عزيزى الشيخ حسان.. أود أن أعبر لك عن امتنانى الشديد لمبادرة المعونة المصرية، وأؤكد لك أن المصريين بدون مبالغة مستعدون لعمل معونة مصرية تفوق ألف معونة أمريكية.. وليس كما يشاع عن المصريين أنهم شعب مادى يقدس المادة أولا.. بدليل عادة موائد الرحمن التى تقام كل ليلة فى رمضان وبها ما لذ وطاب من الأطعمة على مدار الشهر الكريم دون مقابل.. وبدليل ميدان التحرير الذى ضم فى مستشفياته الميدانية علاجا مجانيا ورمزيا بكافة الأدوية طوال أيام الثورة..
صدقنى عزيزى الشيخ هذا الشعب عظيم ومستعد للتضحية... لكنه حذر.. لا يترك أمواله تذروها الرياح دون ثمرة مرجوة... فالمشكلة هنا ليست مشكلة جمع للأموال.. المشكلة هى انعدام ثقة نابع من انعدام الأمن وانعدام تطبيق العدالة والقانون ... جميل أننا نتمنى ونحلم مثل تلك الأحلام والأمانى.. لكنه سىء جدا ألا نقدر للواقع قدره.. فمصر على مدار الثلاثين عاما.. كانت تعانى من نهب مستمر للخيرات والثروات.. وبخاصة السنوات العشر الأخيرة التى صار النهب والسرقة فيها بشكل وقح متبجح.. حتى بات المصريون يتسولون المعونات من أمريكا وغيرها.. ووصل بنا الحال إلى أن نستجدى المعونة من إحدى دول أوروبا الشرقية.. وأخرج قطاع كبير من المصريين من ديارهم إلى الأقطار العربية ليطلبوا الرزق فيها فى ذل ومهانة.. أو يلقون حتفهم على سواحل أوروبا أو غرقا فى قاع المتوسط طمعا فى فرص جديدة خارج بلدهم الذى لم تراع فيه حرمة دمائهم وقيمتهم... انظر معى عزيزى الشيخ حسان إلى معدلات الفقر فى مصر إلى أى حد وصلت وكيف هى مرتبتنا العالمية فى الفقر.. لقد كدنا نصل بفقرنا إلى مرتبة هايتى وجيوبتى من شدة الفقر فى حين كنا فى مصر سلة غذاء العالم ومصدر قطنه إلى وقت الخمسينيات والستينيات ... الأمر هنا ليس خطأ فى السياسات الاقتصادية للبلاد... فالخطأ مرة يمنع من الوقوع فيه مرة أخرى... أما إذا كان هناك إصرار على ارتكاب الأخطاء فماذا نسمى ذلك؟ كل هذه قرائن وأدلة دالة على نهب ثروات هذا الشعب خلال ثلاثين عاما... اليوم تم القبض على مبارك وجمال وعلاء وعز وسرور والشريف وعزمى وغيرهم... طالت المحاكمات الروتينية حتى أدرك المجرمون أنهم آمنون من العقاب... وحتى من تم الحكم عليهم فقد حوكموا بمدد قليلة لا تتناسب مع فظاعة الجرم الذى ألحقوه بهذا الشعب العظيم الذى كان يوما ما يُقام له من فى مجالس العرب... ثم ماذا عن سوزان مبارك الحرة الطليقة؟ هل رأيت قانونا فى التاريخ يعطى الحق للص إرجاع أموال ليست له سرقها مقابل أن يطلق سراحه دون أن تتم معاقبته؟ ... هل هذا عدل؟ هل استند القانون إلى الشارع الحكيم حينما فرض العقوبة على السارق المجاهر بسرقته؟ ماذا يطلبون من الأدلة لكى تتم إدانتهم؟ هل يفنى الشعب جوعا حتى تتم الإدانة؟ ألا يكفى القضاء أن هؤلاء المجرمين قد قوضوا سبعة آلاف سنة من المجد فى ثلاثين عاما لم يفعلها حتى الاحتلال الانجليزى لمصر فى سبعين عاما؟ وهل ننتظر مأساة أخرى نحن المصريين كمأساة مبنى معهد الأورام الذى كانت التبرعات تهدى إليه ليكون حطاما من تراب؟ لا أظن أن المصريين سوف يتبرعون بأموالهم لأى جهة كانت ولأى سبب كان قبل أن ينال المجرمون جزاءهم من العقاب الرادع... وأن يطبق العقاب بالقوة على كل سارق لا فرق فى ذلك بين شريف وضعيف مادام قد سرق... حتى لا نهلك كهلاك أمم ما قبلنا تركوا أشرافهم يسرقون وعمدوا إلى ضعفائهم وفقرائهم يعاقبون...
أحمد محرز يكتب: حتى تنجح مبادرة المعونة المصرية.. عاقبوا هؤلاء أولا
الأربعاء، 15 فبراير 2012 10:57 ص