عزة مختار تكتب: إلى عمال وفلاحى مصر.. تحية واعتذار

الأربعاء، 15 فبراير 2012 08:10 م
عزة مختار تكتب: إلى عمال وفلاحى مصر.. تحية واعتذار صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حين كان النظام السابق يعتلى عرش مصر ويعيث فى الأرض فسادا، ويبيع ويفلق ممتلكات الشعب المصرى من مصانع يعيش عليها آلاف الأسر وملايين البشر ويفسد الأراضى الزراعية بما يجلبوه من الكيان الصهيونى العدو الأول لمصر من بذور فاسدة وهرمونات مسرطنة كنت ترى هؤلاء العمال، فى المحلة وغيرها يهتفون بأعلى صوت أن يسقط النظام العميل، وكنت تقابل الفلاح المصرى الفصيح ليشرح لك عن كيفية أن النظام باع البلد وأفسدها وأمرض أهلها ـ ببساطة لا يملكها أصحاب الأقلام ـ وأنه لا يملك إلا أن يقول (حسبنا الله ونعم الوكيل)، وذلك فى الوقت التى كانت فيه ما يسمونه بالنخبة المثقفة تهادن النظام وتتحدث عنه بألف وجه.

ويوم الاستفتاء فاجأ هؤلاء العمال والفلاحين، فاجئوا الجميع بإيجابيتهم فتراهم من كل مكان منطلقون، من المصانع ومن المزارع ليصوتوا لما رأوه فى مصلحة بلادهم دون أن ينتظروا توجيها من أحد، ودون أن يتأثروا برغبة أحد رغم تهافت أجهزة الإعلام بكل أنواعها من صحف وفضائيات تحاول أن تكسب هؤلاء البسطاء وتوجههم ـ بنفس تلك النخبة المثقفة ـ لكنهم بقلوبهم النقية وأفكارهم البسيطة لا يحكمون إلا ضمائرهم فيختارون رغما عن الجميع ما يشعرون أنه فى صالح بلادهم، ثم تأتى انتخابات الشعب ليخرج هؤلاء جميعا دون داع من أحد، وبرغم كل النداءات وبرغم كل التخويفات التى تطلقها تلك الوسائل الإعلامية على عادتها من التيار الإسلامى عامة ومن الإخوان المسلمين خاصة، يخرج هؤلاء ليختاروا بإرادة حرة، ولأول مرة منذ حقب يختارون ويقولون نعم للإسلاميين الذين يمثلون هوية الشعب المصرى الحقيقية سواء كانوا مسلمين أو نصارى، نعم لمن نعرفهم فهم منا ونحن منهم، نعم لمن وقفوا على مدى ثمانين عاما فى وجه كل طاغية، وتوالت الاختيارات لتأتى انتخابات شورى الثورة، ولا يغير هؤلاء رأيهم بل يزيد إصرارهم، ثم جاء الاختبار العظيم فى حب مصر، يوم دعا من دعا للإضراب العام وقد كان رهان هؤلاء الداعين إلى الإضراب والعصيان المدنى كل اعتمادهم على هؤلاء العمال الذين تدربوا على التظاهرات والإضرابات منذ زمن، لكنهم لم يفقهوا لماذا ثار هؤلاء فى البداية ولماذا توجهوا إلى أعمالهم ووهبوا أجر ذلك اليوم لبلادهم فى يوم الإضراب الذى دعوا إليه؟ لم يفقهوا ما فقهه هؤلاء، فذهب هؤلاء العمال فى صمت من عمال وفلاحين كل إلى عمله فى صمت ودون وجود من يعبر عنهم من فضائية أو جريدة، توجه الجميع إلى أعمالهم فى صمت دون صخب إعلامى ودون تشجيع من أحد ودون انتظار تكريم أو استلام نيشان من أحد وبروح عالية الوطنية وبفهم يصعب على المثقفين استيعابه توجه هؤلاء جميعا للعمل مجانا لصالح بلادنا الحبيبة.

وإلى هؤلاء الصامتين جميعا نتوجه لهم بالتحية والتقدير والاعتذار عن فهم الكثيرين القاصر تجاه قضايا بلادنا المدعين الفهم والحب، الذين باعوا كل القضايا من أجل حفنة من الدولارات، أو من أجل الظهور فى الفضائيات وعلى صفحات الجرائد، وتجد من هؤلاء الذى يظهر كبطل ثورى ويمجد بينما هو فى الأصل بلطجى الفكر والعمل بينما البطل الحقيقى والثورى الحقيقى هو من يدير ماكينات مصنعه ويوقد نار فرنه ويزرع ويحرث ويروى أرضه كى نأكل ونشرب ونلبس ويعيش هؤلاء الداعين للبطالة وتوقف مظاهر الحياة كى تنجح خطة العداء فى هدم ما تم بناؤه بأيدى الأبطال الحقيقيين.

فليخجل هؤلاء إن كان ما زال عند هؤلاء قلب أو عقل أو ضمير، لن نخون أحدا ولن نرضى بالتخوين، ولكن ننادى بتصحيح الفهم وتصحيح النوايا كى تستقيم الأمور وتعتدل الموازين، ونصل إلى بر الأمان ولنتعلم من هؤلاء البسطاء الذين أعطونا بحسن فهمهم وتصرفهم أعظم درس فى الوطنية الحقيقية.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة