استطاع الكاتب الساخر الكبير الراحل جلال عامر، الذى فارق الحياة فجر اليوم، الأحد، أن يمسك بمشرط الجراح، ليشرح بمهارة حالة مصر المستعصية دائما، واصفًا مشاكل وأحزان أهلها فى كلمات "راقصة" موجزة، ومكثفة بروح الساخر، الذى لم تفارقه أبدًا فى كتاباته.
وتتمثل محاولاته هذه، فى كتابه "مصر على كف عفريت" الصادر عن دار عين مؤخرًا، كمحاولة منه لبحث حالة وطن كان يملك غطاءً ذهب فأصبح بدون غطاء..بلاعة.. وكيف تحولت من «أم البلاد» إلى «أم الفساد»، مقدمًا رؤيته وتحليلاته فى مجموعة من المقالات المُجمّعة لـ"عامر" والتى سبق نشرها فى الصحف المصرية.
وبأسلوبه الساخر الذى يدل على بلاغة لغته ومعرفته الموسوعية وخبرته فى الحياة، تعجب عامر فى كتابه من أن مصر بدأت بحفظ الموتى، وانتهت بحفظ الأناشيد، لأن كل مسئول يتولى منصبه يقسم بأنّه سوف يسهر على راحة الشعب، من دون أن يحدد أين سيسهر وللساعة كام؟ فى مصر لا يمشى الحاكم بأمر الدستور، بل بأمر الدكتور، ولم يعد أحد فى مصر يستحق أن نحمله على أكتافنا إلا أنبوبة البوتاجاز، فهل مصر فى يد أمينة أم فى إصبع أمريكا أم على كف عفريت؟
وتناول "عامر" فى كتابه فاجعة كبيرة مثل غرق عبارة السلام فى عام 1998م قائلا "إذا كان كازنتزاكيس كتب روايته المسيح يصلب من جديد، فإن مصر تكتب روايتها المصرى يغرق من جديد".
فارق عامر دنيانا فى مدينته بالإسكندرية بعد إجراء عمليه جراحية لإصابته بأزمة قلبية بعد مشاركته فى مظاهرة، وسط حزن عميق من تلاميذه وقرائه، ولكن ستبقى كلماته الساخرة الموجعة بيننا دائما.