"لكننى صعلوك عابر سبيل، ابن الحارة المصرية، ليس لى صاحب، لذلك كما ظهرت فجأة سوف أختفى فجأة، فحاول تفتكرنى"، كلمات رشيقة وصف بها الكاتب الكبير جلال عامر حاله قبل فترة قصيرة من رحيله كأنه كان يحاول تهيئة مريديه ومحبيه لقدر الله، ولكن لأنه ليس صعلوكا لم يستطع كل من معجبيه الخروج من حاله الحزن التى فرضها فراقه على قلوبهم، وعبر كل واحد عن حزنه بطريقته الخاصة.
مقهى على الهندى أشهر مقهى بالإسكندرية ليس فقط لسمعتها الطيبة بين أهالى المحافظة، ولكن لأنها مركز تجمع لأدباء وفنانى الإسكندرية، نشرت على جدرانها نعيا لعم جلال، لمواساة أهل الإسكندرية على رحيل عم جلال بعدما انفطر قلبه حزنا على البلد أثناء مشاركته فى مسيرة أسفرت عن اﺷﺘﺒﺎﻛﺎﺕ ﺣﺪﺛﺖ ﺑﻴﻦ مؤيدى ومعارضى الإضراب العام
"كان رجلا بسيطا ومميزا عن باقى زبائن القهوة" بتلك الكلمات البسيطة عبر أشرف زكريا عامل بمقهى على الهندى عن حزنه لفراق عم جلال والذى كان يعتبره بشكل شخصى أخا له، فالراحل بالنسبة له كان أكثر رواد المقهى احتراما وذكاء، يقول الرجل "عم جلال كان أكثر الزبائن احتراما وسخاء، وكان يحترم الجميع ولا يمانع فى فتح باب النقاش مع أى شخص دون تردد مهما كانت درجة ثقافته أو تفكيره، فهو امتاز بقدرته على التحدث مع كل عقلية على حد سواء"، ليكمل ضاحكا "كان دائما ينادى كل شخص بلقب خاص به، فأنا كان يطلق علىَّ لقب أشرف الصعيدى لأصولى الصعيدية.
أما عن عادات عم جلال الشهيرة فقال "الدوشة كانت أكثر ما كان يؤرق عم جلال لذا كان يفضل ركنا خاصا داخل القهوة يجلس فيه هو وأصدقاؤه الخمس، كما أنه عرف بمناقشاته السياسية القوية الساخنة ولكنه كان رجلا معتدلا جدا، ليصمت قليلا مؤكدا "أنا لا أمدح فى الرجل لأنى أحبه فقط ولكنى أقول شهادة حق أسأل عنها يوم القيامة، فالرجل رغم اختلافه فى أرائه مع كثيرين كان دائما يختم مناقشاته بضحكة".. ليختتم حديثه بجملة مغلفة بدموع حاول ألا تخرج أمام الناس قائلا: "الجميع كان محبا له وفراقه أفقدنا توازننا".
رحيل عم جلال كان أشبه برحيل طفل مصدوما بعربة طائشة فجأة بعد جلسة لعب ومرح مع أبيه، هكذا كان أثر رحيل عم جلال على نفوس أصدقائه وأقرب الأقربين له، فبعيدا عن صخب المقهى أمام كرسى المعلم _ كما اعتاد عم جلال تلقيب صاحب المقهى، كان يجلس عم جلال هو ورفاق صباه يقتسمون الضحكات والقفشات وبكلمات رشيقة يحاول عم جلال تحليل حال البلد، إلا أن الجمع كان به كرسى فارغ لم يجرؤ أحد أن يجلس عليه "كرسى عم جلال".
