من حقنا أن نغضب، فحتى الآن لا توجد محاكمات ناجزة وعادلة وشفافة لقتلة الشباب فى أثناء الثورة وفى ماسبيرو وفى محمد محمود وفى مجلس الوزراء، وأخيرا فى بور سعيد، فمن حقنا أن نغضب ونعبر عن غضبنا، والمجلس العسكرى بصفته المسئول عن إدارة شئون البلاد فى الفترة الانتقالية هو المسئول سياسياً عن تلك الأحداث، فى حين يملك أن يبرئ ذمته بتقديم المتورطين فى هذه الأحداث للمحاكمة. فإن كان يعلم المتورطين ولا يعلن عنهم فتلك مصيبة، وإن كان لا يعلمهم فالمصيبة أكبر. من حقنا أن نغضب فمازال النائب العام الذى عينه مبارك موجودا، من حقنا أن نغضب فمازال المئات من أباطرة الحزب الوطنى وممن أفسدوا حياتنا أحرارا بل يمارسون فسادهم، من حقنا أن نغضب فمازال الإعلام بنفس الوجوه الصفراء صاحبة المصالح والأجندات لا يستحون، من حقنا أن نغضب فمازال مبارك يحاسب فى قضايا الكسب غير المشروع.. من حقنا أن نغضب فمازال الغاز يصدر إلى إسرائيل، من حقنا أن نغضب فمازالت أمريكا تمنحنا معونة وتعطى جيشنا معونة وتتحكم فى قرارنا، من حقنا أن نغضب فما زال صندوق النقد والبنك الدولى يبحث فى اقتصادنا ويستعمرنا من جديد، والمجلس العسكرى هو المسئول.
أما الحديث عن ثورة جديدة فهو إهدار لدماء الشهداء، لسنا فى حاجة إلى ثورة جديدة، فلم تفشل ثورتنا لنصنع ثورة جديدة، ولم يتول نظام جديد فاشل فنحتاج لثورة جديدة تقضى عليه، إنما نحن فى حاجة إلى استكمال ثورتنا التى لم تقضِ على النظام القديم كله، والثورات العظيمة تحتاج إلى وقت لتحقيق كل أهدافها.
أما الحديث عن عصيان مدنى وإضراب عام، فلا أراه فى مصلحة بلادنا ولا فى مصلحة ثورتنا، فى ظل هذا الوضع الاقتصادى والأمنى الذى نحن فيه، لا أدعو إلى هذا العصيان ولن أشارك فيه، رغم غضبى الشديد، وأدعو جميع المصريين إلى عدم المشاركة فيه.
الثوار لم يصلوا إلى السلطة. ولا يريدون، إنما يريدون أن يستكملوا أهداف ثورتهم، ويحققوا لمصر الخير، ليس مهماً من يحكم، المهم أن يكون مدنيا جاء من الشعب عبر صندوق نزيه، يحكمنا كواحد منا وفقا لدستور ارتضيناه، يحقق لنا العدل والحرية.
ليست الثورة ولا الثوار سببا فيما نحن فيه من عدم استقرار، فثورة وثوار لا يحكمون فلا يسألون.
المجلس العسكرى هو المسئول مسئولية كاملة عما نحن فيه هتفنا كثيرا فى الميدان (الشعب والجيش إيد واحدة) رفعناهم فوق الأعناق، ولا ننسى اللواء محسن الفنجرى وهو يؤدى التحية العسكرية للشهداء.
كان يمكن أن يبقوا فى قلوبنا أنوارا مضيئة، كان يمكن أن يبقوا فوق الأعناق. دعونى أستعير بعض الجمل من محمد بركة "كان بإمكانهم أن يصبحوا الغصن الأخضر الذى تحط عليه عصافير الحرية.. كان بإمكانهم أن يكونوا القمر الذى يرسل ضوءه الفضى ليضىء ملامح الغاضبين.. وطوق الياسمين الذى تعلقه حرائر مصر فى نحورهن.. وحمامة بيضاء تملأ بأجنحتها سماء مصر سلما وأمنا وأمانا".
من المؤكد أن المجلس العسكرى خسر محبة الكثيرين ممن حملوا أرواحهم على كفوفهم وخرجوا يصنعون حلما ورديا.. ينثرون عطر الحرية على جنود الجيش المصرى.. هؤلاء الرومانسيون الذين تخضبوا بدماء إخوانهم وزملائهم لا يبيعون عطر دمائهم.. بالتأكيد خسرتم محبتهم.. كانت البداية عظيمة بعظمة مصر: متظاهرون جعلوا من جنازير الدبابات فراشهم الدافئ، وعناق حار بين الأفرول الكاكى والجلابية، وصرخة مشتاقة إلى الحنو الأبوى تهتف: مصر مصر تحيا مصر.
يجب على جنرالات الجيش أن يسألوا أنفسهم، ما أسباب أن يتحول هتاف الشباب "الشعب والجيش إيد واحدة" إلى "يسقط يسقط حكم العسكر"؟
الشعب الطيب طيبة النيل، الدافئ بأحضانة دفء الأحباب، الشامخ بالإيمان يعانق السماء، سماء مصر المملؤة بحمام أبيض من قلب الريف من أرض النيل من أرض دنشواى.
لن تضيع ثورتنا، وسننجح وننال حريتنا، لن نحرق مصرنا، لن نتنازل عن سلمية ثورتنا، لن نهين جيشنا، وسيرحل العسكر، شاءوا أم لم يشاءوا فهم راحلون. أقرب مما تتخيلون.
ثورتنا ثورة شعب.. وعاشت مصر.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود العدوي
الغضب المشروع
عدد الردود 0
بواسطة:
كنت معجب بالدكتور صفوت
انت مع مين ؟؟
عدد الردود 0
بواسطة:
سامي النوبي
شكرا أيها الرجل المخلص
عدد الردود 0
بواسطة:
نعمان
جميل ياجميل
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
ما العمل؟
عدد الردود 0
بواسطة:
ابن الإسلام
الله .. الله
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود عبد اللة
المخلص اقرب الى القلوب
عدد الردود 0
بواسطة:
وهدان
سيبك من السياسه
عدد الردود 0
بواسطة:
kareem
تعليق رقم 8
عدد الردود 0
بواسطة:
حسام
لا تغضب وكن مع شرعية البرلمان