يحكى أن رجلاً عجوزاً قال لحفيده أشعر أن بداخل قلبى ذئبان يتصارعان أحدهما حقود وعنيف، والآخر وديع ومحب، فسأله الحفيد: من سيربح تلك المعركة؟ فأجاب الجد قائلاً: "الذئب الذى سأغذيه هو من سيفوز". إلى هنا انتهت القصة ولنا فيها الحكمة فهناك نفوس تصنع شقاءها بل وتحوله إلى حقد أسود، وحسد أكال، وتلك نفوس ٌمظلمة متمردة كافرةٌ بنعم تمتلكها، وهناك نفوس تعلو فوق شقائها، وتتجاوزه بل ترى فيه الحكمة، والعبرة، تلك نفوس مستنيرة صابرة ترى العدل والجمال فى كل شىء.
فلا لا يوجد مفاجأة فى أى نجاح، فهو نتيجة تحضير، وعمل جاد، وتعلم من الأخطاء، وهو سُلم لا يمكن لأصحاب النفس القصير تسلقة، النجاح تصحبه سمعة تُبنى كمؤسسة فى عشرات السنوات فلا تهدم بسهولة، وتعلمون أن السفن العملاقة فقط هى التى تستطيع مواجهة الصعاب، وتقلبات الريح، ومصارعة الأمواج.
أما المراكب الصغيرة فلها قوانين وحدود وأماكن تتحرك فيها لا تتعداها، وتُقيد ليلاً بجوار الشاطئ.
وتفوق التيار الدينى هو شىء متوقع لكل مُتابع متجرد من أى أيديولوجية مُكبـِّلة، وقاهرة أحيانًا، وأى طائر محلق يستطيع رؤية المشهد الراسى بوضوح وبالاستناد إلى قاعدة "البدايات تحدد النهايات" كنت تستطيع أن ترسم الصورة النهائية، وملامح من تحت القبة فى البرلمان القادم.
والآن المخلصين فقط من عليهم تقريب وجهات النظر بين غلو الغالين المتشددين وتفريط المفرطين، لإيجاد مساحة وسطية بها حياة هادئة للمعتدلين.
وعلى القوى السياسية، والحركات، والائتلافات الشبابية التى تعدت حاجز المائة، وخرجت من السباق، أو انسحب بعضها، لخشية تذوق طعم الهزيمة أن تتعلم من تجربة التيار الدينى، وتترك استوديوهات مدينة الإنتاج الإعلامى، وتكُف عن توجيه الاتهامات التى أصبحت كالوجبات الجاهزة تـُـقـدَّم على مائدة الوطن وبها سُم قاتل ومحاولات لتلويث كل شىء، لكتم أنفاس المخلصين الذين يمدون جسور الأمل فوق نهر اليأس، فكلنا يعرف المشكلات، ولكننا نحتاج لمن يقدم الحلول بعيداً عن المنهج الرديكالى بتغيير كل شىء من الجذور أو التفكير المتعصب الذى لا يسمع للآخرين.
أقول لهؤلاء: تخلصوا من ذكرياتكم المؤلمة، لأنها تـُبقى على جروحكم خضراء ،وتعلموا الدرس فهو لم ولن ينتهى، ولا تكونوا مثل الحمقى تفعلون الشىء نفسه وتتوقعون نتائج مختلفة، ولا تتوقفوا، فالفشل هو الكف عن المحاولة، والنجاح يحتاج لعقولٍِ مليئة بالأفكار، ولا يحتاج جيوب مليئة بالأموال، وكما يقول أديسون (كثيراً من الفاشلون توقفوا ولم يدركوا أنهم على بعد خطوات من النجاح)، لذلك ربما ألتمس العذر لمن فشل فى التخطيط ولكنى لا أتسامح مع من خطط للفشل.
ولكل من حاز على ثقة دائرته الانتخابية أقول: "أحذر الباب الذى له مفاتيح كثيرة لا نريد نواب الصمت أو من يُطلق عليهم نواب أبو الهول الذين وصل عددهم واحد وأربعون فى مجلس (2005-2010) لم يفتح أحدهم فمه بحرف أو كلمة طيلة خمس سنوات تحت القبة ،فكانت حصيلة مشاركتهم (صفر).
لذلك ننتظر ونطمع فى عزف سيمفونية حب لمصر، وشعبها الذى يستحق بدلاً من العزف المنفرد فلم يعد الوقت أو الظرف يسمح بأى تمزق جديد، فلا تسمحوا لأحد بخرق السفينة "وتعاونوا على ما اتفقتم عليه وليعذر بعضكم البعض فيما اختلفتم فيه"، واستقيموا يرحمكم الله.