حسام سليم سامى أخصائى أثار بجامعة الإسكندرية وأقرب الأقربين لعم جلال عامر والذى وصف رحيله بالصدمة، سامى كان أكثر المقربين لعم جلال تماسكا بعد رحليه، وعن عم جلال قال "كثيرون لا يعلموا عن جلال أنه كان مثل الأطفال يحزن سريعا ويفرح سريعا، رحيم مثلهم اكتسب بشاشة وجهه من نقاء وبياض قلبه الذى كان يتسع لكل الناس لذا كان رحيله صدمة عنيفة على الجميع، فعلى قدر مكانته الصحفية والأدبية العظيمة كان رجلا بسيطا ودودا، يعرف الأصول كمعرفته خطوط كف يده، فهو دائما أول شخص يطرق بابك عندما تواجهك أى مشكلة، ودائما كنت أقول له إنك عرفت تربى ولادك فأخلاق أبنائه لم تكن تختلف عن أخلاقه".
ويضيف سامى "ميزة جلال أنه كان يمتلك ملكة مناقشة جميع العقول، فكان يستطيع محاورة عامل المقهى فكان يستطع تبسيط أفخم المعلومات وأكثرها تعقيدا، فكان يستطيع التحدث مع كل رجل على قدر عقله دون التقليل أو السخرية من أى شخص، وكان عظيما فى إنصاته للمحيطين به، وطوال فترة معرفتنا لم يؤثر اختلافه فى الرأى مع أى شخص على مدى معرفته به أو صداقته بالمحيطين به".
السياسة جزء أصيل من شريط حياة عم عامر ليس فقط فى هيئة مناقشاته مع أصدقائه ولكن ممارستها كان لها أيضا دور فى حياه عم جلال، حيث خاض عم جلال تجربة الترشح عامى 2005 و2010 ، فمابين مؤيد ومتحمس لترشح عم جلال لم يتردد الراحل لحظة عن خوض التجربة.
أشرف إبراهيم منسق حمله الدعاية لعم جلال تحدث عن تجربة الراحل قائلا: "اكتشفنا ذكاء عم جلال الفطرى وقت الحملة، فهو كان ضد أى دعاية تقلل من قيمة الرجل المصرى فكان يوزع أفكاره مكتوبة وليست شعارات أو برامج معقدة وكان يوزعها بيده وكان يوميا على رجله يقوم بكل شىء بيده، كما أنه كان ضد وجود وسائل دعائية أخرى كوجود عربات تحمل صورة أو تردد شعارات عنه، فهو كان حريصا على مخاطبة عقول المصريين، كما كان يمتلك ملكة قراءة السؤال فى عيون الناخبين".
وعن أبرز مواقف عم جلال فى الانتخابات قال إبراهيم "كان رافضا وجود أى بلطجى على باب اللجان حتى ولو على سبيل الحماية، ففى عام 2005 انسحب عم جلال من الانتخابات دون أن يقدم جواب انسحاب اعتراضا على ظهور البلطجية على أبواب اللجان وانتشار عمليات البلطجة بشكل مهين للمصرين، وانسحب من الانتخابات لأنه رفض الانضمام لمجلس بلطجية وترك الحملة".
الإسكندرية تبكى فراق عامر فارس الكلمة الساخر.. مقهى الأدباء نشرت على جدرانها نعياً لعم جلال..آخر كلامه: أنا عابر سبيل ابن الحارة المصرية ليس لى صاحب لذلك كما ظهرت فجأة سوف أختفى فجأة
الخميس، 16 فبراير 2012 06:28 م
جلال عامر
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد شعبان عبدالرازق / قنا
وداعا
عدد الردود 0
بواسطة:
مواطن مصري
كاتب مبدع
عدد الردود 0
بواسطة:
طبيبه مصريه
كلما وجدت مقالة عنك بكيت من جديد
الله يرحمك . الله يرحمك
عدد الردود 0
بواسطة:
mostafa
الى جنة الخلد ياعم جلال
عدد الردود 0
بواسطة:
د. أنس
بحرى موطن عم جلال
عدد الردود 0
بواسطة:
Algerian Toufik
Sweden
عدد الردود 0
بواسطة:
ناصر
تصويب واجب
عدد الردود 0
بواسطة:
ahmed sayed
انا لله و انا اليه راجعون . حزنت لفراقك يا استاذنا
عدد الردود 0
بواسطة:
السيد وحوح
اين تقع هذه المقهى
عدد الردود 0
بواسطة:
نور الهدى
قريب