النظام الحالى، حتى لا يضعوا أمام الولايات المتحدة نفس الخيارات التى تبناها النظام السابق إبان حكمه، وهو "إما أن نستمر نحن فى حكم البلاد أو يأتى الإسلاميون"
ونصح كاجان، الإدارة الأمريكية أن تتعامل مع الواقع الجديد الذى تشهده حاليا مصر ما بعد مبارك، موضحا أن ذلك الواقع هو أن الإسلاميين هم من سيطروا على البرلمان المصرى بعد انتخابات حرة ونزيهة، موضحا أن الطريق الوحيد الذى ينبغى أن تسلكه الولايات المتحدة حاليا هو أن تتعامل مع الإخوان المسلمين والليبراليين والعلمانيين وكافة القوى المصرية الأخرى من أجل بناء مستقبل أفضل لمصر وشعبها.
وطالب، الإدارة الأمريكية أن تمد يدها إلى الإخوان المسلمين فى مصر خاصة أن مصر لم يعد يحكمها شخص واحد قوى، مؤكدا أنه لابد أن تكون هناك استجابة لمشاعر المصريين ورغباتهم فى هذا الصدد.
وبخصوص المعونة التى يتم توجيها إلى مصر، أكد الخبير الأمريكى أنه لابد أن يكون من الواضح أن المعونة الأمريكية السنوية المقدمة إلى مصر ليست خيرية وإنما لتحقيق أهداف معينة تتمثل فى أن تكون الحكومة المصرية حكومة مدنية تحترم كافة الحريات الفردية، وأن تتمسك تلك الحكومة بتعهداتها تجاه جيرانها ومن بينهم إسرائيل، بالإضافة إلى العمل على استخدام تلك المعونات فى تحقيق آمال وطموحات الشعب المصرى.
باحث فى شهادته أمام مجلس النواب الأمريكى: الانتخابات المصرية فى 2010 جاءت لخدمة التوريث.. مبارك أطاح بنفسه وليس الثورة... والإدارات الأمريكية المتعاقبة أفرطت فى تدليل "المخلوع"
الخميس، 16 فبراير 2012 06:48 م